يقظة الأمن السعودي المصرفية .. حماية لأموالنا

تمكن الجهات الأمنية في الرياض وفقاً للخبر المنشور في صحيفة ''المدينة'' في العدد 17358، من إلقاء القبض على عصابة مكونة من ستة أشخاص (أربعة من جنسية عربية واثنين من المواطنين)، اختصوا بانتحال شخصية موظفي بنوك محلية وسرقة حسابات العملاء على مستوى المملكة، بحجة تحديث البيانات، يؤكد على يقظة رجال الأمن المصرفية في السعودية، وقدرتهم على كشف المجرمين والمحتالين والنصابين من أولئك الذين سولت لهم أنفسهم الضعيفة والدنيئة الاحتيال على الناس، واستغلال حسن ثقتهم وظنهم بالآخرين، في سلب أموالهم وممتلكاتهم ومدخراتهم الشخصية.
هذه اليقظة والقدرة المصرفية الأمنية الفائقة، التي تتمتع بها الجهات الأمنية في السعودية المختصة بالكشف عن الجرائم الاقتصادية والمالية، تتطلب من جميع أفراد المجتمع مؤازرتها ومساندتها، وبالذات من قبل عملاء البنوك، بعدم التجاوب أو التفاعل أو حتى الالتفات لادعاءات هؤلاء المحتالين والنصابين الماليين والمصرفيين الواهية، وإلى محاولاتهم اليائسة في إيهام عملاء البنوك، بأنهم موظفو بنوك محلية، كلفوا من قبل بنوكهم بالاتصال بالعملاء، إما عن طريق الهاتف (الجوال أو الثابت)، أو عبر الشبكة العنكبوتية (الإنترنت)، لمطالبتهم بالإفصاح عن بياناتهم المالية والسرية الخاصة بحساباتهم المصرفية بحجة التحديث، خصوصا أن مؤسسة النقد العربي السعودي ''ساما'' والبنوك السعودية، قد حذرت عملاء البنوك في أكثر من مناسبة، بعدم الاستجابة لمثل هذه النداءات ولمثل تلك الادعاءات الباطلة، كونها تنطوي في مضمونها على أنواع شتى من عمليات الاحتيال المالي والمصرفي، التي تستهدف بنهاية المطاف الإيقاع بالضحايا من عملاء البنوك، عن طريق استغلال المحتالين السيئ لثقة العملاء بالآخرين، في الحصول على بياناتهم المالية والمصرفية، واستخدامها في القيام بتنفيذ عمليات احتيال ونصب مالي ومصرفي، كما أن ''ساما''، والبنوك السعودية قد شددوا في هذا الخصوص على عملاء البنوك، وأوضحوا لهم، أن الأسلوب الوحيد، لتحديث البيانات والمعلومات البنكية الخاصة بالحسابات، لا يتم إلا من خلال شبكة فروع البنوك، كون أن أي أسلوب آخر، قد ينطوي على عمليات احتيال ونصب مالي أو مصرفي، وخصوصا أن دليل مكافحة الاختلاس والاحتيال المالي وإرشادات الرقابة، الذي أصدرته مؤسسة النقد العربي السعودي في عام (2008)، قد أوضح أن عمليات الاحتيال تنطوي على استخدام الخداع للحصول المباشر أو غير المباشر على شكل من أشكال الاستفادة المالية لمرتكبي الجريمة.
ولأن عمليات النصب والاحتيال المالي والمصرفي، تنعكس بشكل سلبي على سمعة أي قطاع مصرفي سواء في المملكة أو في خارجها، بما في ذلك على سمعة الاقتصاد، ويترتب عليها تكبد البنوك وعملائها خسائر مالية كبيرة، فقد ارتأت مؤسسة النقد العربي السعودي في وقت سابق، القيام بحملة توعية طويلة الأجل بمشاركة البنوك المحلية، بهدف التعريف بالأساليب المتبعة وطرق الاحتيال المالي والمصرفي، التي يستخدمها المحتالون والنصابون، والآثار السلبية التي تنتج عن تلك العمليات، وبناء على ذلك فقد أطلقت البنوك السعودية في عام 2009، المرحلة الأولى من حملة توعية بمخاطر عمليات النصب والاحتيال المالي والمصرفي، التي استهدفت التعريف بالعمليات والأساليب التي يتبعها المحتالون في الإيقاع بعملاء البنوك في عمليات نصب واحتيال مالي ومصرفي، وبيان الأضرار المترتبة عن ذلك التي تلحق بهم في حالة الاستجابة معها.
من بين أبرز أساليب الاحتيال المالي والمصرفي، التي حذرت منها حملة التوعية المذكورة في مرحلتها الأولى، وفي مرحلتها الثانية التي انطلقت بتاريخ 21 حزيران (يونيو) من العام الجاري تحت عنوان: (مرتاح البال)، الرسائل الإلكترونية الواردة من جهات ومصادر مجهولة أو مشبوهة المصدر (من خارج المملكة)، والتي تطلب مثلا المساهمة في تحرير الأموال من الخارج مع الوعد بنسبة معينة من المبلغ الذي يتم تحريره، أو المكالمات الهاتفية الواردة على أجهزة الهاتف النقال، والتي تأتي بطرق وأساليب جذب متعددة للعملاء، من بينها إشعار الضحية، بالفوز بإحدى الجوائز وطلب رقم حسابه المصرفي لاستخدامه في تنفيذ عملية نصب أو احتيال مالي أو مصرفي، أو من خلال الترويج لبطاقات تخفيض لفنادق وشركات سياحية وطلب رقم بطاقة الائتمان لخصم مبلغ الاشتراك، كما قد نبهت الحملة في مرحلتيها (الأولى والثانية)، إلى ضرورة توخي الحيطة والحذر وعدم التعامل مع عروض سداد المديونيات بوسائل احتيالية، وأيضاً نبهت إلى مخاطر التفريط بالبيانات المالية، والبيانات الخاصة بالبطاقات المصرفية بشكل عام والخاصة بالبطاقات الائتمانية بشكل خاص، بما في ذلك بعمليات السحب أو الإيداع أو سداد الفواتير والرسوم من حسابات العملاء لأشخاص مجهولين. هذا، وقد تمثلت وسائل التحذير في نشرات وإعلانات من خلال الصحف المحلية، وفي استخدام رسائل الجوال القصيرة، إضافة إلى استخدام جميع وسائل الإعلام المحلية الأخرى (المرئية والمسموعة) من خلال بث برامج توعوية، ونشرات تحذير بطرق وأساليب مقنعة، بما في ذلك استخدام قنوات ومنافذ البيع المختلفة للبنوك (الفروع وشاشات مكائن الصرف الآلي)، وإلى غير ذلك من الوسائل والأدوات الأخرى العديدة.
خلاصة القول، إن نجاح جهود الجهات الأمنية المختصة في السعودية، بالكشف عن الجرائم المالية والاقتصادية، بما في ذلك الكشف عن عمليات الاحتيال المالي والمصرفي، بمساندة توعوية من قبل مؤسسة النقد العربي السعودي، والبنوك السعودية، بمخاطر مثل تلك الجرائم، يتطلب من جميع أفراد المجتمع مؤازرة تلك الجهود ومساندتها والتعاون معها، من خلال عدم التجاوب مع ادعاءات وطلبات المحتالين والنصابين تحت أي ظروف، لأن ذلك التجاوب سيقع بهم آجلاً أم عاجلاً في شراك المحتالين، وسيتسبب في تكبدهم خسائر مالية كبيرة، كما أن الامتثال لرسائل التوعية، التي تبثها البنوك السعودية عبر حملاتها التوعوية المختلفة، سيجنبهم ـ بإذن الله تعالى ـ الوقوع ضحية لعمليات النصب المالي أو الاحتيال المصرفي، الأمر الذي ستتحقق به المحافظة على أموالهم وعلى ثرواتهم الشخصية، وتجنيبها من أن تكون عرضة للسرقة أو للضياع، والله من وراء القصد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي