الرجل الأمي ودور نفتقده
تزداد مشاغلنا حتى يصبح أحدنا مجرد آلة يتحرك ولا يعطي لنفسه راحة ولا وقتا يراجع فيه أموره. ما جعلني أبدأ بهذه المقدمة أنني أعيشها ويعيشها غيري وما زلت أذكر كلام صديق قديم كان يعمل معظم يومه, فهو منذ سنوات لا يعرف الراحة فكل وقته عمل دون إعطاء أسرته حقها من الوقت حتى إنه خسر متعة اجتماع الأسرة بسبب هذه المشاغل وأصبحت حياته كلها مشكلات فضاع الحب والود بين رفيقي الحياة وأصبح الآن يعض أصابع الندم. كان ينتقل من مدينة إلى أخرى بحثا عن المال والآن أصبح يبحث عن عائلته التي فقدها بسبب اللهث وراء المال، وآخر أفرط مثل سابقه في إهمال بيته وفي النهاية تعرض لحالة نفسية ولم يعد يعرف للحياة طعما طلبت زوجته الانفصال عنه فتحقق لها ذلك وعاش أبناؤه بعيدا عنه لأن الصدمة النفسية جعلته في عالم آخر حيث قاطع الحبيب والقريب، حتى والديه لم يعد يراهما إلا قليلا, فقد اعتزل الناس ويعيش وحيداً وكأن العالم انتهى بمجرد هذا الانفصال, بل إن أسرته تعيش الألم نتيجة ذلك.
وثالث منذ عرف طعم خسارة المال اعتكف في داره مهموما مغموما أصبح يعشق العزلة وعدم الاختلاط بالآخرين, وأسرة أخرى، همها أذية الناس لا ترتاح عندما تجد السعادة على شفاه الآخرين أذاها امتد للكل ولم يسلم أحد من شرها إلا القليل ممن يقطن بجوارهم.. هل مثل هؤلاء يعيشون سعادة؟
أشك في ذلك, فهم لا يعيشون إلا حياة الحسد وأذية الناس, ولذلك ليس غريباً أن يخرج أبناؤهم متربين على فكرهم وهم يستمتعون بأذية الآخرين.
ولعل الحديث عن تلك الحالات التي تفاوتت من حيث المضمون لكنها لا تختلف عما يعيشه آخرون تأتي للفت النظر والتمعن والانتباه إلى خطر ذلك لمن يعيشون مثل تلك المشكلات ذاتها، وهم في أمس الحاجة إلى مراجعة النفس والنظر فيما حولهم وتلافي ما وقعوا فيه من أخطاء حتى لا يكونوا على شاكلة من سبقوهم.
وقفة أخرى
إن الذي ينظر إلى الوضع الذي يعيشه بعضنا يجد أنه يعيش للذته ويقضي جل وقته من أجلها ليس عنده هم يعيشه لدين مع أن هذا مطلوب, بل أمر واجب على كل مسلم ينبغي أن نضع ذلك نصب أعيننا, ولعلي هنا أتذكر قصة لرجل أمي محب لدينه ذكرها الشيخ سعد البريك كان يأخذ الكتب المترجمة من مكاتب الجاليات ويوزعها على غير المسلمين ويعطيهم هاتفه وما تمضي أيام إلا اهتدى ذلك الفرد ولحقه آخر فبعضهم كان يقرأ عن الإسلام ويقتنع بما طرح فلا يتردد في الإسلام حتى أسلم على يديه عدد لا بأس به من الجاليات المختلفة, ولذلك كان الصحابي عندما يسلم على زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتعلم دينه ثم يذهب لينشره بين الناس وكانوا دعاة انتشر الإسلام بسببهم إلى أنحاء العالم ونحن مطلوب منا أن نشعر بدورنا كمسلمين وأن علينا مسؤولية عظيمة حملها الأنبياء قبلنا لنشر الدين الإسلامي الصحيح .. فهل نسعى إلى تحقيق الخطوة الأولى التي تنقلنا إلى خطوات مهمة تدخل في قلوبنا السعادة الأبدية التي ما بعدها سعادة؟