ما الحصيلة النهائية لقمم سرت؟

> انعقدت في مدينة سرت في ليبيا يومي الثامن والتاسع من تشرين الأول (أكتوبر) الجاري قمتان استثنائيتان، الأولى عربية خالصة والثانية عربية إفريقية. القمة العربية أجمعت على أنه لا أمل في مفاوضات لا موضوع لها ولا سقفا زمنيا ولا مرجعية، وأن الدخول فيها كان إبراء للذمة واستنفادا لحجج إسرائيل وواشنطن حتى لا يتهم العرب بأنهم هم الذين يضيعون فرصاً، وهذا ما عبر عنه أبو مازن صراحة عند افتتاح هذه المفاوضات في جولتها الأولى في واشنطن أوائل أيلول (سبتمبر) الماضي، عندما قال: أدخل المفاوضات حتى لو كانت فائدتها لا تجاوز 1 في المائة. في هذه القمة أطلع أبو مازن الزعماء على تقييمه السلبي للغاية، وأصر على أن استئناف الاستيطان يوقف بشكل آلي هذه المفاوضات، فاتخذت القمة قراراً بالغ المرونة رحبت به إسرائيل وواشنطن، ويبدو أن هذا القرار استند إلى معلومات أمريكية بأن واشنطن لا تزال تبذل جهداً مع إسرائيل لعلها تفلح في تمديد مهلة وقف الاستيطان.
ولذلك كان القرار استمرار فتح باب استئناف المفاوضات إذا تم إغلاق باب استئناف الاستيطان ولو لأسابيع، وإعطاء الجهود الأمريكية فرصة. من الواضح أن الدول العربية تدرك جيداً أن الاستيطان وطرد الشعب من أرضه والتنكيل به وتهويد القدس جزء من خطة إسرائيل الكبرى، وأن العرب الآن أمام إحدى طريقين، إما التصدي بكل الطرق لهذه الخطة مما يتطلب حرمان إسرائيل من مزايا علاقاتها العربية، وإما استمرار التراجع أمام المخطط الإسرائيلي مع استمرار التهويد والبناء وشقاء الشعب الفلسطيني حتى يشهد العالم قمة المأساة، ولكن هذا العالم لا يحترم هذا المنطق المثير للإشفاق، وبذلك يرتسم التحدي الحقيقي أمام العالم العربي: هل هو مستعد للتضحية بضياع فلسطين مقابل تفادي الصدام مع إسرائيل والولايات المتحدة أم أنه عند نقطة معينة سيعيد الصراع سيرته الأولى في أوضاع مغايرة؟
أما الموضوع الآخر الذي انشغلت به القمة العربية فهو تطوير مؤسسات العمل العربي المشترك وتحويل الجامعة إلى اتحاد رسمي أو شعبي أو الإبقاء عليها مع إصلاح ما يلزم من هيئاتها وأدوات العمل فيها. أعتقد أن القضية الأساسية التي تسبق التطوير أو الاستبدال هي هل هناك إرادة للعمل العربي المشترك بشكل فاعل؟ إذا وجد فإن زخم العمل سيوجد آلياته المناسبة.
القمة الإفريقية العربية كانت نتائجها أكثر وضوحاً، ربما لأن موضوعها ليس موجها مباشرة أو متصلاً بإسرائيل والولايات المتحدة وإن اتصل بكارثة من نوع مختلف عن ضياع فلسطين، وهو وحدة السودان في مواجهة ما ينتظره من مفاجآت أولها فصل الجنوب ثم تتلوها فصول أخرى داخل السودان والمنطقة يحذر من عواقبها كل المراقبين.
الإطار العربي الإفريقي هو القادر على المحافظة على وحدة السودان إذا كانت المشكلة ليست تفتيت السودان، وإنما صياغة علاقة مقبولة بين جنوبه وشماله السودانيين، وعلى تفويت الفرصة على تصنيف الخلاف على أنه عربي شمالي ضد إفريقي جنوبي مما ينسف فكرة التعاون العربي الإفريقي من أساسها. نتمنى أن تنجح جهود احتواء الخلاف الذي يرى البعض أن الحديث عنه قد فات وقته، ولكن النضال في سبيل إنقاذ وحدة السودان يستحق كل الجهد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي