بعد أن وقعت الفأس في الرأس.. سوق الأسهم في مفترق طرق

<a href="mailto:[email protected]">Fax_2752269@yahoo.com</a>

أستطيع أن أرجع سبب انخفاض مؤشر سوق المال الذي بدأ الأسبوع الماضي، إلى ثلاثة عوامل مهمة: الأول يتمثل في انهيار ثقة المتعاملين في السوق والثاني وصول أسعار معظم الشركات إلى مستويات غير مقبولة والعامل الأخير يتمثل في الخلل الواضح في هيكل السوق وأعني بذلك سيطرة عدد محدود من المتعاملين على أغلب التداولات التي تتم من خلاله، وجميع تلك العوامل أسهمت في عجز قوى الطلب (السيولة) عن مجاراة قوى العرض الهائلة، الأمر الذي تسبب في انخفاض شديد في الطلبات وتكدس في العروض وانخفاض شبه عمودي لأسعار جميع الشركات.
ولا شك أن ما تمر به السوق اليوم يمثل صدمة كبيرة لكثير من المتعاملين وخصوصاً الأفراد منهم الذين اقترض معظمهم من البنوك التجارية بغرض تحسين أوضاعهم المالية وتحقيق أحلامهم وآمالهم المستقبلية، وهذا ما حذرت منه في وقت سابق عندما تجاوزت أحجام القروض الاستهلاكية رقم الـ 120 مليار ريال أغلبها تم اقتراضه من أجل استثماره في سوق المال.
وبعد أن وقعت الفأس في الرأس كيف يمكن وصف ما حدث منذ بداية الأسبوع الماضي وحتى اليوم؟ وما التوقعات المنتظرة خلال الأيام المقبلة؟ تلك أسئلة تلح على الكثيرين من المتعاملين سأحاول أن أتناولها بشيء من التفصيل فيما يلي:
أولاً: ما حدث من هبوط كبير للمؤشر والأسعار لا ينطبق عليه مصطلح التصحيح من وجهة نظري لأنه كان شاملاً لجميع الشركات ومنها ما يسمى لدى الكثيرين شركات العوائد وأهمها البنوك والأسمنتات وسابك والتصنيع وغيرها، أيضا فقد كان الهبوط عموديا وهذا ما يثير الانتباه، إضافة إلى أنه ترافق مع انخفاض كبير في حجم التداول بسبب انخفاض الطلبات بشكل كبير، وأرجع السبب إلى العامل النفسي والهاجس الداخلي لدى كثير من المتعاملين بأن السوق بصدد تصحيح كبير وكان أغلبهم يحاول أن يكذب حدسه لأن السوق أثبت أنه يتجه عكس التوقعات، ولا سيما أن التصحيح كان منتظراً قبل عدة أسابيع ولم يحدث.
ثانياً: الوضع الحالي يتجاذبه عاملان: الأول نفسي وهو المهم ويتمثل في إحجام المتعاملين عن الشراء خوفاً من استمرار هبوط السوق ولعدم قناعة شريحة مهمة منهم بقوته والثاني انخفاض حجم السيولة المتوافرة لدى كبار المضاربين الذين كانوا يحركون السوق في وقت سابق، وهذا سيؤدي إلى عجز السيولة المتوافرة في انتشال السوق عن طريق شراء كميات كبيرة من الأسهم التي يعرضها الصغار بالتحديد وهذا بدوره سيجعل السوق يدور في حلقة مفرغة (كميات عرض كبيرة يقابلها نقص في السيولة) حتى تصل الأسعار إلى أرقام مغرية جداً أو أن تتدخل قوى من خارج السوق لتدفعه إلى الأمام حتى يستعيد المتعاملين الثقة وتتوافر تبعاً لذلك السيولة التي تتمكن من إعادة توازن قوى العرض والطلب.
ثالثاً: مستقبل السوق لا يبدو قاتماً بالمرة وإنما يحتاج إلى وقت كاف لكي تعود معنويات المتعاملين إلى سابق عهدها وربما نشاهد في هذا الأسبوع تذبذباً عالياً يتناقص بالتدريج حتى يصل إلى نقطة عودة الثقة لدى كافة شرائح المتعاملين، إلا أن هناك عوامل أخرى قد تؤثر سلباً على الأسعار إذا ما طالت مدة التذبذب والانخفاض المستمر في أسعار شركات المضاربة بالتحديد، ومن أهمها تهافت عدد كبير من المستثمرين لتسييل استثماراتهم التي تدار عن طريق الصناديق لأن هذا سيؤدي إلى موجة بيع أخرى قد تسهم في حدوث ما يمكنني وصفه بالانهيار الخطير للمؤشر والأسعار سيتطلب وقتاً طويلاً لمحو آثاره.
رابعاً: هناك نصائح ربما تفيد في عودة الثقة للسوق بسرعة وأهمها سحب طلبات البيع لكي يتمكن من يمتلك السيولة، على قلتها، من رفع الأسعار وهذا لن يتحقق ما لم يكن هناك شعور عميق بالمسؤولية من قبل شريحة كبيرة من المتعاملين، لذا فقد يكون من المناسب للمتعاملين كافة الدعوة بشكل كبير لتحقيق هذا الأمر عن طريق وسائل الاتصالات المتوافرة ومنتديات الإنترنت وعن طريق كبار المحللين الماليين وكبار المستثمرين أيضا.
خامساً: هناك من يعتقد أن السوق سيعود إلى مستويات الأسعار السابقة بسرعة وهذا لا أميل إليه ولا أعتقده لسبب بسيط وهو أن الأسعار القياسية التي وصل إليها معظم الشركات قبل الهبوط هي أسعار مبالغ فيها وستجعل كثيرا من المضاربين الكبار يعيدون النظر في أساليبهم السابقة التي كانت تقوم في الأساس على ر فع الأسعار، ولاسيما أن نسبة التذبذب الجديدة لن تساعدهم في تحقيق هذا الأمر، وستكون الطريقة المتاحة أمامهم للمحافظة على مكاسبهم رفع حدة التذبذب في التعاملات اليومية والمحافظة على تحقيق ارتفاعات معقولة تساير المحفزات ولا تتجاوزها كما كان يحدث.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي