مبادرة «البرودباند» تكامل لتعجيل التنمية

التنمية المستدامة هدف تسعى حكومة خادم الحرمين الشريفين إلى تحقيقه من خلال توظيف كل قدرات القطاعين الحكومي والخاص ومؤسسات المجتمع المدني، وكما هو معلوم فإن توافر قوى بشرية وطنية مؤهلة وعلى قدر عال من الكفاءة والإنتاجية شرط ضروري لتحقيقها, خاصة في ظل سيادة اقتصاديات المعرفة, حيث تعتبر الموارد البشرية وعاء المعرفة ومنتجها.
ولقد أدركت الدول المكاسب التي يمكن تحقيقها من خلال مواكبة التطورات المتلاحقة التي يتميز بها عصر المعلومات والتفاعل مع مقوماتها، ومن ذلك توافر ''البرودباند'' أو الإنترنت ذي النطاق العريض في المجتمع وما يلعبه من دور في تحفيز النمو الاقتصادي وخلق خدمات جديدة في المجالات الخدمية والإنتاجية كافة, وأثر ذلك الكبير في توفير القوى البشرية الوطنية المؤهلة ذات الكفاءة والإنتاجية من خلال نفاذها لجميع مواقع المعلومات والمعرفة والتعليم والتدريب, فضلا عن المواضع الحكومية وغيرها, كما دلت على ذلك العديد من الدراسات الدولية في هذا المجال.
وبالنظر لواقع المملكة وما تبذله من جهود في مجال تطوير قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات, يتضح أن هناك تحديات تعوق الاستفادة من خدمات البروباند، منها محدودية انتشارها في بعض مناطق المملكة, خاصة في المناطق الريفية والمناطق النائية, وضعف المنافسة في تقديم خدماتها وارتفاع أسعارها، ومن هذا المنطلق دعت الحاجة إلى إعداد استراتيجية وطنية لتحفيز نشر النطاق العريض على مستوى المملكة وزيادة الاستثمار والمنافسة فيه وتخفيض تكلفته من خلال أهداف واضحة ورؤية بعيدة المدى وتحديد دور القطاعين الحكومي والخاص لتذليل الصعوبات التي قد تعوق تحقيق هذه الاستراتيجية.
مجلس تنافسية الاتصالات وتقنية المعلومات, الذي يضم في عضويته ممثلين عن الهيئة العامة للاستثمار وبرنامج الحكومة الإلكترونية ''يسر''، مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، مجلس الغرف التجارية، مجموعة الملز، شركة الاتصالات السعودية، شركة اتحاد اتصالات ''موبايلي''، اتحاد الاتصالات المتكاملة، شركة سيسكو، شركة ميكروسوفت وشركة هيولت باكرد وترعاه هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات ويموله مركز التنافسية الوطني, وتنفيذا لاستراتيجية نشر البرودباند في المملكة أطلق مبادرة ''مؤشر انتشار البرودباند'', التي تهدف إلى قياس حجم التقدم في سرعة نمو انتشار (البرودباند) في كل من المناطق الـ 13 في بلادنا من خلال إجراء مسح لمزودي خدمات البرودباند في المملكة لرفع مستوى استخدام البرودباند من خلال رفع الوعي ومستوى الاهتمام لدى الرأي العام وصناع القرار بأهمية البرودباند ومدى تأثيره في الإجراءات الحكومية، ومستوى التعليم، والتنمية الاقتصادية في المملكة، وتحفيز الجهات كافة ذات العلاقة بضرورة الاهتمام بانتشار هذه الخدمة وإزالة العقبات كافة التي تواجه تقدمها، والمساعدة على تهيئة السوق على التعامل مع الجيل القادم من المنتجات والخدمات والتطبيقات التي تشمل ولا تقتصر على التجارة الإلكترونية والتعاملات الإلكترونية والتعلم عن بُعد، إضافة إلى المساهمة بشكل جوهري في تقليص الفجوة الرقمية في المملكة مقارنة بالدول المتقدمة وبين مناطق المملكة وبين شرائح المجتمع، وبالتالي الانتقال بالمملكة إلى مجتمع المعلومات والمعرفة.
ولا شك أن هذه المبادرة سيكون لها أثر قوي ومباشر في توافر واستخدام البرودباند, وبالتالي في تنافسية بلادنا وتنميتها اقتصاديا وعلى مستوى التعليم في المجتمع, كما تشير الدراسات الدولية, التي تؤكد أن التأخر في نشر خدمة البرودباند يؤثر في الاقتصاد الوطني ويعوق الانفتاح الاقتصادي على الأنظمة التجارية ويحول دون تطوير القدرات التنافسية, وبالتالي بناء اقتصاد المعرفة, الذي هو عصب التقدم في وقتنا الحالي, على اعتبار أن مستوى انتشار خدمة البرودباند يعد من أساسيات بناء الاقتصاد الرقمي وتطوير قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات ورفع مستوى المنافسة على الصعيدين الوطني والدولي.
كلنا أمل أن تعزز هذه المبادرة الوطنية بناء شبكات البرودباند ونشرها في أرجاء المملكة كافة وتيسير النفاذ لها لكل القطاعات الإنتاجية والمواطنين, وهو الهدف الكبير الذي تسعى المملكة إلى تحقيقه من خلال مشاركة القطاعات العامة والخاصة كافة لما لذلك من فوائد كبيرة, منها الأثر الإيجابي للاستخدام الفاعل للبرودباند في نمو الإنتاجية ـــ المحرك الرئيس للنمو الاقتصادي ــ التي تعتبر مقياسا لمدى فاعلية الشركات في تحويل المدخلات إلى منتجات وخدمات، والمساعدة على تجسير الفجوة الرقمية لأنه لا ينحصر فقط في النفاذ إلى الإنترنت, إنما يتجاوز ذلك وينعكس على تحسين الخدمات الطبية والتعليمية والخدمات الإلكترونية الحكومية وبناء الطاقات البشرية، والأثر المباشر في الاقتصاد الوطني من خلال تطوير التعاملات البنكية والتجارة الإلكترونية والأعمال الإلكترونية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي