منع نقل الكفالات
عندما تأسس مكتب الاستقدام في وزارة الداخلية، قبل أكثر من 35 عاما، كان يرأسه اللواء المحمود - رحمه الله - حيا أو ميتا، ومكتب الاستقدام في الرياض في ذلك الحين كان يخدم جميع مناطق المملكة المترامية الأطراف، وما زلت أتذكر في ذلك الوقت عندما كان بعض الأصدقاء القادمين إلى الرياض من إحدى المناطق بهدف طلب الحصول على العمالة أنهم متذمرون، وعلى وجوههم علامات الألم والحزن وعدم الرضا، وسألتهم عن الأسباب فأجابوا بأن مكتب الاستقدام يرتاده عدد هائل من البشر وطوابير طويلة تبدأ من بعد صلاة الفجر إلى إغلاقه عند أذان الظهر، ما يتسبب في إغماء بعض الناس بسبب طول الوقوف، وقالوا إنهم اقتربوا من الشباك ولم يبق أمامهم إلا اثنان فقط عندما تم إغلاقه بحجة وقت الصلاة وأنه طلب منهم العودة في اليوم التالي، والله أعلم ماذا سيحدث؟
فذهبت ثاني يوم إلى مكتب الاستقدام، رغم أنه لم تكن لي حاجة عندهم، ولكنني أردت أن أحاول تقديم بعض الملاحظات والآراء فوجدت موظفا خلوقا مسؤولا في الاستقدام في ذلك الوقت، (انتهت الآن خدمته قبل فترة بمنصب مديرعام الاستقدام، وهو الأخ علي بن سعيد، الذي من خلال تلك الزيارة أصبح صديقا حتى هذا اليوم)، وناقشته في الموضوع وقدمت له آرائي ومقترحاتي المتضمنة تأمين الجلسات اللازمة للناس وإعطاءهم أرقاما متسلسلة وعدم إيقافهم في هذه الطوابير، وقد تجاوب معي وأفادني بأن هناك اجتماعا سيعقد في اليوم التالي بينه وبين وكيل وزارة الداخلية، ومدير عام مكتب العمل، وستعرض عليهم هذه المقترحات، وفعلا تم عرضها واقتنعوا بها وطبقت وبدأت تتطور تدريجيا الخدمة حتى تم فتح مكاتب أخرى للاستقدام في أرجاء المملكة.
وقبل عدة أيام وفي إحدى الصحف المحلية فوجئت بأن لجنة الاستقدام تحذر المواطنين من الوقوع في فخ نقل كفالة العاملات المنزليات - الخادمات - ويشرحون الأسباب التي يبنون تحذيرهم عليها، وقد وجدت أن تلك الأسباب والحلول بأيديهم هم أنفسهم. لذا فإنني أضع بين يدي أعضاء هذه اللجنة مقترحا وهو التفكير الجدي لإلغاء نقل الكفالة كليا، وتسهيل منح الناس ما يحتاجون إليه من تأشيرات بآلية جديدة مثلما هو معمول به في دول الخليج الأخرى، فنكون بذلك قد قطعنا الخط على المتلاعبين والمتاجرين، فإذا كان طالب الاستقدام حصل على ما يريده من الخدم بضوابط محددة، وفي الوقت نفسه تم منع نقل الكفالة، فالذي يفكر في الاستقدام من أجل المتاجرة سيتراجع وتنتهي المتاجرة.
وكذلك الذي يتم تحذير الناس من الوقوع فيه قد انتهى، ويكون قد حصل على ما يريد دون الوقوع بين يدي المتلاعبين والمتاجرين إذا وجدوا، بهذا سننهي كثيرا من المهازل التي استمرت وقتا طويلا، ولم تجد أي علاج، فإذا كنا نخشى أن الناس يستقدمون أعدادا كبيرة من العمالة المنزلية دون الحاجة إليها، فهذا غير صحيح، لأن من يستقدم الزيادة هو من يقصد المتاجرة بها، وهو الذي قطعنا عليه الطريق بمنع نقل الكفالات أو تشغيلها برواتب عالية لدى المواطنين المضطرين، وبطريقة غير نظامية، ونكون قد أزحنا حملا كبيرا عن الأجهزة الأمنية وإدارات الجوازات التي تتلقى يوميا مئات الطلبات التي تتضمن تبليغا عن عمالة هاربة، ونقل كفالات ومتابعات...إلخ.
وإذا قدر وتم سن قرار منع نقل الكفالات سيعلم العامل المنزلي المستقدم أن ليس له طريق أو حل سوى العمل لدى كفيله أو العودة لبلده، وفي حالة سفره لبلده ورغبته في العودة للعمل لدى كفيل آخر، فلا مانع دون وجود أي جنحة أو جريمة تمنعه من العودة، بشرط يكون سفره من أجل الاستغناء عنه، وليس لأن العامل هو الذي تمرد وطلب ذلك، وفي هذا قطعا لإغراء العمالة برواتب أكبر ومضايقة الكفيل الذي غامر في استقدامه وتدريبه، وبهذا نكون منعنا الارتفاع غير المدرج في الأجور، خاصة وأنا أسمع بأن الأمر وصل في بعض ضعاف النفوس إلى تسليط خدمهم عند مواقف المدارس لإغراء خدم الآخرين، سواء بنقل كفالاتهم أو بطلب السفر والعودة إليهم، وكذلك يمنح المواطن فترة من الزمن محددة لتجربة العامل وفي حالة أنه غير مناسب للعمل يسفره، ويكون خلال هذه الفترة معفى من الرسوم، إلا في حالة أن العامل أكمل عامين.
وإذا أقر مثل هذا المقترح يمكن أن تسن معه أنظمة وآليات جديدة تتضمن عقوبات صارمة على المخالفين.
أنا بعيد عن مكتب الاستقدام، وليس لي أي تعاملات معهم، ولكنني سمعت أن المشكلة، التي تم علاجها عند تأسيس المكتب وبالإمكانات الضعيفة في ذلك الوقت بالذات من وجود طوابير المراجعين .. هذه المشكلة، تتكرر الآن رغم الإمكانات الكبيرة المتوافرة اليوم من التكنولوجيا والإنترنت. إنني أتمنى إيجاد حلول تريح المواطن، وهي سهلة وممكنة في الوقت الحاضر، وهذا ما يوجه به دائما خادم الحرمين الشريفين، ملكنا المفدى، حفظه الله، بضرورة تسهيل أمور المواطنين، والحقيقة لو أردنا دعم هذا الحل بالحل النهائي والأكبر والأمثل، فهو تفعيل شركة الاستقدام المقترحة وإشراك مكاتب الاستقدام ورجال الأعمال والمواطنين فيها لمن أراد ذلك لتكون من الشركات الفاعلة والمسؤولة عن كل الأخطاء ومطلوب منها عمل الحلول والاتصال بالمسؤولين في حالة الاصطدام بأي خلفيات تطرأ بعد تأسيسها.