هيئة سوق المال والدور المقبل
رغم أننا نحمّل هيئة سوق المال الكثير من المسؤوليات نظير ما يحدث في السوق السعودية للأسهم حتى الآن, سواء من خلال ما يحدث من إدراج للشركات الجديدة, أو من خلال المضاربين وممارساتهم أيا كانت, أو القفز الهائل للأسعار وبالنسب العليا لأيام متواصلة, أو من خلال استكمال الأنظمة واللوائح الخاصة بالسوق, وغيرها من المسؤوليات التي تطرح دائما على الهيئة, ورغم أنني كتبت ولعدة مرات منذ نشأة هيئة سوق المال, سواء بالنقد أو الإشادة للهيئة, إلا أننا يجب أن نكون أكثر موضوعية وواقعية. إن النقد هو بهدف توضيح وكشف بعض ما يحدث في السوق ومتغيراتها, ليس لنا أي هدف غير هذا, إننا نبحث عن سوق عادلة ومتوازنة وآمنة لحماية الجميع من أي كوارث قد تحدث مستقبلا من هذا التضخم الكبير للأسعار بلا أي منطق خاصة للأسهم الخاسرة والمضاربة اليومية. لم يكن لنا أي هدف خاص مع الهيئة أو مَن يتولى مسؤولية هيئة سوق المال سواء رئيس هيئة سوق المال أو غيره من المسؤولين في الهيئة.
نقدر كل جهد مبذول, والعمل لليال وجهود أيام وأشهر, وتلمست بعض ما يتم من الهيئة, برغم أنها لا تتفاعل مع طرحنا أو حتى تقدم لنا، كإعلاميين، دعوة لنرى ما يتم ويحدث, بمعنى أننا ككتاب وإعلاميين متخصصين في هذا الجانب ندرك حجم المسؤولية الكبرى على عاتق الهيئة, وهي تحتاج إلى الوقت وأكررها الوقت, لكي تكتمل جميع أنظمتها ولوائحها, لكي تكون مطبقة على أرض الواقع. أدرك تماما أن الهيئة ليس عليها وزر تأخر أي شركة لم تطرح للاكتتاب أو لم تدرج، فالكرة في ملعب الشركات. وأدرك أن الهيئة هي الأكثر حرصا على اقتصاد الوطن وأموال مواطنيه. وأدرك أن الهيئة هي مكمل للحركة والنشاط الاقتصادي لدينا, فلا يوجد اقتصاد وطني معتبر في أي دولة حضارية دون هيئة سوق مال تضبط الأسواق وتدير الكثير من السياسات المالية والنقدية مع التنسيق والتزامن مع وزارة المالية رغم الاستقلالية, ولكن يجب ألا نحمل هيئة سوق المال أكثر مما تحتمل من عبء على السوق. يجب أن نضع الكرة أيضا أمام المتداولين في السوق وأقصد بها سوق الأسهم, فليس من ضروريات الهيئة أن تتدخل لكبح سعر أي شركة في المضاربات إلا إذا تجاوزت القانون أو حدث تلاعب, أو تمنع من تدافع المتعاملين باعتبار أنها سوق حرة، لكن من مهامها سن القوانين واللوائح التي تحمي السوق والمتعاملين, وأيضا التوعية والتي ما زالت مستمرة, فجهد هيئة سوق المال لا يقوم على عاتقها بالكامل بل هناك إعلام له دور مهم, وكل مَن يكتب ومتخصص في هذا الجانب, أو أي وسيلة إعلامية.
هنا لا أقف في موقف المحامي أو المدافع عن هيئة سوق المال, بل انتقدنا وأشدنا, ولكن الهدف الأساسي والوحيد هو النقد للتوضيح وتصحيح أي تجاوزات أو خلل قد يحدث في السوق, وهي وجهة نظر مَن يكتب, وليس بالضرورة الجزم بصحتها, وأن أهم الأهداف ألا يحدث أي تجاوزات قد تهوي بالسوق, وأننا نبحث عن تطبيق كل الأنظمة واللوائح وتشريعات الهيئة في السوق السعودية, حتى تكون أكثر توازنا وعدالة, ولا تحدث أي كارثة، لا سمح الله. ليس من النهج هو النقد للنقد, أو البروز أو غيره, فمجالات ذلك كثيرة, وحين ننتقد فهو نقد خالص وصادق من القلب, وبعيدا عن أي تأويلات أو تفسيرات لا تعني شيئا, فإن أصبنا فهو ما تبحث عنه الهيئة وتتداركه وتصححه, وإن أخطأنا فهو اجتهاد يستلزم التوضيح من الهيئة, وهي في النهاية مصلحة وطن ومواطن فقط لا غير, ولا يبنى عليها أي مجد شخصي أو ذاتي, باعتبار أن الرابحين هم الجميع وليس أشخاصا بعينهم, وننتظر من الهيئة الكثير، وهي تقدم الكثير، بكل موضوعية.