والله زوجتي
قضية الشاب الذي تم القبض عليه في المدينة المنورة بتهمة وجود سيدة معه أفاد الشاب خلال التحقيق معه بأن هذه السيدة هي زوجته ولم يتم الاستماع إلى إفادته من قبل من قاموا بالتحقيق معه مما ساهم في نشوب خلاف حاد أدى إلى عراك انتهى بالشاب إلى الحبس ثم أطلق سراحه بأمر من أمير المنطقة، قضية تتكرر فيتكرر ما بعدها من خلاف حول أسلوب بعض منسوبي الهيئة، فتيار تجده ينتصر للهيئة ويؤكد موقفها وصواب ما قامت به وتيار آخر يعارض ذلك الموقف وينتقد التشكيك الدائم في الناس بحيث لا يمكن للإنسان أن يخرج مع زوجته أو أخته أو والدته إلاّ ولديه ما يثبت هذه العلاقة الشرعية بعداً عن أي خلاف يمكن أن يحدث مع أي جهة.
وعلى الرغم من الجهد المشكور والعمل الدؤوب الذي تقوم به الهيئة في مدن المملكة كافة وعلى الرغم من الإنجازات التي حققتها في كثير من المجالات فإن هناك بعض السلبيات تقع من بعض الأفراد تشوه تلك الصفحة المشرقة من الإنجازات وفي مقدمتها معاقبة المتأخرين عن الصلاة أو المتواجدين مع نساء في مكان عام بدعوى الاختلاط أو حتى من يجدونه مع امرأة في مكان عام بتهمة الخلوة غير الشرعية، فهذه المخالفات تعد من أكثر المخالفات التي يثار حولها الخلاف بالنسبة لنشاط الهيئة وهي من أكثر ما ينشر في الصحف وما يتم التعليق عليه، خصوصاً إذا تطورت مثل هذه الأحداث وصاحبها اشتباك بالأيدي أو ضرب أو مطاردة أدت إلى حوادث مؤلمة.
ولا شك أن مجتمعنا مثل باقي المجتمعات فيه المخالفات المختلفة، التي للهيئة دور مشكور في الحد منها ولكن ما سبق ذكره من مخالفات تحديداً يحتاج من الهيئة إلى أسلوب عصري وتغيير منهجي وتطوير فكري لمن يقوم برصد تلك المخالفات، إذ إن الأسلوب الذي يتم معالجة هذه المخالفات من خلاله اليوم قد أثبت فشله وأصبح ضرره أكثر من نفعه، فتخيل لو أنك مع زوجتك في السيارة وفوجئت بأحدهم يقوم بإيقافك ويقول لك اثبت أن هذه المرأة هي زوجتك وليس لديك كرت العائلة أو حتى لو كان لديك كرت العائلة فكيف يتم التعرف على أن من في الكرت هي من بجوارك عندها أعتقد بأنك لن تجد طريقة سوى أن تحلف بالله أنها زوجتك ومع ذلك قد لا تكفي هذه الطريقة أيضا مع البعض.
وعلى الرغم من قناعتي بوجود العديد ممن يقومون بمرافقة فتيات وسيدات لا علاقة شرعية تجمعهم، إلا أن القبض على مثل هؤلاء ينبغي ألا يكون على حساب الأبرياء ولا على حساب حريتهم وكرامتهم، خصوصاً إذا تم التعامل مع مثل هذه المواقف بأسلوب تقليدي يملؤه الشك وسوء الظن مما يجعل كثيرا من الأبرياء يخرجون عن طورهم فقد تثيرهم طريقة السؤال وأسلوب الحوار بل إن البعض قد يعترض على المبدأ نفسه فيرفض السؤال مما يثير حفيظة مسؤول الهيئة وتبدأ بعدها المعركة.
إن مبدأ المساءلة مبدأ جميل والمقصد لا خلاف عليه والحرص على أن تسود المجتمع الفضيلة والخير أمر يرغبه الناس والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مقصد شرعي من مقاصد الشريعة لكن تبقى القضية في الأسلوب والطريقة التي يستخدمها البعض في معالجة مثل هذه المخالفات مما يجعل القضية تخرج عن إطارها الحقيقي وتدخل في نفق آخر يشكك في مصداقية الجهاز بأكمله وجدوى وجوده.
ولذلك فإننا نحتاج إلى وضع منهج واضح نسعى من خلاله إلى تقريب وجهات النظر في الطريقة والآلية التي يجب أن تعالج بها المخالفات السابقة من ذلك إمكانية أخذ بيانات المشتبه به وطلبه بعد ذلك للاستفسار منه عن الموقف وغيرها من الحلول الأخرى التي يمكن أن نصل إليها من خلال دراستنا للكثير والكثير من المشاكل المشابهة ووصولنا لحلول لمثل هذه المخالفات سيساهم ليس فقط سعياً نحو الفضيلة بل وكذلك حفظاً للوحدة الوطنية وتقليل أوجه الخلاف الذي نحن في غنى عنه.