إيجابيات نظام الرهن العقاري

يفرض معدل نمو السكان العالي في بلدنا عددا من التحديات الاقتصادية الجادة في مجالات الإسكان والتعليم والخدمات الصحية وخدمات المنافع العامة. ويقتضي المنحى الذي تأخذه هذه التحديات سرعة التصدي لها ببرامج وخطط فاعلة ذات أهداف كمية قابلة للقياس والمتابعة والمراقبة، وإلا تحولت ــ لا قدر الله ــ مع التراخي وعدم تقدير حجم خطورتها إلى تحديات ومشكلات اجتماعية وأمنية قد يصعب التعامل معها في مرحلة ما! ولعل من أهم هذه التحديات الفجوة الحادة بين حجم الطلب على المساكن وحجم المعروض منها. فنحن نعاني هذه المشكلة وعدد سكاننا عند 22 مليون نسمة, فكيف سيكون حالنا عندما يتضاعف السكان إلى نحو 45 مليون نسمة بعد 20 عاما؟
قبل عشر سنوات كتبت لولاة الأمر ــ حفظهم الله ــ عن مشكلة الإسكان تحديدا، واقترحت تبني إجراءات جديدة تتعلق بتمويله تتخطى القدرات المحدودة لصندوق التنمية العقاري. مشكلات الإسكان متعددة وأهمها مسألة توفير التمويل بتكاليف معقولة على فترات زمنية طويلة كما يجرى في كثير من دول العالم. ولن يتسنى ظهور مؤسسات تمويل تقوم بهذا الدور دون وجود نظام للرهن العقاري يضمن حقوقها. وفي مقالة الأسبوع الماضي وضحت أن نجاح هذا النظام يستلزم أيضا تبنى خطوات مساندة لا تقل أهمية عن النظام ذاته.
الطريق السليم لحل مشكلات الإسكان والحد من معاناة الناس من ارتفاع أسعار الشراء والاستئجار يتمثل في تبنى الإجراءات التي تضمن زيادة العرض وسرعة تحقيق التوازن بينه وبين الطلب الكبير. ومنها توفير التمويل لشركات التطوير العقاري وللأفراد، ووضع قواعد جديدة لكيفية تسعير الأراضي والوحدات السكنية والإيجارات وعمولات مكاتب العقار وإدارة الأملاك، وتفعيل قوانين حماية الملاك من مماطلات المستأجرين، وتشجيع الوزارات والمؤسسات والشركات الكبرى على تبنى نظام لتوفير المساكن لمنسوبيها بضمان دخولهم، ونحو ذلك من الإجراءات التي تساعد في زيادة عرض المساكن إجمالا. إن الأخذ بهذه الإجراءات وسواها وأهمها تبنى نظام الرهن العقاري سيحقق بحول الله فوائد جمة من أهمها:
1 ـ سرعة إعادة التوازن بين العرض والطلب في هذا القطاع الحيوي للحد من ارتفاع تكاليف شراء العقارات والإيجارات.
2 ـ ستشهد السوق العقارية تغيرات في نوع الطلب نحو شراء وحدات سكنية متنوعة تتناسب مع حاجات الناس والفئات العمرية الجديدة مثل الشقق الصغيرة معتدلة الثمن.
3 ـ وجود نظام يضمن الحقوق سيشجع ظهور سوق جديدة لبيع المحال التجارية في المجمعات التجارية الكبيرة، واستفادة الملاك والمطورين بتحريك السيولة وعدم بقاء الأموال مجمدة في أصول كبيرة، حيث يمكنهم هذا من تطوير مناطق جديدة.
4 ـ ارتفاع عدد تحالفات الشركات الوطنية والأجنبية بهدف الاستثمار في السوق السعودية خاصة في مجال البناء والتطوير والتمويل.
5 ـ عودة المصداقية والوضوح والعدالة للمعاملات في أنشطة سوق العقار والإسكان.
6 ـ إيقاف تجميد بيع المخططات السكنية رغبةً في رفع أسعارها، والقضاء على الأراضي الفضاء داخل المدن.
7 ـ سهولة حصول المواطنين على وحدات سكنية في المشاريع الجديدة الخاصة بتطوير المناطق العشوائية التي يجرى تطويرها في جدة ومكة، أو في مناطق المخططات الجديدة داخل النطاق العمراني في جميع أنحاء المملكة.
8 ـ ستشهد السوق استقرارا في الأسعار في جميع مناطق المملكة، ويتحقق للمجتمع مستويات أعلى من الأمن العقاري.
ما زلت أؤمن بقوة أن مشكلاتنا في جوانب كثيرة منها هي مشكلات تنظيمية وإدارية أكثر منها مشكلات اعتمادات مالية أو مساعدات حكومية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي