مطلوب.. سباك سعودي

منذ أكثر من عشر سنوات والحديث مستمر عن حجم المبالغ المالية المحولة إلى الخارج من العمالة الوافدة (المقيمين) التي يعتبرها البعض رقما فلكيا (أكثر من 150 مليار ريال سنويا) يجب أن يبقى في البلد، في حين أن الإنصاف يقتضي القول: إن هذه المبالغ هي عرق جبين ضيوف بلدنا الذين استقدمناهم بمحض إرادتنا، ومن حقهم تحويلها للمكان الذي يريدونه.
إننا قبل الانشغال بحجم المبالغ التي تحول إلى الخارج و''الدق على هذا الوتر كل يوم وليلة'' علينا العمل على تهيئة أياد تعرق لتنالها، وعقول تحترم المهنة وتقتنص الفرص بدلا من النوم في أحضان البطالة، علينا تهيمن العقول بدلا من العمل على سعودة الوظائف. الشهر الماضي عشت ''حالة تنموية'' – إن كانت التسمية - على مستوى أسرتي، حيث عملت على ترميم أجزاء من منزل العائلة القديم، اضطررت معه إلى صرف أكثر من 60 ألف ريال لم يذهب منها ريال واحد إلى شخص سعودي. أقولها بمنتهى الدقة لم تذهب هللة واحدة إلى عامل أو مقدم خدمة من أبناء بلدي حتى ولو على مستوى توصيل المواد من السوق إلى المنزل بالسيارة على الرغم من أن كل شاب على الأقل يملكها وبإمكانه الاستفادة منها في مشاوير صغيرة توفر عليه قيمة وقودها الذي ينتزعه من جيب والده أو من شنطة أمه وقوت أخوانه. كان معلم البناء بنجاليا وقد تقاضى نحو سبعة آلاف ريال عن عمل لم يستمر أكثر من 20 يوما، لم يكن خلالها يعمل بشكل مباشر بل يدير مساعدين من أبناء جلدته كعمالة تعمل لديه. أما عامل الأبواب والنوافذ فكان باكستانيا تقاضى أكثر من البنجالي بقليل، ومثلها تقاضى مواطنه عامل البويه. أما عامل الديكور فكان مصريا وتقاضى نحو ثلاثة آلاف ريال عن عمل لم يستمر أكثر من ثلاثة أيام ولم يحتج إلى أي خبرة أو كفاءة، بل إني لو كنت أعرف أن تركيب الديكورات بهذا الشكل لقمت بها بنفسي. وهكذا بقية أعمال البناء في بقية أرجاء وطني الذي يعيش ثورة تنموية لا مثيل لها في كل شيء حتى في مسار إيراداتها التي تعيش نصف سكان القارة الآسيوية – اللهم لا حسد. قد يقول قائل: إن هذه الأعمال لا تناسب طبيعتنا، وقد.. وقد .. إلى آخر (القدات) المستهلكة، لكن الحقيقة تقول إن هذه الأعمال مناجم ذهب لم تجد من يستثمرها من قبل الشباب الذين لو علموا ما فيها من الأموال لتفرغوا لها، ولم يفكروا يوما ما في وظيفة تضعهم تحت رحمة الراتب والدوام اليومي الرتيب.
بدلا من أن نلعن الظلام تعالوا لنشعل شمعة، تضيء دروب كثير من الشباب الذين ينتظرون وظيفة بسيطة في حين أن الأموال تتسرب بين أيدينا إلى الآخرين.
ما رأيكم أن نتبنى مشروعا لكشف هذه الحقائق للشباب السعودي، تعالوا لنشجعهم ونقولها بقوة إن هذه المهن لا تعيبهم، فقط عليهم خلع عباءة الكسل ولبس بالطو العمل، تعالوا يا أحبابنا إلى حيث الرزق والتجارة والعمل.
بقي أن نطالب وزارة العمل بقيادتها المبدعة بإطلاق برنامج لتوطين هذه الأعمال والفرص من خلال حملة متناسقة مع التعليم الفني وصندوق الموارد لطرح برامج تدريبية وتشجيع مالي حتى لأولئك الذين لا ينتمون إلى شركات كبيرة. إننا بانتظار التفاعل من قبل جميع القراء ليقولوا رأيهم، ووزارة تحدد موقفها من هذه القضية، وشبابا ينتظرون الفرصة وأعيتهم البطالة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي