سورية تتكئ على التجربة السعودية في بناء اقتصادها
سورية تتكئ على التجربة السعودية في بناء اقتصادها
"وضعت السعودية خططاً جريئة جداً، وتتمتع برؤية تنموية نتطلع إليها الآن في دمشق".. بهذه الكلمات رسم الرئيس السوري أحمد الشرع في ديسمبر الماضي ملامح مستقبل سوريا، الذي يعتمد التجربة السعودية كانطلاقة جديدة.
ومن العاصمة الرياض كان الإعلان عن رفع العقوبات الأمريكية بطلب من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في خطوة تعكس الدور السعودي في إعادة بناء سورية وتحقيق الأمن والاستقرار.
خلال زيارة وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح إلى دمشق في يوليو الماضي، أعلنت السعودية عن استثمارات بقيمة 6.4 مليار دولار في سورية، تضمنت 2.93 مليار دولار لمشاريع عقارية وبنية تحتية ونحو 1.07 مليار دولار لقطاع الاتصالات وتقنية المعلومات.
وفي مؤتمر المنتدى الاستثماري السعودي السوري، جرى توقيع 47 اتفاقية، بمشاركة أكثر من 100 شركة، من أبرزها بين شركة "تداول" السعودية وسوق دمشق للأوراق المالية؛ حيث "بدأت شركة "تداول" دراسة شاملة لجدوى وانشاء وتشغيل هذه البورصة.
شهد أغسطس الماضي كذلك توقيع اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمارات المتبادلة مع سورية في الرياض.
كان وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان قد أكد خلال زيارته إلى دمشق إن السعودية وسورية "تدخلان مرحلة قوية من التعاون الاستثماري والاقتصادي المشترك. وقال حينها إن السعودية ستظل في مقدمة الدول الداعمة لسورية في مسيرة إعادة الإعمار والنهوض.
الطاقة وقود الانطلاق من جديد
فقدت سورية مليارات الدولارات من عائدات النفط. لكن بارقة أمل لاحت في الأفق حين صدرت 600 ألف برميل من النفط الخام الثقيل من ميناء طرطوس للمرة الأولى منذ 14 عاما.
في سبتمبر الجاري، قدمت السعودية كذلك منحة لإمداد سورية بـ 1.65 مليون برميل من النفط الخام، بهدف دعم تشغيل المصافي وتحقيق الاستدامة المالية في قطاع الطاقة .
وقعت شركات سعودية كذلك، برعاية وزارة الطاقة، 6 مذكرات تفاهم مع نظيرتها السورية، شملت استكشاف وتطوير حقول الغاز، وإعادة تأهيل محطات الطاقة، والتوسع في مشاريع الطاقة الشمسية بالتعاون مع شركة "أكوا باور".
تهدف هذه الخطوات إلى تعزيز القدرات التقنية السورية في قطاع الطاقة، ونقل الخبرة والتكنولوجيا السعودية لخلق فرص استثمارية جديدة في النفط والغاز.
مشاركة سعودية واسعة في معرض دمشق الدولي
أشارالشرع خلال مقابلة أجراها مع تلفزيون "العربية" إلى أن سورية والسعودية تتمتعان بنقاط تقاطعات كثيرة مع ما تصبو إليه الإدارة السورية الجديدة ويمكن أن نلتقي عندها، سواء من تعاون اقتصادي أو تنموي أو غير ذلك.
في معرض دمشق الدولي، كانت السعودية حضارة بقوة في نسخته الـ 62 خلال أغسطس الماضي، بعد فترة من التوقف. شاركت جهات حكومية سعودية منها وزارتي الطاقة والاستثمار، وهيئة تنمية الصادرات، ومجلس الأعمال السعودي السوري، وبنك التصدير والاستيراد السعودي إضافة إلى أكثر من 80 شركة سعودية من قطاعات متنوعة.
المشاركة السعودية القوية، تحت شعار "نشبه بعضنا"، كان الهدف منها تعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية بين البلدين.
التبادل التجاري في المنتجات غير النفطية
وفق بيانات وزارة الاقتصاد، بلغت صادرات السعودية إلى سورية 156.5 مليون ريال في يونيو الماضي، تمثل 0.2% من إجمالي الصادرات، فيما استوردت السعودية منتجات سورية بـ37.4 مليون ريال، أبرزها الفواكه والخضروات.
على مدار السنوات الخمس الأخيرة، شهد حجم التبادل التجاري بين البلدين تبايناً ملحوظاً؛ ففي 2024 بلغت الصادرات السعودية 558 مليون ريال، بارتفاع 27%، بينما سجلت الصادرات السورية 685 مليون ريال.
هذه الصادرات السعودية إلى سورية من المتوقع ان تسجل نموا قويا، مع زيادة حاجة دمشق للعديد من السلع، وفي مقدمتها مواد البناء لإعادة الإعمار.
توقعات نمو الاقتصاد السوري
يتوقع البنك الدولي أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي السوري 1% هذا العام، بعد انكماش بلغ 1.5% العام الماضي. ورغم أن رفع العقوبات يفتح آفاقاً جديدة، إلا أن التحديات المرتبطة بالسيولة والأصول المجمدة والقيود المصرفية لا تزال قائمة.
التجربة السعودية اليوم أصبحت مرجعا لسورية، لبدء مرحلة جديدة في إعمار البلاد وبناء اقتصادها. فالاستثمارات الضخمة، والاتفاقيات المتعددة، والانفتاح التجاري، وإعادة الإعمال، كلها أمور تدعم سوريا نحو الانطلاق مجدداً.