الخطوط الحمراء وأسعار الطاقة
يعد الخليج العربي ومضيق هرمز شريانا رئيسا لإمدادات الطاقة العالمية، إذ يمر عبر هذا المضيق أكثر من 21 مليون برميل نفط يوميا؛ أي ما يقارب 20% من إمدادات النفط العالمية.
وأن هذا المضيق يعد كذلك طريقا مهما لتصدير الغاز الطبيعي المسال، حيث تصدر قطر وحدها أكثر من 77 مليون طن سنويا من الغاز المسال، وهو ما يؤكد أهمية الخليج العربي ودوله في معادلة الطاقة الدولية.
هذه الأرقام تبرز الأهمية الجيوسياسية الفائقة للخليج العربي باعتباره أحد أكثر الممرات المائية حساسية في العالم، وإن استقرار المنطقة لا ينعكس فقط على الدول المنتجة، بل على استقرار أسواق الطاقة العالمية بأكملها. حيث إن التهديدات الأمنية للخليج العربي تؤدي إلى ارتفاع الأسعار عالميا، وزيادة مخاطر الاستثمار في الطاقة، ما يدفع المستهلكين والمنتجين معا إلى حالة من عدم اليقين. لذا فإن أي تهديد لسلامة الممرات البحرية أو البنى التحتية النفطية والغازية في المنطقة يمثل “خطا أحمرا” ليس لدول الخليج وحدها، بل للاقتصاد العالمي بأسره.
وفي هذا السياق، جاء الهجوم الإسرائيلي الغاشم على الدوحة ليشكل مفاجأة لأسواق الطاقة، فمع أن قطر واحدة من أبرز مصدري الغاز الطبيعي المسال في العالم، إلا أن استهدافها المباشر أدخل حالة من القلق العميق لدى المستهلكين العالميين، خصوصا في أوروبا وآسيا، حيث تعتمد هذه الأسواق بشكل كبير على الغاز القطري.
على المدى القصير، ارتفعت أسعار النفط والغاز بشكل ملحوظ، بسبب المخاوف من تعطل الإمدادات أو تأثر البنية التحتية للطاقة في قطر أو دول الجوار. وأدى ذلك إلى زيادة الطلب على المخزونات الإستراتيجية، وارتفاع تكاليف الشحن والتأمين عبر الخليج العربي.
أما على المدى المتوسط في رأيي، فمن المتوقع أن يقف العالم صفا واحدا بقيادة دول الخليج العربي لوقف هكذا تصرفات رعناء تهدد العالم بأسره.
إن الرسالة التي تبعثها هذه الأحداث واضحة جلية، حيث تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن أي مساس باستقرار الخليج العربي يعد تجاوزا للخطوط الحمراء، وستكون كلفته باهظة ليس فقط على مستوى الدول المنتجة، بل على الاقتصاد العالمي كله. لذلك، تبقى حماية استقرار المنطقة ركيزة أساسية لضمان توازن أسواق الطاقة وضمان أمن الطاقة العالمي في الحاضر والمستقبل.
مختص في شؤون الطاقة