اضطرابات النوم تؤرق الاقتصادات.. تكلفة العلاج من 5 أصفار والتأمين التحدي الأبرز محليا

اضطرابات النوم تؤرق الاقتصادات.. تكلفة العلاج من 5 أصفار والتأمين التحدي الأبرز محليا

اضطرابات النوم تؤرق الاقتصادات.. تكلفة العلاج من 5 أصفار والتأمين التحدي الأبرز محليا

لم تعد اضطرابات النوم التي تزايدت معدلات الإصابة بها في الآونة الأخيرة، وتؤثر فقط في الأداء اليومي والصحة النفسية والجسدية، بل تجاوزت تأثيراتها إلى خسائر في الاقتصاد والإنتاجية والحوادث المرورية، لتصل الخسائر إلى 2% من الناتج العالمي، لتروج سوق علاجها في العالم والسعودية على وجه الخصوص.

"الاقتصادية" تفتح ملف اضطرابات النوم مع مستثمرين وأساتذة في طب النوم لتسليط الضوء على أسبابها، وأنواعها، وسبل الوقاية، والعلاج، بما يسهم في تقليص تداعياته السلبية على الاقتصاد المحلي.

وبحسب المستثمرين في القطاع، فإن المؤشرات تظهر وجود نمو ملحوظ في السوق، مدعومًا بمبادرات من وزارة الصحة السعودية، التي اعتمدت في عام 2024 "مركز طب النوم" ضمن منظومة المراكز الطبية المتخصصة.

وفي الوقت الذي تعد شركات التأمين أبرز التحديات في السوق السعودية، فإن تكلفة العمليات المتعلقة باضطرابات النوم تصل إلى ما يعادل 300 ألف ريال، وسط تفاوت أسعار الأجهزة المعالجة بين الأسواق والشركات المصنعة.

الساعات الذكية لا تغني عن التقييم

في البداية، قال الدكتور علي العرج، مدير مراكز طب النوم في مستشفيات د.سليمان الحبيب الطبية والاستشاري، إن أكثر اضطرابات النوم شيوعا في السعودية هي توقف النفس أثناء النوم والأرق المزمن واضطرابات تململ الساقين، إضافة لاضطراب الساعة البيولوجية خاصة لدى فئة الشباب، والتحدث أثناء النوم لكنها لا تعد شائعة.

أشار إلى وجوب مراجعة الطبيب إذا كان هناك شعور بالتعب الدائم رغم النوم لساعات كافية، فيُنصح بمراجعة مختص، وإذا استمرت لأكثر من 3 أسابيع متواصلة وأثرت في النشاط اليومي.

وعن أحدث أجهزة تشخيص الاضطرابات، أوضح أن هناك أجهزة أساسية للتشخيص، وهي: تخطيط النوم الكامل في المختبر، وتخطيط النوم المنزلي وساعة قياس النشاط، وتتوافر هذه الأجهزة في مراكز النوم والمستشفيات.

فيما يتعلق بانتشار الساعات الذكية، قال إن بعض هذه الساعات يمكن استخدامها لتكون مؤشراً أولياً، لكنها لا تغني عن تقييم الطبيب المختص.

العلاقة بين اضطرابات النوم والأمراض المزمنة

العرج نوّه أن هناك علاقة بين اضطرابات النوم والأمراض المزمنة، كأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم وضعف عضلة القلب، والسكري والسمنة والاكتئاب والجلطات الدماغية.

أضاف، أن أبرز الأسباب النفسية هي التوتر والقلق والاكتئاب، والعضوية هي السمنة واضطرابات الآلام العضلية المزمنة واضطرابات الجهاز العصبي.

والعلاج بحسب العرج، يعتمد على نوع الاضطراب، مثلا الأرق الذي يعالج بشكل أفضل بالعلاج السلوكي والمعرفي CBT والأدوية إن لزم الأمر، وجهاز سيباب أو الجراحة أو جهاز داعم للأسنان لعلاج توقف النفس، وبعض الحالات نستخدم مزيجا من الأسلوبين.

سبب للحوادث المرورية والنساء الأكثر إصابة

وعن أحدث الأجهزة، يشير العرج إلى أن أحدث الأجهزة الموجودة في السوق حالياُ هي جهاز " إنسباير" المزروع لتحفيز العصب وأجهزة سيباب الذكية المتصلة بالهاتف وأجهزة التشخيص المتنقلة وصغيرة الحجم.

يضيف العرج أن نسبة انتشار هذه الاضطرابات تقدر بين 30-45% من البالغين، مشيرا إلى أن النساء أكثر عرضة بسبب التغيرات الهرمونية وتحديدا بعد سن الـ40، والرجال غالباً يصابون بين 65- 35 سنة.

أما بالنسبة لعدد ساعات النوم، أوضح أن البالغين يحتاجون إلى 7-9 ساعات، والنوم لأقل من 6 ساعات مرتبط بزيادة مخاطر السمنة وأمراض القلب والاكتئاب والحوادث المرورية.

معدلات السعودية والمعدلات العالمية

في السياق ذاته، قال الدكتور تامر أبو سيدو، استشاري الأمراض التنافسية واضطرابات النوم لدى الأطفال في مستشفى الملك عبدالله التخصصي للأطفال (الحرس الوطني)، إن معدل اضطرابات النوم للأطفال في السعودية يتماشى مع المعدلات العالمية، خاصة أن النسب تعتمد على دراسات مقطعية وعلى استفتاءات وليس اختبار نوم محكم.

أضاف أبو سيدو، أن المعدلات تزيد في السعودية على النسب العالمية في بعض الأنواع، إذ تصل نسبة حدوث اضطرابات النوم التنفسية من 1 إلى 4% وفي السعودية قد تصل إلى 10%.

أشار إلى أن هناك بعض الدراسات التي ركزت على الأعراض، إذ تصل نسبة الشخير لدى الأطفال إلى 14% وهو ما يزيد قليلاً على النسب العالمية البالغة 5 إلى 10%، أما الشخير المرضي المرتبط بالتنفس فهو مثبت عالمياً من 2-4%.

وبشأن اضطرابات النوم السلوكية، فإن نسبة حدوثها عالية ومتماشية مع النسب العالمية وقد تزيد في بعض السلوكيات حيث إن آخر الدراسات تشير إلى أن مقاومة النوم عند الأطفال في السعودية قد تصل إلى 70%، بينما الموثق عالميا يقترب من 50%.

تكاليف العمليات تصل إلى 300 ألف ريال

أبو سيدو اعتبر أن المسبب الأول لانقطاع النوم التنفسي للأطفال هو تضخم اللحمية واللوزتين، ثم العيوب الخلقية في مجرى التنفس كالأنف وسقف الحلق، إلى جانب السمنة بعض الأمراض الوراثية.

أضاف، أن العلاج يعتمد على نوع الاضطراب، حيث يمكن تحسين نظام سلوك النوم اليومي والالتزام بموعد للنوم مع تخفيف الإضاءات قبل النوم والابتعاد عن الشاشات خلال آخر ساعة لتحسين أغلب الحالات السلوكية.

وفي بعض الحالات يحتاج المريض إلى علاجات الأنف الموضعية أو عملية إزالة لحمية ولوز في حالة الاختناقات الليلية الشديدة، أو جهاز تنفس لمساعدته على النوم، ما يضيف عبئا ماليا واحتياج للمتابعات بشكل عام وهو ما لا يمكن الإغفال عنه.

وبحسب الشركة المالية الأمريكية للتمويل الصحي في الولايات المتحدة وهي شركة مدرجة في بورصة نيويورك، فإن تكاليف العمليات جراحة الأنف أو الحلق تصل إلى ما يعادل 37 ألف ريال.

وذلك علاوة على تحفيز العصب تحت اللسان بتكلفة تصل إلى 150 ألف ريال، فضلا عن تكاليف تصل إلى 300 ألف ريال لتقديم الفك العلوي والسفلي، علما أن جميع التكاليف تقديرية.

وبحسب المثبت عالمياً، فإن إدمان الأجهزة الإلكترونية يؤدي إلى تأخر إفراز هرمون الميلاتونين، كما أن بعض الألعاب والأفلام تؤدي لإثارة المخ وتزيد من حدوث الاضطرابات السلوكية مثل الكوابيس والرهاب والأرق ونقص ساعات النوم.

تغطية تأمين الأجهزة أبرز التحديات في السعودية

من جانبه، قال مدير المبيعات لدى شركة فيتالير العربية في منطقة الرياض والمنطقة الوسطى، أحمد الحناوي، إن السوق الفرنسية خاصة والأوروبية بشكل عام والبرتغالية والكندية من أعلى الأسواق انتشارا ووعيا بمخاطر طب النوم وعلاجه.

و"فيتالير" هي شركه فرنسية موجودة في 30 دولة من ضمنهم السعودية ومختصه في مجال طب النوم وتشخيصه.

ورغم التقدم الملحوظ في مجال تشخيص وعلاج اضطرابات النوم في السعودية، يقول الحناوي إنه لا تزال تغطية أجهزة علاج انقطاع التنفس الانسدادي أثناء النوم عبر شركات التأمين الطبي تواجه عدة تحديات.

وأرجع ذلك إلى سعي بعض شركات التأمين إلى تقليل التكاليف من خلال توفير أجهزة منخفضة السعر، دون مراعاة لجودة هذه الأجهزة أو مدى فاعليتها، علما أن تكلفة الجهاز المستخدم لعلاج انقطاع التنفس الانسدادي تبلغ 7200 ريال.

تفاوت أسعار الأجهزة بين الأسواق والشركات

أما بالنسبة للأسعار، يؤكد الحناوي اختلاف متوسط سعر أجهزة اضطرابات النوم من شركة مصنّعة إلى أخرى، وذلك تبعًا للمواصفات التقنية وجودة التصنيع.

وأشار إلى أن هناك فروقات تسعيرية واضحة بين الأسواق الرئيسية، حيث تتأثر الأسعار بعدة عوامل من أبرزها حجم الخدمات اللوجستية المرتبطة بتوافر المنتج في السوق المحلي، إضافة إلى رسوم الاستيراد وتكاليف الشحن.

فيما أكد أن هذا التباين في الأسعار يجعل من الضروري توعية المستهلكين بأهمية الموازنة بين السعر والجودة، خصوصًا في الأجهزة الطبية التي تؤثر مباشرة في جودة حياة المرضى وفاعلية العلاج.

الأكثر قراءة