السعودية لاعب رئيسي .. هل تصبح آسيا المركز الطبي الجديد للعالم؟

السعودية لاعب رئيسي .. هل تصبح آسيا المركز الطبي الجديد للعالم؟

السعودية لاعب رئيسي .. هل تصبح آسيا المركز الطبي الجديد للعالم؟

خلال العقود الـ3 الماضية، تحولت آسيا من كتلة بشرية هامشية في الاقتصاد العالمي إلى المحرك الرئيسي للنمو. واليوم تمثل القارة أحد الأعمدة الأساسية للاقتصاد الدولي، ومساهما رئيسيا في الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

هذا الصعود لم يحسن فقط مستويات الدخل والمعيشة، بل أعاد تشكيل الأنماط الاجتماعية والديموغرافية في القارة، وهو ما برز بوضوح على الطلب على خدمات الرعاية الصحية، خاصة مع ارتفاع متوسط الأعمار، واتساع الطبقة الوسطى، وتنامي دور التكنولوجيا.

لكن التقدم الطبي الملحوظ في عدد من بلدان القارة دفع الخبراء إلى التساؤل: هل يمكن لآسيا أو لبعض دولها أن تتحول إلى بديل منخفض التكلفة للأنظمة الصحية في أوروبا والولايات المتحدة؟ الإجابة، وفقا لكثير من المحللين، معقدة ومتعددة الأبعاد، غير أن مسار الاستثمار والابتكار والإصلاحات الحكومية، إلى جانب الدور المتنامي للقطاع الخاص، يشير إلى أن أجزاء من القارة تسير في هذا الاتجاه.

تزايد الاهتمام بالقطاع الصحي

أوضحت لـ "الاقتصادية" الدكتورة بربارة وندسور، أستاذة سياسات الرعاية الصحية، أن التحولات الديموغرافية في آسيا تشكل عاملا مفصليا في تزايد الاهتمام بالقطاع الصحي، لكنها تشدد على تباين الأولويات بين الدول، ما يمنحها ميزة تتمثل في تراكم خبرات متنوعة.

وقالت: "في الصين يتوقع أن يتجاوز عدد من هم فوق 65 عاما 400 مليون نسمة بحلول 2040، بزيادة 10 ملايين نسمة سنويا، ما يفتح المجال أمام الابتكار في طب الشيخوخة وإدارة الأمراض المزمنة. في المقابل، تتمتع دول مثل الهند وإندونيسيا والفلبين بقاعدة سكانية شابة، ما يجعل الاهتمام أكبر بالصحة الإنجابية والوقائية."

واعتبرت أن هذا التباين يخلق فرصا واسعة أمام امتلك خبرات طبية متنوعة بما يجذب الاستثمارات الطبية وشركات الأدوية والتأمين الصحي ويعزز موقع تلك البلدان في خريطة الطب العالمي.

من جهته، أكد لـ "الاقتصادية" الباحث الاقتصادي بوب غريفيث أن نمو الطبقة الوسطى في آسيا، والمتوقع أن يصل إلى 3.5 مليار نسمة بحلول 2030، وارتفاع مستويات الإنفاق، خلق واقعا جديدا لم تعد فيه الشرائح الصاعدة تكتفي بخدمات طبية عامة محدودة، بل تطالب بأحدث وأفضل طرق العلاج.

وأضاف: "هذا هو السبب وراء ازدهار المستشفيات العالمية في الخليج العربي، خصوصا في السعودية والإمارات، إلى جانب مدن كبرى مثل شنغهاي وبانكوك وكوالالمبور".

السعودية لاعب رئيسي

رأى البروفيسور ديفيس كوان، أستاذ الاقتصاد المقارن، أنه من المبكر القول إن آسيا قد تحل محل أوروبا والولايات المتحدة كمركز طبي عالمي شامل، لكنه يعتقد أن بعض دولها ستنجح قريبا في التخصص بمجالات طبية محددة.

وأوضح لـ "الاقتصادية" أن الرهان في بلدان مثل الصين والهند وسنغافورة وماليزيا والسعودية وتايلاند يستند على عاملين، الأول، التكلفة المنخفضة التي تمثل جزءا بسيطا نسبيا من نظيرتها في الغرب مع تقديم جودة مماثلة، والثاني الثورة الرقمية التي غيرت جذريا أنماط تقديم الخدمات الطبية عبر الذكاء الاصطناعي والطب عن بعد وتحليل البيانات الضخمة.

وحول الدور المنتظر لدول منطقة الخليج العربي، أشارت الدكتورة باولا لين، أستاذة الجراحة العامة، إلى أن العقدين الماضيين شهدا طفرة لافتة في البنية الصحية، مدعومة باستثمارات حكومية وبنية تحتية متطورة جذبت كبرى المؤسسات الطبية العالمية.

وقالت لـ "الاقتصادية" إن السعودية بالتحديد تتحول اليوم إلى لاعب رئيسي في السياحة العلاجية الإقليمية، مع توجه ذي صبغة دولية واضحة، من خلال بناء مدن طبية، وتوسيع التعليم الطبي، وتطوير الصناعات الدوائية، فضلا عن شراكاتها مع مؤسسات دولية كبرى.

وأفادت لين بأن نجاح السعودية في ترسيخ مكانتها كمركز طبي عالمي يتحقق عبر التركيز على تخصصات طبية محددة، تمتلك فيها المؤسسات الطبية السعودية خبرات متراكمة ومزايا نسبية.

هذا النهج، برأيها، مضيفة: "وسيمكن السعودية من التحول التدريجي من محور طبي إقليمي رئيسي إلى أحد الأقطاب الطبية المؤثرة عالميا، بما قد يسهم في إعادة تشكيل خريطة العلاج على المستوى الدولي".

الأكثر قراءة