من السوشي إلى الرامن .. ما سر تميز المطبخ الياباني وانتشاره؟
بفضل نكهته الزكية، ومكوناته الطازجة، وطريقة التقديم الأنيقة، ينتشر المطبخ الياباني في دول العالم ويصنف واحدا من أفضل المطابخ في العالم. وعلى عكس ما يعتقده كثيرون، لا يتطلب المطبخ الياباني مهارة عالية أو وقتا كبيرا.
ما يُميّزه، بحسب المدوّن المتخصص في المطبخ الآسيوي ستيفان ليستنر: "الجماليات، والطابع الموسمي، والتركيز على المكونات الطازجة عالية الجودة".
تقول إنجا بفانبكر، مؤلفة كتب الطهي من أمستردام: "الهدف هو الحفاظ على النكهة الطبيعية، ولهذا تُستخدم التوابل والدهون والحرارة باعتدال أكثر من المطابخ الآسيوية الأخرى".
وليس مفاجئا أن تحتضن اليابان أكثر من ألف مطعم مُدرج ضمن دليل ميشلان الشهير، نال أكثر من 360 مطعما منها نجومًا تقديرية.
ومن بين ركائز المطبخ الياباني، يحتل الأرز مكانة ثقافية مهمة.
يقول ليستنر: "الأرز ليس مجرد طبق جانبي، بل مكون أساسي في عديد من الأطباق الرئيسية". النوع الأكثر شيوعا جابونيكا، والمعروف أيضا باسم أرز السوشي، الذي يتميز بحبوب قصيرة وقوام لزج بعض الشيء لارتفاع نسبة النشا فيه.
يبلغ طول ساحل اليابان 30 ألف كيلومتر (18600 ميل) وتوجد فيها براكين عدة، ويختلف مناخها ما بين الشمال والجنوب، وكل ذلك يشكل مطبخها.
معظم الأطباق مصدرها البحر: الأسماك والمأكولات البحرية والأعشاب البحرية، فيما يُعتبر اللحم من الوجبات غير الأساسية، ربما بسبب حظر استهلاكه لقرون.
تتميز كل منطقة بأطباقها الخاصة. تقدم هوكايدو في الشمال رامين هاكوداتي، وهو حساء نودلز باللحم وبراعم الخيزران والسبانخ والبصل الأخضر في مرق مملح، ورامين أساهيكاوا، وهو مرق غني بفول الصويا مع المأكولات البحرية واللحوم.
وتشتهر هوكايدو بأعشاب الكومبو والسلمون وسرطان البحر الملكي والإسكالوب من بحيرة ساروما. أما محبو الحلويات، فيمكنهم تذوق آيس كريم الماتشا المنتج محليا.
أما طوكيو، فهي المكان المثالي للاستمتاع بأنواع مختلفة من السوشي، بما في ذلك سوشي نيغيري - وهو النوع الأكثر شيوعا، ويتميز بشريحة من السمك النيء فوق طبقة من الأرز - أو سوشي تشيراشي، حيث يغطى وعاء من الأرز بالمأكولات البحرية والخضراوات المخللة.
وسوشي ماكي هو نوع شائع آخر من السوشي، يتكون من الأرز مع مكونات متنوعة ملفوفة في أعشاب بحرية مجففة تُسمى نوري. تُعتبر لفائف كاليفورنيا، ولفائف التونة، ولفائف الخضار أنواعا من سوشي الماكي.
أما الساشيمي فهو عبارة عن شرائح رقيقة من السمك أو المأكولات البحرية النيئة بدون أرز، تُرتب عادةً ببراعة وتُقدم مع صلصة الصويا والواسابي والزنجبيل المخلل.
يقول ليستنر: "يعود أصل السوشي إلى حفظ الأسماك باستخدام الأرز المخمر. في القرن الـ16، انتشرت فكرة تتبيل السمك بالخل، وفي القرن الـ19، ظهر سوشي إيدوماي في مدينة إيدو (طوكيو حاليا) كوجبة خفيفة سريعة مصنوعة من الأسماك الطازجة من خليج إيدو".
وتقول المدونة المختصة بالطهي إميكو ديفيز، والتي تعود أصولها إلى اليابان واستراليا، إنّ الأطباق المقلية مثل التيمبورا والكاراجي دخلت إلى جنوب اليابان في القرن الـ16 عن طريق المبشرين والتجار البرتغاليين. يُحضّر طبق التيمبورا بقلي المأكولات البحرية أو الخضراوات في خليط عجين خفيف، ما يمنحها قواما مقرمشا وهشا. أما الكاراجي فيحضر بتتبيل الدجاج عادة بصلصة الصويا والميرين ومزيج من التوابل، ويُغطى بنشا البطاطس، ثم يُقلى حتى يصبح مقرمشا.
تقول ديفيز إنه مع إدخال اللحوم إلى النظام الغذائي الياباني في أواخر القرن الـ19، بدأ اليابانيون يتبنون بعض الأطباق الغربية. من أبرزها طبق التونكاتسو، وهو شريحة من اللحم تُغطى بطبقة من بقسماط البانكو -المصنوع من خبز القمح الأبيض- ثم تُقلى حتى تصبح ذهبية ومقرمشة وتُقدّم مقطعة إلى شرائح.
أخيرا، ورغم أن المطبخ الياباني يعد من أكثر المطابخ شهرة وحبا حول العالم، يبقى السر في بساطته التي تحتفي بالموسمية وتعطي كل مكون حقه.