مانوج بهارجافا .. التسويق الذكي بعيدا عن شهرة العوالم الرقمية

مانوج بهارجافا .. التسويق الذكي بعيدا عن شهرة العوالم الرقمية

حين تبحث عن اسم "مانوج بهارجافا" (Manoj Bhargava) في جوجل فسيأخذك إلى محام في سنغافورة أو طبيب في الهند، وليس ملياردير هندي أمريكي في 72 من العمر، عاش حياة متقبلة تصلح تفاصيلها لنسج حبكة سيناريو فيلم سينمائي ممتع.

تشكلت مسيرة الرجل عبر متوالية من المنعطفات غير العادية، التي صنعت قصة واحد من أكثر رواد الأعمال إثارة، وحتى إلهاما في العصر الحديث، فقد خاطب المشاركين في مهرجان الرواد في فينيا متحدثا عن نفسه، قائلا: "إذا كنت لا تستطيع تحمل السقوط على وجهك عدة مرات، فاختر مهنة مختلفة".

تنقل مانوج في حياته بين عوالم مختلفة، وأحيانا متضاربة، فبعد 14 عاما في الهند رحل بمعية والديه إلى أمريكا حيث أظهر موهبة استثنائية في الرياضيات، أهلته للحصول على منحة في مدرسة هيل الخاصة بالنخبة.

بعد موسم جامعي واحد في جامعة برينستون، قرر الشاب مغادرها للعودة إلى الهند حيث كان يسعى وراء أثر قديس هندي كان مفتونا بتجربته في الحياة. عاش هناك تجربة روحية، متنقلا بين الأديرة، لنحو 12 عاما، قبل الرجوع إلى الولايات المتحدة للاشتغال في شركة تصنيع حقن البلاستيك في ملكية والديه.

قرر بعد ذلك دخول عالم الأعمال بإطلاق أولى مشاريعه الشخصية، فقام بتأسيس شركة، تلتها أخرى في قطاع مختلف. لكن إقلاع الرجل كنجم في السوق الأمريكية كان عام 2003 مع مشروب الطاقة "Hour Energy5" الذي نجح في كسر سقف التوقعات.

استطاع مانوج ابتكار منتج استهلاكي في سوق مشبعة، ما جعله عرضة للسخرية من ماركات مشهورة، مثل "ريد بول" و"مونستر" التي يسعى إلى منافستها. لكن الرجل أثبت أن قواعد السوق قابلة للكسر، فهي مستعدة دوما لاستيعاب الأفكار الجديدة والخلاقة.

كانت فكرته بسيطة لكن عبقرية، بعدما لاحظ إقبال العمال على مشروبات الطاقة غير الصحية، للبقاء مستيقظين خلال نوبات عملهم، فقرر صناعة مشروب بديل. اهتدى لابتكار مشروب صحي من مزيج العناصر الغذائية والفيتامينات والكافيين، دون اللجوء إلى مواقع السوشل ميديا لتسويق المنتج.

كانت النتيجة زجاجة 60 مليلتر بشعار "دون سكر أو هبوط للطاقة.. طاقة تدوم 5 ساعات" التي أطلقها عام 2004 دون خبرة تسويقية. عدا خطة ذكية تقوم بوضع الزجاجات عند صناديق الدفع في محطات الوقود، ودفع 5 دولارات للبائعين قصد توصية الزبائن بالمشروب.

بهذه الأفكار البسيطة في التركيب والتسويق، انفجرت مبيعات المشروب عام 2008 إلى مليار دولار سنويا، دون رياضيين أو رياضات متطرفة مثل ريد بول، ودون مستثمرين خارجين وبلا ديون، فبهارجافا هو المالك لـ 90 % من الشركة.

سئل مانوج ذات مرة عن السر وراء النجاح السريع لمشروب "Hour Energy5"، فكان رده مثيرا "الناس لا يريد مشروبا، بل تأثيرا"، وأضاف فكرة ذكية في التسويق حين قال: "نتعمد أن يكون الطعم غير لذيذ حتى لا يرتشفه الناس ببطء".

تعكس سيرة الرجل في مجال ريادة الأعمال الأثر العميق لتجاربه السابقة عليه، وتحديدا تجربة الراهب، ففي إحدى ملتقيات رواد الأعمال تحدث عن أساسيات الرفاهية، قائلا: "إذا كان لديك الكهرباء والماء والصحة، وإذا لم تكن كسولا فستكسب لقمة العيش".

قناعة جعلت مانوج يتعهد عام 2015 بتخصيص 99 % من صافي ثروته لتمويل وتطوير اختراعات جديدة، قصد مساعدة الفئات الأقل حظا على تلبية احتياجاتهم الأساسية. وسبق له أن أسس عام 2009 مؤسسة هانز؛ التي تحول لأكبر مؤسسة للوقف الخيري في الهند.

سيرة ملياردير فريد أعطته التجارب منظورا أخر للحياة، جعله يقود سيادة عمرها 5 سنوات، ويعمل في نفس المكتب، ويعيش في نفس المنزل المتواضع. مع الإصرار على البقاء بعيدا عن الأضواء، "ليس لدي هذه الهواية في أن أكون مشهورا. لا أعتقد أنه سيء للآخرين... البعض بحبون أن يكونوا مشهورين، ليست لدي هذه الهواية".

الأكثر قراءة