جيل زد والعبء الجامعي.. 25% يندمون على خيار التعليم العالي
يتغير المزاج العام تجاه التعليم الجامعي في أوساط جيل زد، إذ بدأ الكثير من الشباب يشككون في جدوى هذا المسار الذي طالما اعتُبر تذكرة مضمونة إلى عالم الوظائف والاستقرار المالي.
ارتفاع تكاليف التعليم، تراكم الديون الطلابية، وتقلب سوق العمل كلها عوامل تدفع هذا الجيل إلى إعادة النظر في قراراته التعليمية، حسب ماذكرت مجلة فورتشن.
وفقًا لاستطلاع أجرته منصة ريزوم جينيس على 1000 موظف أمريكي من جيل زد، قال واحد من كل أربعة مشاركين إنه يندم على الذهاب إلى الجامعة أو يتمنى لو اختار مسارا تعليميًا يؤدي إلى وظيفة ذات دخل أعلى، مثل التكنولوجيا، أو التمويل، أو الهندسة، أو الرعاية الصحية. أما المفارقة، فهي أن ثلث المستطلعين فقط قالوا إنهم راضون عن قرارهم الدراسي.
لطالما كانت الشهادة الجامعية تُعد ضمانًا للنجاح المهني، خصوصًا في نظر الأجيال السابقة. لكن المشهد اختلف اليوم، كما يوضح كولبي غودمان، مدرب مهني في مؤسسة "إيمبلويد باي جراديويشن"، إذ يقول إن سوق العمل تغير جذريا، ومع تسارع التطورات التكنولوجية وارتفاع عدد الخريجين، بات العثور على وظيفة أمرا أكثر صعوبة وتعقيدا.
أظهر استطلاع آخر أجرته مؤسسة تالو وشمل أكثر من 2000 شخص تتراوح أعمارهم بين 18 و30 عامًا، أن 62% من المشاركين لا يعملون في المجال الذي خططوا له، بينما قال 25% إنهم يجدون صعوبة في الحصول على وظيفة في مجال تخصصهم.
الرئيسة التنفيذية لشركة تالو، أليسون دانيلسن، قالت: ""يشعر عديد من طلاب الجيل Z بأنه قيل لهم إن الجامعة هي المسار الوحيد، ليجدوا أصحاب الدرجات العلمية العالية يعملون بوظائف أقل من طاقتهم أو يُهملون". كما يزداد التساؤل حول ما إذا كانت الشهادة الجامعية لا تزال توفر "قيمة حقيقية" لهم.
ووفقًا لمبادرة بيانات التعليم، فقد تجاوز متوسط تكلفة التعليم الجامعي في الولايات المتحدة 38 ألف دولار سنويًا للطالب الواحد، وهو ما يعني أن التكلفة تضاعفت خلال العقود الأخيرة. في الوقت نفسه، يواجه أكثر من 4 ملايين من شباب جيل زد البطالة، ويحمّلون الشهادات الجامعية التي وصفوها بـ"عديمة القيمة" مسؤولية هذا الواقع.
ليس الشباب وحدهم من باتوا يشككون في جدوى الشهادة الجامعية، بل بدأ الأهل أيضًا بإعادة تقييم الفكرة. أظهر استطلاع حديث آخر أجرته أميركان ستيودنت اسستنت لأكثر من 3 ألاف طالب في المرحلتين المتوسطة والثانوية أن 70% من المراهقين يقولون إن آباءهم أكثر دعمًا للتخلي عن التعليم الجامعي من أجل مسعى مختلف مثل المدرسة المهنية أو التدريب المهني.
ويعلق تريفور هيوستن، خبير إستراتيجيات التوظيف في "كلير باث ويلث إستراتيجي"، قائلا: "الآباء بدأوا يدركون الحقيقة. الشهادة الجامعية لم تعد تضمن عائدا استثماريا جيدا كما في السابق، فتكلفتها باهظة ونتائجها غير مضمونة".
في خضم هذا الواقع، يجد كثير من شباب جيل زد أنفسهم في مأزق، كما يوضح كولين روكر، صانع محتوى مهني من الجيل ذاته، بقوله: "هم عالقون في معادلة مستحيلة: إن التحقوا بالجامعة أو لم يفعلوا، فالمخاطر موجودة". ويضيف أن الآباء والمستشارين يحثونهم على الابتعاد عن التخصصات الأدبية، مثل الأدب أو التاريخ، وفي الوقت ذاته، يرون خريجي التخصصات التقنية كالهندسة والبرمجة يُسرّحون من وظائفهم مع دخول الذكاء الاصطناعي على خط المنافسة.
وأضاف روكر: "لم يعد هناك خيار سهل" عند اختيار المسار المهني. ففي السابق، كان السعي وراء الأعمال أو التكنولوجيا أو الرعاية الصحية خيارًا أكيدًا للنجاح، لكن هذا لم يعد بالضرورة هو الحال الآن بالنظر إلى كيفية تغيير الذكاء الاصطناعي لوظائف العمل بشكل عام.
وسط هذه التحولات العميقة، يبدو أن السؤال الذي يشغل بال الكثيرين من الجيل الصاعد لم يعد: "ما هي الجامعة التي سألتحق بها؟" بل "هل عليّ أن أذهب إلى الجامعة أصلًا؟"