كوري نيفيز.. مدير شركة لم يغادر بعد مقاعد المدرسة

كوري نيفيز.. مدير شركة لم يغادر بعد مقاعد المدرسة
كوري نيفيز

كان السعي وراء تحقيق حلم أمه بامتلاك سيارة خاصة، تخفف عنها مشاق التنقل لساعات طويلة في وسائل النقل العمومي، سببا في بروز رائد أعمال من طينة خاصة في ولاية نيو جيرسي، لم يتجاوز العاشرة من عمره.

عام 2009، كانت أولى خطوات الطفل كوري نيفيز (Nieves Cory) في عالم التجارة، بمشروع بسيط جدا قوامه عربة خشبية من صنعه، يركنها في زاوية الشارع بالقرب من منزله، حيث يبيع مشروب الكاكاو الساخن وعصير الليمون بحسب تغير الطقس للمارة.

قرر الصغير اختبار منتجات أخرى، فشرع بمساعدة والدته ليزا في تصنيع الحلويات والكعك ورقائق الشكولاتة وزبيب الشوفان الخالي من السكر. واستطاع بسلوكه المتميز رغم صغر سنه، والطعم الرائع للحلويات المنزلية التي يبيعها، كسب إعجاب الزبائن، ما در عليه أرباحا جيدة مع انطلاق مشروعه.

اختار كوري التركيز على الكوكيز، فبدأ في تجريب عديد من المكونات لابتكار وصفات كعك فريدة، حيث إن 75% من مكوناتها عضوية وبدون مواد حافظة. بفضل هذا الاختيار استطاع أن يجني مدخولا يصل إلى 300 دولار يوميا، فيما لم تكسب أمه طيلة حياتها أكثر من 10 دولار في الساعة.

نجح الصغير في اختراق عدد من المتاجر في المدينة، ثم اتجه تدريجيا إلى التعاقد مع أسواق أخرى خارج الولاية، فانتشرت منتجاته حتى وصلت إلى نيويورك، ما زاد من شعبية سلعه لدى شرائح اجتماعية واسعة، وضاعف من مبيعاته.

لكن الشهرة لها ضريبة أحيانا، بعدما دعا شخص مكتب وزارة الصحة الذي قرر إغلاق المشروع بسبب انتهاك اللوائح الصحية المعمول بها. هكذا وجد الصغير نفسه مجبرا للمحاولة من جديد، وشعاره "الضربة التي لا تقتل تقوي"، فقام بتأسيس شركة خاصة لإنتاج الحلوى، باسم "مستر كوري للكعك والحلوى" (Mr. Cory’s Cookies).

استثمر كوري ما يوفره الإنترنت من إمكانات، فشرع في تلقي طلبات المبيعات إلكترونيا. كما استغله بذكاء في عملية الترويج للشركة، معتمدا تقنية خاصة في التسويق، ترتكز على أسلوبه المنمق والمثير في اللباس الذي صنع به معجبين، لدرجة أن أحد المتابعين كتب معلقا "هذا الفتى شديد الخطورة".

امتزجت النباهة بالطموح والنبل في قصة كوري المثيرة، ما سلط عليه الأضواء أكثر من مرة، فقد استطاع لفت انتباه إلين ديجينيرز؛ مقدمة البرنامج التلفزيوني الشهير "Ellen Show"، التي منحت الطفل وأمه سيارة فورد ومبلغا بقيمة 10 آلاف دولار.

كما ألهم الصغير ووالدته رجل الأعمال الأمريكي ماركوس ليمونيز، صاحب برنامج التلفزيوني الشهير "المنفعة" على قناة CNBC، الذي منحه عام 2017 تمويلا قدره 100 ألف دولار مقابل حصة في شركته.

بالرغم من أن الشركة لا زالت في بداية الطريق، قرر الصغير الذي كان متأثر بمعاناة أمه التي أنجبته في سن 16 عاما، تخصيص نسبة توظيف تصل إلى 70 % للأمهات اللواتي يعلن أطفالا، من أجل إعطائهن فرصة تسمح بدعم أطفالهن.

تمكن كوري نيفيز من فرض اسمه في ساحة رواد الأعمال، ما دفع وسائل الإعلام الأمريكية إلى الاحتفاء به، وتقديمه نموذجا للطفل الريادي الذي استطاع بأفكار بسيطة تأسيس شركة تجارية مربحة.

صحيح أن الصبي الذي سُجل كأصغر رجل أعمال في الولايات المتحدة، لم يطرح وفقا لمعايير ريادة الأعمال فكرة جديدة أو مبتكرة. لكنه عمد إلى إستراتيجية ذكية تقوم على تطوير أفكار شائعة بإدخال جملة من التحسينات عليها، مستغلة ما يوفره الإنترنت من إمكانات في عالم التجارة.

حتى وقت قريب كان النجاح في عالم الأعمال قرينة سيرة ذاتية زاخرة بالخبرة والدربة، قبل أن تقرر الثورة التكنولوجية تغيير هذه القواعد، فقد أضحى سبيل النجاح مرادف امتلاك ناصية ما يوفره الأنترنت من إمكانات وفرص للشباب واليافعين وحتى الأطفال، وما قصة كوري نيفيز إلا مثالا عن ذلك.

الأكثر قراءة