الموضة في فنجان .. لماذا تتجه المتاجر العالمية إلى فكرة "المكان الثالث"؟
في ظاهرة آخذة في التوسع، تتجه عديد من العلامات التجارية العالمية، من دور الأزياء الفاخرة حتى شركات التجزئة والبنوك، إلى افتتاح مقاهٍ في مختلف أنحاء العالم، في محاولة لتعزيز تجربة العملاء والوصول إلى شرائح أوسع من الزبائن، حتى أولئك الذين قد لا ينوون إنفاق مبالغ كبيرة على المنتجات.
حسب ماذكرت مجلة "فورتشن" فظاهرة استضافة تجار التجزئة لمقاهٍ ليست جديدة، كما يعلم أي شخص زار ستاربكس داخل متجر تارغت. لكن يبدو أن عدد المقاهي المملوكة والمدارة من قبل علامات تجارية أخرى في ازدياد تدريجي.
في قلب مانهاتن، بات شارع فيفث أفينيو موطنًا لمجموعة من هذه المقاهي التي تديرها علامات تجارية شهيرة، مثل مقهى رالف التابع لـ "رالف لورين"، وبلو بوكس داخل متجر تيفاني آند كو، ومقهى يونيكلو، إضافة إلى مقهى كابيتال ون التابع للبنك الأميركي.
يُنظر إلى هذه المبادرات على أنها امتداد لفكرة "المكان الثالث" التي نشطت بعد الجائحة، وهي أماكن يقصدها الناس خارج المنزل والعمل للاجتماع أو الاسترخاء.
افتتحت العلامة اليابانية "يونيكلو" أول مقهى لها في أمريكا الشمالية داخل متجرها في نيويورك، بهدف "تحسين تجربة التسوق"، وفقًا لما قاله نيكولا سيسو، رئيس التسويق في يونيكلو أمريكا الشمالية، مشيرا إلى أن المقهى يخدم إستراتيجية العلامة لنشر الوعي بعلامتها لدى جمهور عالمي.
هذه الخطوة ليست جديدة بالكامل على العلامة التي تملك بالفعل مقاهٍ في طوكيو ومانيلا، شأنها في ذلك شأن علامات أخرى مثل دار كيتسونيه الفرنسية، كما اقتحمت علامات أمريكية مثل كيت سبيد وكوتش مجال الضيافة بمقاه ومطاعم في دبي وجاكرتا، إضافة إلى ولايات أمريكية مثل تكساس ونيوجيرسي.
ورغم أن هذه المقاهي لا تستهدف البيع المباشر بالضرورة، إلا أنها تتيح للعلامات التجارية فرصة للتواصل مع العملاء بأسلوب أكثر بساطة ويومية. فزبائن لا يملكون رفاهية شراء حقيبة فاخرة يمكنهم بكل بساطة احتساء قهوة بـ7 دولارات داخل المكان نفسه، والاستمتاع بجوّ العلامة.
ميشيل بومان، مديرة الإستراتيجية في وكالة في إم إل، أوضحت أن المقاهي تتيح للعملاء التفاعل مع العلامة من زاوية نمط الحياة. كما أن البقاء لفترة أطول في المتجر، ولو لشرب القهوة، يزيد من احتمال التصفح وربما الشراء. فضلًا عن ذلك، أصبحت المقاهي وسيلة لجذب المحتوى التفاعلي عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
كما انضمت البنوك لهذا التوجه. فقد بدأت "كابيتال وان" منذ 2014 بافتتاح سلسلة مقاهٍ في الولايات المتحدة، تجاوز عددها الآن 60 فرعًا. ووفقًا لجينيفر ويندبيك، نائبة الرئيس لقطاع التجزئة بالبنك، فإن الهدف لم يكن فقط تقديم الخدمات البنكية، بل خلق تجربة تفاعلية شخصية تعكس صورة البنك كعلامة قريبة من الناس. المقاهي تستضيف ورش عمل وبرامج تدريب مالي، وتقدم عروضًا مثل مشروبات مجانية أيام الاثنين طيلة موسم دوري البيسبول.
ومع أن التوسع في هذه المقاهي لا يخلو من التحديات اللوجستية والمالية، إلا أن عديد من العلامات تلجأ للتعاون مع شركات متخصصة لضمان جودة المنتج. ورغم المخاطر، يرى خبراء أن هذا التوجه سيستمر، خاصةً أنه يضيف عنصر المفاجأة ويخلق تجربة شاملة للزوار، دون أن يُطلب منهم ترك أكواب القهوة عند الباب.