المنجنيز يدخل بورصة المعادن الحرجة .. ماذا بعد حظر الجابون تصديره؟
يبدو أن الكيميائي السويدي كارل فيلهلم مُكتشف المنجنيز في 1774 لم يكن يتوقع أن هذا العنصر النادر سيكون له أهمية اقتصادية كبرى بين المعادن المستخرجة من باطن الأرض وأن عديدا من الصناعات الرئيسية المهمة ستعتمد عليه بشكل كبير، فقد اكتشافه صدفة أثناء العمل على معدن البيرولوزيت وعُزل في العام نفسه من قبل زميله يوهان جوتليب جان.
بعد 251 عاما وفي مفأجاة كبيرة أعلنت الجابون ثاني أكبر دولة في إنتاج المعدن بـ4.6 مليون طن متري خلال 2024، التي تصدر للولايات المتحدة 63% من احتياجاتها منه، حظر تصدير المنجنيز الخام اعتبارا من 2029، ما قد يدفع المعدن إلى الدخول إلى بورصة المعادن النادرة التي تتطلب تحركات استثنائية للحفاظ على سلاسل الإمداد، وفقا لـ"الفرنسية".
برايس أوليجي نجيما الذي يترأس البلد الإفريقي صغير المساحة وقليل السكان - 2.3 مليون نسمة - قال أمس في بيان حكومي إن الجابون ستتوقف عن تصدير المنجنيز يأتي في إطار خطة لتطوير الصناعة الوطنية.
يشار إلى أن الجابون هي مورد إستراتيجي للمعدن الموجود في الغذاء، الذي يعد أساسيا لاستقلاب البروتين والطاقة، وتمعدن العظام.
ووفقًا لبيان حكومي يأتي حظر تصدير المعدن في بلد يُعدّ من أغنى بلدان إفريقيا، بهدف وضع "سياسة صناعية طموحة قائمة على التحويل المحلي للمواد الأولية، وزيادة كفاءة القوى العاملة الوطنية، وإتقان سلاسل القيمة التكنولوجية، وتعزيز الإيرادات الضريبية".
وأوضح أوليجي الذي يعيش ثلث شعبه في فقر ويعاني واحد من كل 10 منهم نقص الغذاء، أنه يمنح القطاع 3 سنوات لضخ الاستثمارات اللازمة لهذا التغيير بما سيشمل أيضًا إنشاء صندوق استثماري عام - خاص لدعم هذه الصناعة.
ومن جانبها تقول المحللة ميليسا بيستيلي إخصائية محتوى تعليمي في شبكة أخبار الاستثمار البريطانية إن تقلبات السوق أصبحت أمرا طبيعيا في الدول الأكثر إنتاجا للمنغنيز في السنوات الأخيرة. ففي أبريل 2024، ارتفعت أسعار المنجنيز بشكل كبير في الربع الثاني من العام بسبب الإعصار المداري ميجان الذي ألحق أضرارا جسيمة بمنجم المنجنيز التابع لشركة قروت إيلاندت للتعدين (GEMCO) في أستراليا، ومع ذلك، أدى ارتفاع الإمدادات البديلة وضعف الطلب الصيني إلى تراجع الأسعار إلى مستواها الأصلي.
وفيما استقرت أسعار المنجنيز في الربع الأول من 2025، يرى المحللون أن قدرة الصين على تصحيح مسارها الاقتصادي ستدعم الأسعار بشكل أكبر، بينما يذهب معظم إمدادات المنجنيز إلى صناعة الصلب، هناك أيضا كثير مما يُقال عن استخدام المعدن في بطاريات أيونات الليثيوم مع تقدم التحول إلى الطاقة الخضراء.
وتتوقع شركة Benchmark Mineral Intelligence أن الطلب على المنجنيز سيزداد 8 أضعاف بين عامي 2020 و2030 مع تزايد الطلب على بطاريات السيارات الكهربائية.
ما استخدامات المنجنيز؟
تُعدّ صناعة الصلب المستخدم النهائي الرئيسي لمعدن المنجنيز، حيث تستهلكه كسبيكة لتعزيز قوة وقابلية تشغيل مادة البناء الرئيسية. كما يُخلط المنجنيز مع الألمنيوم لتصنيع علب الصفيح. إلى جانب هذا الاستخدام الحيوي، عادةً ما يُستخدم ثاني أكسيد المنجنيز وأكسيد المنجنيز كمواد مهبطية في إنتاج بطاريات الزنك والكربون والبطاريات القلوية. إضافة إلى ذلك، بعد تكرير النفط الخام، يمكن استخدام المنجنيز كمادة مضافة للمساعدة في طلاء محرك السيارة وحمايته.
وفي قطاع بطاريات الليثيوم يعد المهدن من أبرز استخدامات المنجنيز الواعدة، حيث يُستخدم هذا المعدن الفضي في بطاريات الليثيوم - النيكل - المنجنيز - الكوبالت (NMC)، التي تُحسّن من حمل الطاقة وعمرها الافتراضي.
وتشهد البطاريات التي تستخدم هذه التركيبة المعدنية طلبًا كبيرًا في قطاع السيارات الكهربائية، كما يُضاف المنجنيز إلى بطاريات الليثيوم - الحديد - فوسفات لإنتاج بطاريات الليثيوم - المنجنيز - الحديد - فوسفات، ما يزيد من كثافة الطاقة وسعتها وأدائها في درجات الحرارة المنخفضة.
يذكر أن القطاع يشهد 9 منتجين للمنغنيز، منها 4 دول إفريقية تتصدره جنوب إفريقيا، والجابون، وأستراليا قائمة أكبر المنتجين، فيما تتميز جنوب إفريقيا بشكل خاص بكونها مصدر 37% من إنتاج المعدن في العالم.
كما تعد جنوب إفريقيا أيضًا موطنًا لما يقرب من 33% من احتياطيات المعدن الاقتصادية العالمية رغم من أن عديدا من الدول الأخرى تُعدّ من كبار مُنتجي المنجنيز باحتياطيات كبيرة، وتمتلك أكبر احتياطيات مقدرة بـ560 مليون طن متري، وتُشكّل 70% من موارد خام المنجنيز المعروفة في العالم. ويُعتبر تشيبي بوروا أكبر منجم منغنيز في جنوب إفريقيا، وواحدًا من أكبر 5 مناجم في العالم.
وفي المركز الثاني تأتي الجابون بإنتاج 4.6 مليون طن متري في 2024، ما يجعلها ثاني أكبر دولة منتجة للمعدن، وكانت مصدر 63% من واردات الولايات المتحدة في 2024، مما سيؤثر سلبا على الاقتصاد الأمريكي الذي يعاني من اضطرابات وعلاقات متوترة مع الشركاء التجاريين حول العالم بسبب الرسوم الجمركية.
وفي المركز الثالث أستراليا التي تنتج 2.8 مليون طن متري وفي المركز الرابع غانا وتنج 820 ألف طن متري، وفي المركز الخامس الهند وتنتج 800 ألف طن متري، كما هو الحال مع الصين والبرازيل، تُعد الهند من الدول الرائدة في استهلاك المنجنيز. ويُستخدم معظمه في إنتاج الصلب.
يذكر أن المنجنيز معدن صناعي مهم، وهو معدن صلب هش فضي اللون، يأتي في المرتبة الثانية بعد الحديد بين العناصر الانتقالية من حيث وفرته في قشرة الأرض، ولطالما استُخدم ثاني أكسيد المنجنيز كمزيل للاستقطاب في البطاريات القلوية، ولكن سوق بطاريات المنجنيز ليس الأكثر إثارة للاهتمام حاليًا.
ويتجه الاهتمام حاليا إلى كيمياء بطاريات الليثيوم - أيون التي تتطلب المنجنيز - مثل بطاريات أكسيد الليثيوم - المنجنيز، وبطاريات أكسيد الليثيوم - النيكل - المنجنيز - الكوبالت.