كيف تدار الهندسة الجيولوجية في إفريقيا

مع انتشار الكوارث المناخية واشتدادها حِدّة وتدميرا، ازداد الاهتمام بما يسمى "إدارة الإشعاع الشمسي" (SRM)، مجموعة من التدخلات على نطاق ضخم لخفض درجات الحرارة العالمية عن طريق زيادة كمية أشعة الشمس المنعكسة بعيدا عن الأرض. للتوضيح، لا تزال مخاطر وفوائد إدارة الإشعاع الشمسي غير مؤكدة. لكن هذا سبب إضافي لتصميم نهج سياسي مدروس في التعامل مع تكنولوجيات الهندسة الجيولوجية الناشئة ــ والمثيرة للجدال.
يصدق هذا التحوط بشكل خاص في إفريقيا، حيث من الممكن أن تخلف جهود إدارة الإشعاع الشمسي عواقب اقتصادية واجتماعية كبرى وقد تحول الانتباه أو التمويل بعيدا عن أولويات مُـلِـحّـة أخرى مثل: توسيع نطاق القدرة على الوصول إلى الطاقة ودعم تحول الطاقة العادل. لذا، يتعين على صناع السياسات والأكاديميين في القارة أن يعملوا على ضمان استرشاد المناقشات الدائرة حول إدارة الإشعاع الشمسي في إفريقيا بمجموعة من المبادئ التي تؤكد على الشفافية وعملية صنع القرار على أساس مستنير، وتسليط الضوء على التحيزات، وديناميكيات القوة، وثغرات الحوكمة المحيطة بهذه الأداة المحتملة.
نظرا لانعدام اليقين على هذا النحو، يتعين على القادة الأفارقة أن يدفعوا باتجاه نهج شفاف ومنصف في البحث في حوكمة أساليب إدارة الإشعاع الشمسي. بادئ ذي بدء، يعني ذلك الاعتراف بديناميكيات القوة غير المتكافئة بين أولئك الذين يمولون الأبحاث في هذا المجال وأولئك الذين يعملون على زيادة الرقابة عليه. ستزداد هذه الفجوة اتساعا إذا لم تبدأ الحكومات، والمنظمات غير الحكومية، والمنظمات الخيرية، في التعامل مع حقيقة مفادها أن كيانات القطاع الخاص بدأت تعمل على تطوير إدارة الإشعاع الشمسي.
وهذا يحدث بالفعل الآن إلى حد ما. فعلى مدار العقدين الأخيرين، هيمنت قوى فاعلة في الشمال العالمي ــ سواء من مؤيدي أو معارضي إدارة الإشعاع الشمسي ــ على هذا المجال. والجهود المبذولة لملاحقة البحوث الجديدة في بلدان الجنوب العالمي والتعرف على وجهات نظرها السياسية مشجعة، لكنها لا تزال غير كافية. لتجاوز أشكال المشاركة الاستعمارية، من الأهمية بمكان تيسير تبادل المعرفة، بدلا من الدفع باتجاه نتائج محددة سلفا.

تدرك الحكومات الإفريقية تمام الإدراك مدى صعوبة إيجاد التوازن بين الاستثمار المرتبط بالمناخ والتنمية الاقتصادية. الواقع أن عددا كبيرا من هذه الحكومات، الواقعة في دوامة ضائقة الديون، تناضل في محاولة استعادة الاستقرار المالي، وتمويل التدابير المعاكسة للدورات الاقتصادية لوضع اقتصاداتها على مسار أكثر استدامة، والتكيف مع التهديد المناخي المتنامي.
توصلت سلسلة من الحوارات التي نظمتها مؤسسة المناخ الإفريقية والتحالف من أجل المداولات العادلة بشأن الهندسة الجيولوجية الشمسية إلى عدد كبير من الاستنتاجات ذاتها، بما في ذلك أن إدارة الإشعاع الشمسي يجب ألا تؤدي إلى تفاقم أوجه التفاوت وتقويض العمل المناخي، ويجب أن تُـحـكَـم وفقا لذلك. سلطت الاجتماعات الضوء أيضا على الحاجة إلى تحسين تبادل المعلومات وبناء القدرات في الحكومات الإفريقية، والمجتمع المدني، والأوساط الأكاديمية عندما يتعلق الأمر بإدارة الإشعاع الشمسي، حيث لا يعرف عدد كبير من قادة القارة ما يكفي عن هذه التكنولوجيات.
في حين أن البلدان الإفريقية مهمومة دون شك بشواغل أشد إلحاحا من إدارة الإشعاع الشمسي، يتعين على صناع السياسات وأصحاب المصلحة في القارة أن يكونوا أكثر استعدادا للتعامل مع هذا المجال السريع التطور. سيؤدي تصميم وحوكمة إدارة الإشعاع الشمسي دورا مهما في تحديد مدى تأثير هذه التكنولوجيا، ومن الممكن أن يساعد تطوير فهم دقيق لهذه التكنولوجيات على مراحلها المبكرة في مختلف أنحاء إفريقيا في توجيه عملية صنع القرار في الأمد البعيد. مع تسارع وتيرة الانحباس الحراري الكوكبي، سيكون الانخراط في إدارة الإشعاع الشمسي على المستويات الإقليمية، والوطنية، والمحلية أمرا بالغ الأهمية لإنشاء نظام بيئي شامل، وشفاف، وخاضع للمساءلة لإدارة الهندسة الجيولوجية الشمسية على مستوى القارة.

خاص بـ "الاقتصادية"
حقوق النشر: بروجيكت سنديكيت، 2025.

www.project-syndicate.org

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي