الأمير نايف في غرفة جدة: حديث استثنائي يتجاوز الأهمية
في تشريف لحفل الغرفة التجارية في جدة الذي أقيم مساء السبت قبل الماضي التقى الأمير نايف بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية، رجال الأعمال ومجموعة من رجالات الدولة، وكان لقاء متميزا أجاب فيه عن الأسئلة التي أثيرت في حضور سموه والتي تتعلق بالعديد من القضايا التنموية المحورية التي تتطلب جهودا مجتمعية وإجراءات نظامية لإيجاد حلول لها. وهم مقنعون في اللجوء إليه كي يكونوا على بينة من المسارات التي ستتخذ إضاءات لها ونفعا بها.
وسأتوقف عند بعض منها رغم أهمية جميع القضايا التي تحدث عنها سموه في ذلك اللقاء. وهما قضية إيجاد حلول لإسكان الفقيرات المستفيدات من الضمان الاجتماعي، وقضية مشاركة المرأة في المجالس البلدية !!
القضية الأولى مهمة جدا وإيجاد حلول لها سيشكل انفراجا ـ إن شاء الله، في مواجهة الفقر الذي يعصف بهذه الشريحة التي أصبحت تشكل أرقاما مؤرقة للجميع منذ تلك الزيارة لخادم الحرمين الشريفين للأحياء الفقيرة في الرياض عندما كان وليا للعهد، حفظه الله، حيث نجد في رد لسموه على السؤال الذي وجهته الأستاذة نورة آل الشيخ، حول إمكانية إيجاد مساكن للأرامل والمطلقات أجابها قائلاً: (أولاً أحب أن أؤكد أن هذه الفئة من النساء محل اهتمام معالي وزير الشؤون الاجتماعية وهناك نظام الآن انتهى ومن المنتظر أن تشارك فيه مجموعة من النساء وهو الاهتمام بشؤون النساء خصوصاً المطلقات ومن شابههن من النساء من أجل تأمين دخل كاف يغطي هذا الأمر ولذلك قد يكون إجراء دراسة لسكن هؤلاء النسوة أمرا واردا وهي ضمن المشروع الكبير للإسكان الذي أمر به سيدي خادم الحرمين الشريفين والآن هو لدى وزارة الاقتصاد والتخطيط وشكل له هيئة ـ وإن شاء الله ـ سيتم ذلك قريباً كما أن هناك اجتهادات من مهندسين سعوديين ومؤسسات وجمعيات لتقديم دراسات متوسطة بشأن إسكان مناسب يليق بالإنسان السعودي سواء كان رجلا أو امرأة).
وأضاف أحب أن أؤكد أن هذا الأمر محل اهتمام وهو ذو شقين الشق الأول منه هو تأمين دخل للنساء يكفيهن للأمور الضرورية في الحياة للاتي لا يجدن دخلا مناسباً والشق الثاني حيال النظر في الإسكان وهو أمر يبحث للمواطنين بشكل عام، والنساء المحتاجات للسكن سيكن في المقدمة). هذه القضية إذا ما تم الاهتمام بها عمليا وبشكل استثنائي من قبل الوزارات التي ذكرها سموه الكريم أو الجهات ذات العلاقة مثلا ما سوف يقدمه المهندسون السعوديون لهذه الفئات والجمعيات من دراسات أتوقع أن يتم فيها مراعاة عدم العزل لهن في مناطق أو أحياء خاصة بهن مما سيكون له أثر سلبي سيظهر لاحقا مما قد يحدث انعكاسات اجتماعية لا تحقق الهدف الأصلي لإيجاد مساكن لهن. وأثق بأن الأفاضل من المتخصصين العاملين الآن في مشاريع الإسكان لهذه الشرائح لديهم إجابات وخبرة إيجابية وسلبية أيضا قد تحدث إذا ما تم تخصيص مناطق محددة لسكنى الفقراء. ولكن هذا لا يلغي إطلاقا أهمية بل ضرورة توفير هذه المساكن تحقيقا لأهداف الأمن السكني. خصوصا في ظل ارتفاع أسعار العقار والأراضي، وأدوات البناء، وعدم توافر السيولة لدى شريحة كبيرة من المواطنين خصوصا بعد انهيار سوق الأسهم قبل أعوام ثلاثة. وأيضا تدني نسبة تملك السعوديين لمنازلهم أسوة ببقية مواطني دول الخليج.
وجميل أن يؤكد سموه أن هذا الأمر (محل الاهتمام وهو ذو شقين الشق الأول منه هو تأمين دخل للنساء يكفيهن للأمور الضرورية في الحياة للاتي لا يجدن دخلا مناسباً والشق الثاني حيال النظر في الإسكان وهو أمر يبحث للمواطنين بشكل عام والنساء المحتاجات للسكن سيكن في المقدمة).
أما القضية الثانية التي وضع الأمير نايف رجل الأمن النقاط على الحروف في سجالها الاجتماعي الذي لم يتوقف منذ أعوام وأحدث شبه اهتزاز في النسيج الاجتماعي لم يتوقف خصوصا مع سوء استخدام البعض هذه القضية ومجانبتهم الواقع الاجتماعي لأي مجتمع مسلم يتحقق في أنسجته وقضاياه التشريعات الدينية الإسلامية التي لا تترك كما يقال أي جزئية صغيرة، أو كبيرة إلا وضعت لها توضيحا، وبنودا لا يقواها إلا المتقون. الذين يهتدون بهذه التشريعات الربانية الأعلم بخصائص النفوس، وبأمراض البدن في الكائن العضوي، وفي الجسد الاجتماعي. وليست من صنع البشر كما هي في القوانين الوضعية التي تستمد من خبرات بشرية مؤدلجة، وقاصرة ومحكومة بزمن معين وتوجهات محددة، وتستمد تأثيرها من مظلات الأمم المتحدة التي تصيب وتخطئ، خصوصا فيما يتعلق بقضايا الإنسان هذا المخلوق الذي لايعلم دواخله سوى خالقه، ولا يرسم ''كتالوجه'' سوى هذا الخالق، تماما كما يتم إعداد (كراسة إرشادات ترفق مع أي جهاز تقني دقيق الصنع). لا يسمح لمن يستخدمه أن يعيث فيه فسادا أو نقص خبرة حتى لايتم عدم الفائدة منه أو تدميره.
وأعني بهذه القضية (قضية مشاركة المرأة الرجل العمل في موقع واحد) ففي رد سموه على سؤال إحداهن حول مشاركة المرأة في أعمال المجالس البلدية، قال سموه الكريم: (أولا أيتها الأخت الكريمة من الذي شكك في مواطنة المرأة.. المرأة مواطنة مثلما الرجل مواطن.. ولكنْ كل ميسر لما خلق له وأعتقد ولا نختلف أبداً أن المرأة تؤدي كثيرا للمجتمع أكثر مما يؤديه الرجل وتعاني الشيء الكثير وهو فيما خلقها الله له وتتحمل ما لا يتحمله الرجل في التربية وما قبل التربية وهو الشيء الذي لا تتساوى هي والرجل فيه بشكل عام المرأة عزيزة علينا دينا ومواطنة فهي الأم وهي الأخت وهي البنت وهي الزوجة فليس أكرم لدى الإنسان من الأم ولا أعز منها .. - الجنة تحت أقدام الأمهات - وهذا قول معروف من رسول الله، عليه أفضل الصلاة والسلام، وكرامة الزوجة وكرامة الأخت وكرامة البنت فوق الرؤوس).
وقال سموه: (وأنا واثق بشكل قاطع بأن كل الرجال في المملكة وفي كل مناطقها ومدنها وقراها يضحون بأنفسهم ودمائهم في سبيل كرامة المرأة والحفاظ على كل ما تحتاج إليه ولا شك أنه لابد أن تشارك بالعمل بما يليق بالمرأة).
وأضاف سموه قائلا: (إن مجال التجارة ليس هناك أمر يمنع لأي امرأة أن تكون مؤسسة أو تشارك في أي مؤسسة أو حتى أي مجال لعمل صغير على كل حال هذا الأمر محل عناية واهتمام من الدولة وعلى رأسها سيدي خادم الحرمين الشريفين وسيدي سمو ولي عهده وعضده الأيمن وهذا ظهر وثبت في مجالات متعددة ثم لابد أن نأخذ في الاعتبار عقيدتنا أولا وأخلاق مجتمعنا .. لا أعتقد أن هناك رجلا في المملكة أيا كان سيسمح لابنته أو زوجته أو أخته أن تكون سكرتيرة لرجل كما هو موجود في الخارج .. مجالات العمل كثيرة وما يليق بالمرأة موجود ويمكن تحقيقه فلتكن نساؤنا في مستوى الإدراك والمسؤولية وهن ـ إن شاء الله ـ محل الثقة).
نعم المرأة لها الحق أن تمارس العمل أو تكون مؤسسة أو تشارك في أي مؤسسة، ولكن ومن إجابات سموه نجد أنه أكد أن الإطار التنظيمي لهذا العمل يكون وفق الإطار التشريعي الذي يحرم الاختلاط والذي تميزت المملكة منذ تأسيسها بين بقية المجتمعات بتطبيقه، رغم جهود البعض لإلغاء هذا الإطار التشريعي تحت مسميات عديدة وآراء غريبة، وبدعوى أن الاختلاط ليس محرما وإنما المحرم شرعا هي ( الخلوة ) !! بينما تجارب المجتمعات الأخرى غربية أو عربية مسلمة من جراء هذا الاختلاط سواء في التعليم أو مواقع العمل تؤكد الإخفاق في إيجاد بيئة مطمئنة وآمنة. ولن أتحدث عن التحرش الجنسي أو جرائم الزنا أو الابتزاز الذي بدأت أرقامه في مجتمعنا هنا تتزايد وما ينشر في الصحف يوميا عن هذه الجرائم يؤكد أن الخروج عن السياج التشريعي هو الانحدار نحو الهاوية.
صدقت سمو الأمير عندما قلت: (لابد أن نأخذ في الاعتبار عقيدتنا أولا وأخلاق مجتمعنا .. لا أعتقد أن هناك رجلا في المملكة أيا كان سيسمح لابنته أو زوجته أو أخته أن تكون سكرتيرة لرجل كما هو موجود في الخارج).
**حديث سموه الكريم في تلك الأمسية هو تعزيز لما هو من مواد نظام الحكم في المملكة العربية السعودية (أرض الحرمين ومنبع الرسالة السماوية) أن دستورنا القرآن الكريم، ومنه نستمد جميع تشريعاتنا. حفظ الله سموه الكريم، وحمى مجتمعنا من جميع الأخطار الفكرية والإرهابية في نماذجها المتعددة.