مأساة تتكشف أبعادها في أشد الدول فقرا «3 من 3»
ستعين زيادة المساعدات هذه الدول أيضا على الاستثمار في قطاعات بالغة الأهمية مثل الصحة، والتعليم، والبنية الأساسية، وهذا من شأنه أن يعزز قدرتها على الصمود وتحقيق إمكانات النمو. ومن الممكن تحسين فاعلية المساعدات "وهذا مصدر انزعاج كبير بين المانحين" من خلال تعزيز التنسيق بين المانحين وبناء مؤسسات محلية مقتدرة لاختيار وإدارة ومراقبة المشاريع. من جانبها، تستطيع المؤسسات المالية الدولية أن تساعد على حشد التمويل الخاص في القطاعات التي تقدم وعد التنمية والربح.
ثانيا، لا بد من التعجيل بإعادة هيكلة الديون. لقد ناضل الإطار المشترك لمعالجة الديون بعد مبادرة تعليق خدمة الديون لتقديم الغوث منذ أعلنت عنه مجموعة العشرين قبل ثلاثة أعوام تقريبا. إذا تم الانتهاء من اتفاق إعادة هيكلة ديون زامبيا مع دائنيها فسيكون هذا التطور موضع ترحيب، لكنه أبرم قبل ثلاثة أشهر، ولا تزال زامبيا تنتظر تخفيف الديون.
الواقع أن الوتيرة شديدة البطء التي يسير بها هذا الإطار - وكل أوجه عدم اليقين التي تصاحبه - منعت عددا كبيرا من الدول من طلب المساعدة التي تحتاج إليها بشدة. الآن حان الوقت لرفع الوتيرة. في عدد كبير من الدول منخفضة الدخل، تتوقف استعادة استدامة الديون طويلة الأجل على إعادة هيكلة الديون. وفي غيابها، ستظل مشلولة وعاجزة عن اجتذاب التمويل الخاص الذي تحتاج إليه للتصدي لتحديات التنمية الهائلة التي يتسم بها هذا العقد، من إيجاد الوظائف وتحسين الرفاهة إلى جعل كوكب الأرض مكانا أكثر ملاءمة للعيش.
أخيرا، يتعين علينا أن نضاعف جهود تنفيذ أجندة الإصلاح من خلال ضمان تكميل المبادرات العالمية الرامية إلى دعم أكثر الدول فقرا بتدابير محلية طموحة. بوسع المؤسسات المالية الدولية أن تحدث الفارق من خلال مساعدة الدول منخفضة الدخل على تعبئة الإيرادات المحلية وتحسين كفاءة الإنفاق وإدارة الديون. وهي قادرة أيضا على دعم الجهود التي تبذلها الحكومات لتحسين الأطر المؤسسية، وبناء رأس المال البشري، وتخفيف العوائق التي تعرقل الاستثمار الخاص، وتسخير إمكانات التكنولوجيا الرقمية، وكل هذا من شأنه أن يعزز آفاق نمو هذه الدول في الأمد البعيد.
الوقت ينفد بسرعة، وستعمل حالة اليأس المتنامية بين مواطني الدول الأكثر فقرا على تغذية حلقة مفرغة جارية بالفعل. ففي محاولة يائسة للهروب من البؤس في أوطانهم، يجازف كثيرون بكل شيء بحثا عن الملاذ في الخارج. الحق أن معاناة ملايين من البشر في مناطق نائية ليست بعيدة عنا كما قد تبدو. إنها تنتقل كالعدوى، وقد بدأت تنتشر بالفعل عبر الحدود الوطنية، مع ما قد يترتب على ذلك من عواقب عالمية لا يمكن التنبؤ بمداها.