عمال البناء في العراق .. الشمس لا تحنو عليهم ولا مظلة الضمانات والقوانين

عمال البناء في العراق .. الشمس لا تحنو عليهم ولا مظلة الضمانات والقوانين
عمال البناء في العراق .. الشمس لا تحنو عليهم ولا مظلة الضمانات والقوانين
عمال البناء في العراق .. الشمس لا تحنو عليهم ولا مظلة الضمانات والقوانين
عمال البناء في العراق .. الشمس لا تحنو عليهم ولا مظلة الضمانات والقوانين

تحت درجة حرارة يمكن أن تتجاوز 50 مئوية، لطالما كانت مواقع البناء في العراق أماكن خطيرة للعمل في الصيف إذ يجد العمال صعوبات في التعامل مع القراميد والحجارة التي تكون شديدة الحرارة بحيث يستحيل لمسها ويمكن أن تتسبب في حروق. ويصاب البعض بالإغماء ويسقطون من المباني.
توبحسب "رويترز" تزايد المخاطر في بلد وضعته الأمم المتحدة في المرتبة الخامسة بين أكثر البلدان عرضة للتأثر بتغير المناخ، مما أدى إلى انطلاق دعوات لإعادة التفكير في ممارسات العمل وضمانات أفضل في مجال البناء ومجالات العمل الأخرى على النطاق الأوسع.
قال سجاد الزاملي، وهو رجل في منتصف العمر يرتدي قبعة لحمايته من الشمس فيما كان يعمل في مجمع سكني مترامي الأطراف في مدينة البصرة الجنوبية "هذه مرمره (حجر تغليف من المرمر) لا تستطيع مسكها ساخنة.. يعني درجة الحرارة بعد الساعة التاسعة صباحا ترى العمال هذا يقع، الثاني يفقد الوعي، يحدث لديه هبوط بالضغط بسبب درجات الحرارة". وأضاف متحدثا عن الواقع الاقتصادي في بلد يبلغ معدل البطالة الرسمي فيه 16 في المائة "هو إذا ما يعمل لا يستطيع العيش".
يتمتع القطاع بازدهار بفضل موجة من الاستقرار النسبي بعد عقود من الصراع، فضلا عن الاستثمار الذي يحركه ارتفاع أسعار النفط. لكن حرارة الصيف المرتفعة تجعل العمل أكثر صعوبة بالنسبة لمئات الآلاف من العاملين في مجال البناء.
فرضت دول أخرى في المنطقة، ولا سيما السعودية والإمارات، منذ فترة طويلة استراحة في منتصف النهار لتجنب العمل تحت أشعة الشمس المباشرة من الظهيرة حتى الساعة الثالثة مساء.
ينتقد مراقبون مثل هذه الأوضاع في العراق ويقولون إن إجراءات الحماية من هذا القبيل محدودة، إن وجدت أصلا، وتطبق بصورة فضفاضة. ويجري تشغيل العديد من العمال بشكل غير رسمي، مما لا يترك لهم سوى القليل من الضمانات القانونية.
قال نصير علي حسين، معاون مدير قسم التفتيش في وزارة العمل، إن العراق ليس لديه لوائح خاصة تتعلق بحرارة الجو وإن من الممكن إعادة النظر في تحديث الأطر القانونية. لكنه أشار إلى أن القانون يلزم أصحاب العمل بضمان سلامة العمال على نطاق واسع.
وقال إن الوزارة لم تتلق أي شكاوى رسمية من العمال تتعلق بارتفاع درجات الحرارة، مضيفا أن العراقيين ربما أصبحوا معتادين على درجات الحرارة المرتفعة في بلد تعتبر 45 درجة مئوية فيه طبيعية في الصيف.

لا خيار آخر

قال أكثر من 12 عاملا بين البصرة وبغداد إنه أصبح من المعتاد بالنسبة لهم رؤية زملائهم يصابون بالإغماء في مواقع البناء، بل ورؤيتهم وهم يسقطون من المباني عندما ترتفع الحرارة بشدة.
وعندما أمرت السلطات في البصرة موظفي القطاع العام بالبقاء في منازلهم مؤخرا عندما ارتفعت الحرارة فوق الخمسين درجة مئوية، استمر العمل في موقع البناء الذي يعمل فيه الزاملي.
قالت مها قطاع، ممثلة منظمة العمل الدولية في العراق، إنه يتعين على السلطات تعزيز اللوائح المتعلقة بالحرارة والرقابة للحفاظ على سلامة العمال.
وأضافت نقلا عن بيانات وزارة العمل أن العراق سجل نحو 4000 إصابة مرتبطة بالعمل في عام 2022. لكنها قالت إن هذا العدد من المحتمل أن يكون أقل بكثير من العدد الحقيقي، لكن لم يتضح كم من هذه الحالات مرتبط بالحرارة.
وأوضحت "هذا النوع من الإصابات سيزداد بزيادة مطردة نظرا لازدياد درجات الحرارة في العراق. الإبلاغ ليس كل شيء. الإبلاغ هو جيد لكن ما هي الاجراءات بعد الإبلاغ؟ كيف سيجري التعامل مع هذه الحالات وكيف سيتم تعويض العمال. اليوم العامل الذي يعمل بشكل غير منظم، غير مسجل وليس لديه ضمان اجتماعي، ليس لديه ضمان صحي، اليوم إذا تأثر بحالة إصابة عمل ناتجة عن زيادة درجة الحرارة من سيتكفل بتعويضه؟"
توقف إبراهيم مهدي، الذي يعمل في موقع بناء في بغداد، ليرتشف جرعة من الماء وهو يحكي موقفا صعبا وقع في اليوم السابق. رأى بعينيه زميله يصاب بالإغماء ويسقط من مبنى ويتهشم رأسه.
قال إن توفير الحماية واجب على الشركات وأرباب العمل، لأن من هم في مثل ظروفه يحتاجون إلى العمل بغض النظر عن الظروف.
أضاف "لدي عائلة تحتاج إلى معيل، تأكل وتشرب... يجب علي أن أعمل لأن معاش من الدولة ما عندي.
ومضى قائلا "نعم مضطر لو درجة الحرارة 70 أعمل، يجب أن أعمل من أقعد لا نأكل ولا نشرب إذا لم أعمل فلن أجد الطعام ولا الشراب".

سمات

الأكثر قراءة