القول الفصل لهيئة المحلفين .. هل تجعل أمازون إلغاء خدمة "برايم" بالغ الصعوبة؟
القول الفصل لهيئة المحلفين .. هل تجعل أمازون إلغاء خدمة "برايم" بالغ الصعوبة؟
غالبا ما يتم الاشتراك في أي خدمة عبر الإنترنت بسهولة، بنقرة زر. لكن يصبح الاشتراك غير قانوني إذا كان إلغاؤه يتطلب نقرات عديدة ومرورا بإجراءات معقدة.
هذا هو جوهر المحاكمة المدنية التي تبدأ اليوم لمراجعة الأساليب التي تستخدمها "أمازون" لإغراء المستهلكين بالاشتراك في خدمتها الرئيسية "برايم" ومنعهم من إلغاء الاشتراك بسهولة.
تزعم لجنة التجارة الفيدرالية أن عملاقة الإنترنت خدعت ما يقارب 40 مليون عميل، في انتهاك لقوانين حماية المستهلك، بحسب ما ذكرت "وول ستريت جورنال".
وتسعى اللجنة إلى فرض عقوبات مدنية، واسترداد أموال المستهلكين، وإصدار أمر قضائي يمنع "أمازون" من إرباك العملاء أو خداعهم في الاشتراك.
تمثل هذه القضية اختبارا مهما لحملة إنفاذ القانون التي تشنها اللجنة ضد ممارسات الاشتراك الرقمي المضللة المزعومة.
يعد أمازون برايم أكبر برنامج اشتراك مدفوع في العالم، حيث يضم ما لا يقل عن 200 مليون مستخدم. وأسهمت العضوية فيه في جعل "أمازون" جزءا لا يتجزأ من عادات التسوق لدى المستهلكين.
أطلقت الخدمة في 2005، وتقدم شحنا مجانيا وسريعا، وإمكانية الوصول إلى خدمة البث من أمازون، ومزايا أخرى.
خداع للمشتركين يدخلهم في "متاهة"
لجنة التجارة الفيدرالية، التي رفعت دعوى قضائية ضد "أمازون" في 2023، تتهم الشركة بخداع الناس للاشتراك في الخدمة دون علمهم أو موافقتهم، بما في ذلك إخفاء تفاصيل الفواتير وشروط التجارب المجانية.
تقول اللجنة إن أمازون خلقت "متاهة" لتجعل إلغاء الاشتراك صعب، وهو ما أطلقت عليه اسم "الإلياذة"، في إشارة إلى ملحمة هوميروس عن حرب طروادة الطويلة والشاقة. كما وردت أسماء عديد من المسؤولين التنفيذيين في أمازون كمدعى عليهم.
لكن أمازون تنفي هذه الادعاءات، مؤكدة أنها لطالما التزمت بالشفافية بشأن شروط "برايم"، وتقدم طرقا واضحة للعملاء للانسحاب من عضويتهم.
صرح متحدث باسم أمازون قائلا: "خلاصة القول، لا أمازون ولا المدعى عليهم الأفراد ارتكبوا أي خطأ. ونحن على ثقة بأن الحقائق ستظهر أن هؤلاء المسؤولين التنفيذيين تصرفوا بشكل صحيح، وأننا دائما نضع العملاء أولا".
أنماط مظلمة وفخاخ رقمية
كانت اللجنة قد حققت انتصارا مبدئيا في مرحلة ما قبل المحاكمة الأسبوع الماضي، عندما حكم قاض فيدرالي بانتهاك أمازون قوانين حماية المستهلك بحصولها على تفاصيل الفواتير لأعضاء "برايم" قبل الكشف عن شروط العضوية.
بيد أن القاضي قال إنه لا يزال يتعين على هيئة المحلفين النظر فيما إذا كان العملاء قد أعطوا موافقتهم على التسجيل وما إذا كانت "أمازون" قد وفرت آلية إلغاء بسيطة.
تعد دعوى اللجنة جزءا من جهودها في الأعوام الأخيرة لمعالجة ما يسمى بالأنماط المظلمة، أو الفخاخ الرقمية التي تهدف إلى التلاعب بسلوك المستهلك لصالح الشركة على حساب المشتري.
برنتيس كوكس، أستاذ القانون في جامعة مينيسوتا، يؤكد أن الأساليب المزعومة في القضية متفشية في التسوق الإلكتروني.
وقال: "أمازون من أكبر شركات التجزئة في الولايات المتحدة. إذا اعتبرت ممارساتها انتهاكا للقانون، فسينتبه الجميع. هذا مجال يثير غضب المستهلكين على نطاق واسع، ولهذا السبب شهدنا نشاطا تشريعيا وتنظيميا كبيرا".
دعاوى مماثلة تحقق فيها اللجنة
في الأعوام الأخيرة، حققت اللجنة في ممارسات الاشتراك لشركات مستحضرات التجميل والصحف ومقدمي خدمات الهاتف والإنترنت.
هذا العام، رفعت اللجنة قضايا مماثلة ضد "LA Fitness" و"Uber"، اللتين نفتا هذه الادعاءات. كما أعلنت اللجنة تسويات مع شركة تكنولوجيا المعلومات "Chegg" بقيمة 7.5 مليون دولار.
كذلك، تتابع اللجنة، إلى جانب عدد من المدعين العامين في الولايات، دعوى قضائية منفصلة لمكافحة الاحتكار ضد "أمازون"، إذ تتهم الشركة بالانخراط في احتكار غير قانوني للحفاظ على مكانتها في السوق الإلكترونية.
تنفي "أمازون" هذه الادعاءات، ومن المقرر أن تُعقد محاكمة في 2027.
آلية تسهيل لم تستمر
في عهد إدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، اعتمدت اللجنة قاعدة فيدرالية تهدف إلى تسهيل إلغاء الاشتراك على المستهلكين بنفس سهولة التسجيل.
كانت اللجنة ستلزم الشركات بإنشاء آلية بسيطة للإلغاء، ومنعها من نصب فخاخ لجعل المستهلكين يستمرون بالدفع، وإضافة مزيد من متطلبات الإفصاح. لكن محكمة استئناف فيدرالية ألغت هذه القاعدة في وقت سابق من هذا العام، بعد أن رفعت مجموعات صناعية دعاوى قضائية.
يعد "أمازون" برايم مصدر دخل كبير لأمازون. ووفقا لبحث استقصائي أجرته شركة "Consumer Intelligence Research Partners"، فإن نحو ثلاثة أرباع المشتريات على موقع "أمازون" الإلكتروني تتم من خلال أعضاء "برايم".
تظهر بيانات البحث أيضا أن أعضاء "برايم" ينفقون ضعف ما ينفقه متسوقو "أمازون" الآخرون.
ديفيد فلاديك، الأستاذ في كلية الحقوق بجامعة جورج تاون، وصف خدمة "أمازون برايم" بأنها "بقرة حلوب"، تحقق للشركة أرباحا دون شحن أي منتجات حتى.
مع ذلك، يقول محللون إن فوز اللجنة في هذه القضية قد يكون له تأثير محدود في أعمال "أمازون".
من بين هؤلاء جوش لويتز، الشريك في "Consumer Intelligence Research Partners"، الذي يقول إن نحو 95% من أعضاء "برايم" الحاليين لا يخططون لإلغاء اشتراكهم، مستندا إلى أن "تجديدهم المستمر لاشتراكاتهم يشير إلى رغبة في استمرار العضوية".