الرياض وباريس .. شراكة التنمية والاستقرار والسلام

الرياض وباريس .. شراكة التنمية والاستقرار والسلام
ولي العهد لدى وصوله قصر الإليزيه أمس ويبدو الرئيس الفرنسي في استقباله. "واس"
الرياض وباريس .. شراكة التنمية والاستقرار والسلام
الأمير محمد بن سلمان مصافحا الرئيس إيمانويل ماكرون خلال الاستقبال.

تعكس زيارة ولي العهد لفرنسا، ومشاركته في القمة الفرنسية للتحالف المالي والعالم الجديد، الدور القيادي للمملكة ومكانتها وتأثيرها العالمي، وحرصها على التعاون مع فرنسا في التصدي للتحديات المشتركة لأمن واستقرار المنطقة والعالم.
وتتوافق أهداف القمة الفرنسية للتحالف المالي والعالم الجديد، مع جهود المملكة في مواجهة ظاهرة التغير المناخي من خلال مبادراتها المتنوعة وفي مقدمتها مبادرة الشرق الأوسط الأخضر والسعودية الخضراء، وتبنيها الاقتصاد الدائري للكربون إضافة إلى التزامها بالعمل مع شركائها لإنجاح اتفاقية باريس للمناخ 2015.
وتشهد العلاقات الثنائية بين السعودية وفرنسا تطورا ونموا في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والدفاعية، وتتوافق وجهات نظر البلدين الصديقين ورؤاهما حيال كثير من القضايا المشتركة.
وتكتسب العلاقات أهمية خاصة في ظل تسارع التغيرات الدولية والإقليمية التي تتطلب تبادل الآراء وتنسيق المواقف بين المملكة والدول الصديقة التي تتبوأ فرنسا منها موقعا متميزا.
ويزخر أرشيف ذاكرة العلاقات السعودية - الفرنسية بصور تجسد شراكة تنمية، وصداقة متينة بين البلدين، تمضي قدما بقوة وثبات، وسجلت في مختلف الميادين خطوات رائدة وثابتة.
وشهدت العلاقات الثقافية التاريخية بين البلدين على مدى العقود الستة الماضية تعاونا مستمرا في مختلف المجالات، ويسعى البلدان إلى تعزيز التعاون في هذه المجالات، ولا سيما تطوير المتاحف، والصناعة السينمائية، والتراث، وهناك تعاون للتطوير المستدام لمنطقة العلا، تسهم من خلاله فرنسا في دعم التطوير الثقافي والسياحي لهذه المنطقة الزاخرة بالإمكانات.
وتهدف سياسة البلدين الصديقين بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز والرئيس إيمانويل ماكرون، إلى الإسهام في تحقيق الأمن والاستقرار والسلام في العالم بشكل عام وفي المنطقة بشكل خاص.
وتحرص فرنسا على شراكتها مع المملكة وتعدها "حليفا وثيقا" يلعب دورا رئيسا في الحفاظ على الأمن والسلم الإقليمي واستقرار المنطقة، لذا تعمل القيادة الفرنسية على التشاور مع القيادة في المملكة بشأن القضايا والأزمات الراهنة وسبل معالجتها.
وتتعاون المملكة مع فرنسا في جهود محاربة الإرهاب بجميع أشكاله وصوره ودوافعه، ويعكس ذلك مساهمة المملكة بتقديم 100 مليون دولار في إطار (تحالف الساحل) للتصدي للإرهاب.
وتقدر المملكة تأييد فرنسا لترشح مدينة الرياض لاستضافة المعرض الدولي إكسبو 2030، ويعكس هذا الدعم تنامي وتطور العلاقات والتعاون بين البلدين على جميع المستويات وفي مختلف المجالات.
وتشدد المملكة وفرنسا على أهمية الالتزام بمبادئ الاتفاقية الإطارية للتغير المناخي واتفاقية باريس، مع ضرورة تطوير وتنفيذ الاتفاقيات المناخية بالتركيز على الانبعاثات دون المصادر، بما في ذلك من خلال نهج الاقتصاد الدائري للكربون كإطار متكامل وشامل لمعالجة انبعاث الاحتباس الحراري.
ويؤكد الطرفان أهمية التعاون بين البلدين لدراسة فرص تطوير إنتاج الهيدروجين النظيف في المملكة، إضافة إلى استخداماته المختلفة للمشاركة في تحويل الاقتصادات إلى اقتصادات خالية من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وفي التحول في مجال الطاقة على المستوى العالمي.
وتبرز الزيارات المتبادلة بين المسؤولين العسكريين والأمنيين في البلدين تقارب وجهات النظر السياسية وتعزيز التعاون الأمني والعسكري بينهما، ويتمثل التعاون في هذا المجال في التدريب الأمني وتسليح القوات البرية والبحرية والجوية في المملكة.
وفي المجال الاقتصادي رحبت المملكة بزيادة تعاون الشركات الفرنسية في القطاعات في إطار رؤية المملكة 2030، بما فيها الطاقة، وإدارة المياه والنفايات، والمدن المستدامة، والنقل، والطيران المدني، وحلول التنقل، والاقتصاد الرقمي، والصحة، كما ترغب فرنسا في استقطاب الاستثمارات السعودية في القطاعين العام والخاص، ولا سيما قطاعات التقنيات الجديدة والشركات الناشئة وصناعة المستقبل، وتتطلع المملكة إلى تعزيز استثمارات القطاع الخاص السعودي في السوق الفرنسية.
وتجمع المملكة وفرنسا علاقات متينة في مجالات الطاقة، والتي تتمثل في عديد من المشاريع في مجالات تكرير البترول، وإنتاج البتروكيماويات، وقطاع الكهرباء والطاقة المتجددة، "، وأمن المحطات والشبكات الكهربائية، وموثوقية الخدمة، وتبادل الخبرات في الربط الكهربائي.
وزاد عدد الشركات الفرنسية المستثمرة في المملكة من 259 شركة في عام 2019 إلى 336 شركة في عام 2022، وعمل البلدان على تعزيز العلاقات الاستثمارية الثنائية وبناء شراكات طويلة الأمد بين القطاع الخاص في المملكة وفرنسا وتوسعة نطاقها، عبر توقيع مذكرة تفاهم بين برنامج "ريادة الشركات الوطنية" في وزارة الاستثمار السعودية وبرنامج "بزنس فرانس".
ويوجد عديد من المشاريع السعودية الفرنسية المشتركة، من أبرزها مصفاة ساتورب المشتركة بين شركتي أرامكو السعودية وتوتال إنرجي الفرنسية، وشراكات أخرى في المجالات اللوجستية.
وتعمل الشركات الفرنسية في قطاعات النقل، والطيران، والنفط، وإنتاج الطاقة، والطاقات المتجددة، والمياه، وتدوير النفايات، والبناء، وتركز حاليا على عدد من القطاعات في المملكة، مثل: الاقتصاد الرقمي، والذكاء الاصطناعي، والثقافة، والضيافة، والتقنيات الزراعية، والتقنية الحيوية، والصحة.
ويتطلع البلدان إلى تعزيز الاستفادة من الفرص التي تتيحها رؤية المملكة 2030، والخطة الاقتصادية لفرنسا 2030، لتطوير وتعزيز الشراكة الاقتصادية بين البلدين في مجالات الاستثمار المتبادل والمشترك، والصناعة، والطاقة، والثقافة والتراث، والسياحة، والتعليم، والتقنية، والفضاء، والدفاع والأمن، وغيرها من المجالات.
وبلغ حجم الصادرات السعودية غير النفطية إلى فرنسا 1.3 مليار ريال خلال عام 2022، فيما وصل حجم الواردات إلى 14.7 مليار ريال، في حين تنوعت أهم صادرات المملكة إلى فرنسا في عدد من الأنشطة الصناعية من بينها البتروكيماويات ومواد البناء والمنتجات الغذائية والأدوية، وجاءت أهم واردات المملكة من المنتجات الغذائية، والآلات الثقيلة والإلكترونيات، والسيارات. وقد ساهم صندوق التنمية الصناعية السعودي بتمويل نحو 27 مشروعا مشتركا بين البلدين في عدد من الأنشطة الصناعية والتعدينية بقيمة تبلغ 4.5 مليار ريال.
وتعد المنتجات المعدنية، والمنتجات الكيماوية العضوية، والألمنيوم ومصنوعاته، واللدائن ومصنوعاتها، أهم السلع التي تصدرها المملكة إلى فرنسا، بينما تعد منتجات الصيدلة، والزيوت العطرية ومستحضرات التجميل، والسيارات وأجزاؤها، والآلات والأدوات الآلية وأجزاؤها أهم السلع التي تستوردها المملكة من فرنسا.
ووسع البلدان نطاق التعاون بين الجامعات والكليات التقنية ومراكز الفكر والأبحاث في المملكة وفرنسا، إضافة إلى التعاون في مجالات البحوث العلمية والتطوير والابتكار، ويبلغ إجمالي عدد الطلاب السعوديين المبتعثين حاليا في فرنسا 996 طالبا، فيما يبلغ عدد الطلاب الفرنسيين الدارسين في المملكة حاليا 259 طالبا.

الأكثر قراءة