متى يعيش السعودي 80 حولاً؟

يُقاس متوسط طول عمر الإنسان في المجتمع بمقياس يُسمى "العمر المتوقع عند الميلاد" life expectancy، وهو من المقاييس الشائعة لدى الديموغرافيين. ويُطلق عليه – أحياناً – "توقع الحياة" التي هي ترجمة للمصطلح الأجنبي. ويعني هذا المصطلح – ببساطة - المتوسط التقديري لعدد السنوات التي من المتوقع أن يعيشها الفرد إذا استمرت معدلات الوفيات السائدة على ما هي عليه، وببساطة أكثر، هو المعدل العام لأعمار السكان عند الوفاة.
أما عن العمر المتوقع في المملكة، فقد أصبح الإنسان – بحمد الله - يعيش سنوات طويلة تصل في المتوسط إلى 72 سنة أو تزيد، وذلك نتيجة التحسن الكبير في مستويات المعيشة والصحة. لقد كان أمد الحياة (أو العمر المتوقع) لا يتجاوز 40 سنة في منتصف القرن الميلادي الماضي، أي منذ نحو 60 سنة فقط. وهذا يعني أن الإنسان كسب أكثر من 30 سنة خلال العقود الستة، بمعدل زيادة في الأعمار تصل إلى نصف سنة كل عام. وهذا إنجاز لا يستهان به.
ولعل هذا يثير تساؤلاً في ذهن القارئ، وهو: متى سيتمكن الإنسان السعودي من العيش 80 حولاً في المتوسط؟ تُشير التوقعات الديموغرافية إلى أنه عند منتصف القرن الحالي (أي عام 2050م) سيتمكن الإنسان في المملكة – بإذن الله - من العيش قرابة 80 حولاً في المتوسط، وستتفوق المرأة على الرجل في هذا الميدان لتعيش في المتوسط 82 سنة. وعلى الرغم من أن طول عمر الإنسان في المملكة سيتجاوز المعدل العالمي الذي من المتوقع أن يصل إلى نحو 75 سنة عند منتصف القرن الحالي، إلا أن الإنسان في اليابان سيبقى في المقدمة بين دول العالم ليعيش في المتوسط 87 سنة، وستتربع المرأة اليابانية على عرش ينبوع الحياة، ليتجاوز طول عمرها في المتوسط 90 عاماً.
وعلى الرغم من التحسن الكبير في العمر المتوقع في المملكة، إلا أن الحاجة لا تزال ماسة للسيطرة على بعض الأمراض والعادات الغذائية والسلوكيات التي تحد من عمر الإنسان، وتؤثر في نوعية الحياة quality of life. فانتشار التدخين والسمنة وقلة ممارسة الرياضة عوامل أثبتت الدراسات العلمية أنها تحد من أمد الحياة، وتتسبب في الشيخوخة المبكرة والإصابة بالأمراض المزمنة، ومن ثم تؤثر – سلباً - في نوعية الحياة، نتيجة الإصابة بالعجز أو الإعاقة، وبالتالي عدم القدرة على الاستمتاع بالحياة.
ومع الأسف فإن المواطن السعودي يعاني من الأمور الثلاثة جميعها، فالتدخين يتزايد بين الشباب على الرغم من تناقص استخدامه في معظم الدول، وأجسام الناس - صغاراً وكباراً - تزداد انتفاخاً وسمنة، مما رفع معدلات الإصابة بالسكري إلى مستويات مقلقة تفوق ما هو موجود في معظم الدول الأخرى، بل تصل في اعتقادي إلى مستوى "الكارثة الوطنية" التي ينبغي التصدي لها بجدية، لأن الإنسان هو هدف التنمية، وهو مصدر استدامتها واستمرارها، خاصة بعد أن وصل معدل الإصابة بالسكري إلى 28 في المائة.
وعوداً إلى أمد الحياة نقول إن الإنسان لن يكف عن بحثه الدؤوب عن "ينبوع الشباب" Youth Fountain، وسعيه المستمر لكسب مزيد من السنوات حتى ولو تجاوز الـ 80 حولاً التي رأى شاعر الحكمة زهير بن أبي سلمى أنها أكثر من كافية، حين قال:
سئمت تكاليف الحياة ومن يعش
ثمانين حولاً لا أبلك يسأم
وختاماً أتمنى لك - أيها القارئ والقارئة – عمراً مديداً، وعيشاً رغيداً، وحياة نافعة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي