هل من مؤشر لسوق الإسكان؟
أتصور أن موضوع «سوق الأسهم وتداعياته» يتبادر إلى أذهان الكثير من القراء الكرام عند سماع كلمة المؤشر أو الحديث عنه، وأخشى أن يفتح جروحاً لم تندمل بعد عند بعضهم. ومع هذا ستبقى مختلف المؤشرات التجارية أدوات فاعلة لضبط أعمال السوق من الشراء والبيع والعمليات الأخرى المتعلقة بها. وفي حالة توفر مؤشر للسوق العقاري أو السكني - على وجه التحديد - سيتمكن المعنيون بالسوق والراغبون من المواطنين في شراء أرض سكنية أو امتلاك مسكن أو استئجاره من: تتبع حركة السوق بشكل أسبوعي أو شهري أو دوري، والتعرف إلى نمط التغير في الأسعار، والعوامل المؤثرة عليها، وتتبع اتجاهات هذا التغير، وقياس ميزان العرض والطلب بناء عليها. كما سيعمل المؤشر على تحديد مدى قدرة السوق الذاتية على التفاعل والاستجابة لتوفير الطلب على المساكن، وتحديد الرغبات الإسكانية من واقع التغير في نمط السوق واتجاهاته. وسيسهم توفر قاعدة معلومات مرجعية للأسعار والإيجارات في تحسين أداء سوق الإسكان، وتحديد الهامش الربحي المناسب للمستثمرين، وسيجعل أيضاً الحصول على قروض التمويل الإسكاني ميسرة وفي حدودها المنطقية.
وعلى سبيل المثال، فقد أصبح ارتفاع تكلفة الأراضي السكنية أحد أهم العوامل المؤثرة في ضعف مقدرة الكثير من الأسر على امتلاك المسكن في مدن المملكة الرئيسية. ومع هذا نلاحظ تفاوتاً كبيراً بين أسعار الأراضي السكنية في مختلف الأحياء والمناطق السكنية. وأكثر ما يلفت الانتباه التفاوت الكبير بين الأسعار في بعض الأحياء المتجاورة. ولكن إذا عرفت العوامل المؤثرة في ارتفاع أسعار الأراضي، وأمكن التحكم فيها؛ فستجعل امتلاك المساكن ميسراً للكثير من سكان المدن. كما تؤثر عوامل أخرى - إضافة إلى أسعار الأرض - على أسعار المساكن وعلى تكلفة إيجارها (مثل: نوع المسكن، وخصائصه، وخصائص الحي أو المنطقة المقام فيها، وغيرها من الخصائص الاجتماعية والاقتصادية للسكان)؛ لذا يتعين لجعل المؤشر ذي فائدة قصوى أن يُؤخذ في الحسبان بالإضافة إلى سعر العقار: مساحته، وحجمه، ومكوناته، وحالته الإنشائية، وتفاصيله الفنية، وعناصره المعمارية، وخصائص الأرض المقام عليها، وخصائص موقعه والحي المقام فيه.
وتحدد مؤشرات العقار الفاعلة متوسط الأسعار بحسب الخصائص المختلفة للمساكن أو لقطع الأراضي السكنية، وتنبه بشكل مستمر إلى نسبة التغير في الأسعار، وتأثيرها على التوقعات المستقبلية وعلى حجم الطلب. ويتطلب بناء مؤشر جيد وفاعل التعاون بين جميع القطاعات الحكومية ذات العلاقة والعاملين في سوق العقار، وتوفير قاعدة بيانات مشتركة في كل مدينة لتمكين العاملين على المؤشر من جمع البيانات اللازمة وتحليلها ونشرها بشكل دوري ومستمر. وقد تتطلب الأعمال الأولية لإنشاء المؤشر إجراء مسح ورفع ميداني للأحياء أو للمناطق المستهدفة لتحديد خصائصها العمرانية (مثل: عروض الشوارع فيها، وكثافتها العمرانية، وطبيعتها الطبوغرافية، وغيرها من الخصائص)، ومدى توافر مرافق البنية التحتية بها من: كهرباء، وماء، وهاتف، وصرف صحي، وسفلتة، ورصف، وإنارة، وتشجير، وغيرها، بالإضافة إلى رصد الخصائص الاجتماعية والاقتصادية الأخرى لسكان الحي.