فهم آراء المستهلكين والسيطرة على التضخم «2 من 3»
يمكن للتجارب التي واجهها المستهلكون على مستوى العالم، مثل العيش أثناء حقبة الكساد الكبير، الذي حدث في سبعينيات القرن الماضي وأدى إلى ارتفاع حاد في معدلات التضخم، أن تؤثر بقوة في تصورات الناس للتضخم لبقية حياتهم.
ورغم أن هذه النتائج تصف غزارة وتعقد توقعات الأسر، فهي لا توفر تحليلا كاملا لكيفية تشكيل هذه التوقعات. وعندما يقرأ غير الخبراء الأخبار المتعلقة بالسياسة النقدية وسياسة المالية العامة أو الأحداث الاقتصادية، إلى أي مدى يعدون تلك المعلومات عنصرا مساهما في توقعاتهم للتضخم والمؤشرات الرئيسة الأخرى؟ ولأغراض صنع السياسات الفاعلة ووضع النماذج النظرية، هل من الآمن أن نفترض أن الأشخاص العاديين يشكلون توقعاتهم بطريقة الخبراء نفسها؟ إن معرفة الإجابات عن هذه الأسئلة من شأنه أن يساعد صناع السياسات على تحسين توجيه توقعات المستهلكين بشأن الآثار الناتجة عن إجراءاتهم.
وفي دراسة صدرت أخيرا، شرعت أنا والمؤلفون المشاركون لي في البحث عن إجابات. وقد أجرينا مسوحا لقياس آراء الناس حول آثار الصدمات الاقتصادية في البطالة والتضخم. وقمنا في الفترة من 2019 إلى 2021 بجمع الإجابات من عينات شملت 6500 أسرة أمريكية ممثلة للسكان إلى حد كبير. وخلال الفترة نفسها، أجرينا مسحا على أساس مستقل شمل 1500 خبير، بمن في ذلك الموظفون في البنوك المركزية والمؤسسات المالية الدولية، وأساتذة الجامعات وطلاب الدكتوراه، والاقتصاديون في القطاع المالي. وبالنسبة إلى عينات المسح التي تم جمعها أثناء جائحة كوفيد - 19، عدلنا الاستبيان للتأكد من أن توقعات المجيبين تشير إلى كيفية عمل الاقتصاد في "الأوقات العادية" وليس أثناء الظروف الاستثنائية للجائحة.
وحول الصدمات الافتراضية، فقد استخدمنا المسح لإلقاء الضوء على رأي الناس في الطريقة التي يعمل بها الاقتصاد - أو بلغة الاقتصاديين "نماذجهم القائمة على التقدير الذاتي". وقد طلبنا من المجيبين النظر إلى أربع صدمات افتراضية يتعرض لها الاقتصاد الأمريكي: ارتفاع حاد في أسعار النفط نتيجة انخفاض العرض العالمي، وارتفاع ضرائب الدخل، وزيادة إنفاق الحكومة الفيدرالية، وارتفاع سعر الفائدة المستهدف من الاحتياطي الفيدرالي. وقد تمت دراسة هذه الصدمات على نطاق واسع في علم الاقتصاد الكلي، ولكن يمكن لغير الخبراء فهمها أيضا من الناحية المفاهيمية. وللتأكد من أن جميع المجيبين استندوا في إجاباتهم إلى المعلومات نفسها، قدمنا لهم الأرقام الحالية لمعدلات التضخم والبطالة وطلبنا منهم وضع تنبؤاتهم للمتغيرين خلال العام التالي. ثم قدمنا لهم أخبارا عن إحدى الصدمات الافتراضية الأربع وطلبنا منهم وضع تنبؤات جديدة للتضخم والبطالة.