العلاقة بين الروح والطقوس
هناك جدل مهم بين الشكل والجوهر، بين الروح والمظهر، بين طقوس العبادة والعبادة، وهناك من يظن أن العبادة هي في الصلاة ولو تهرب الموظف من عمل، ولم يؤد الجراح عمليته على وجه سليم، أو لم تخدم المرأة عائلتها على شكل مريح، أو ذلك الموظف العابس الذي لا يخدم الناس، ويحرص على إمامة الناس في الصلاة، ويظن أنه بهذه الطريقة يمكن أن يمارس عمله، وسمعت عن بعض الناس الذين يفعلون الموبقات ثم يقولون نعمل عمرة ونغتسل من كل الذنوب والخطايا! وفي سورة الأعراف إشارة إلى هذا، و"يقولون سيغفر لنا وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه إلى يؤخذ عليهم ألا يقولوا على الله إلا الحق".
ومنه وجب تعميم مفهوم العبادة وعلاقتها بالطقوس، وهو موضوع حساس، يشعر البعض أنهم إخصائيون فيه يجب لا يتحدث أحد فيه سواهم.
وأذكر من ظلال القرآن أن صاحبه قال بقي فترة طويلة لم يفهم سر الأحكام الكثيرة الموجودة في سورة البقرة، حتى هداه عقله إلى فهم سرها فسماها حزمة العبادة. ومنه الآية و"ما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" فقد فكرت فيها طويلا لأصل إلى العمل فنحن خلقنا للعمل ونعم أجر العاملين. "فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى".
إن سورة البقرة رائعة في عرض عشرات المواضيع، وتبدأ في صفات المتقين لتنتهي من جديد بصفات المتقين.
وأذكر قبل يومين أنني أضعت بطاقة الصرف الآلي، فقلت للأخ الودود الشايق في البنك الأمريكي إننا هكذا مركبون على الخطأ والنسيان، ومنه ختمت سورة البقرة هذا المعنى "ربنا لاتؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا".
بل إن هناك حديثا يوسع مفهوم العبادة والصدقة وجب ذكره، وهو أن الرجل يثاب على العمل الجنسي؟ فتعجب الصحابة وقالوا هل من المعقول هذا يارسول الله أيأتي أحدنا شهوته وله فيها أجر؟ فشرح لهم نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم أنه لو وضع أحدهم نطفته في الحرام، ألم يكن عليه وزر؟ فهز الصحابة رأسهم بالإجماع وهمهموا: نعم .. نعم ! فلماذا تتعجبوا إذا من وضعها في الحلال؟ وهكذا ولّد الرسول صلى الله عليه وسلم عندهم هذا اللون من التقابلات الوزر والحرام مقابل الأجر والحلال.
وهكذا يجب إدراك علاقات الطقوس ودورها، ولكن أكثر الناس لا يعلمون طبيعة العلاقة بين الطقوس والروح، ولماذا حرصت كل الديانات على الطقوس، وحذرت من الروتين والملل والطقوس الميتة.
لابد من الطقوس، ولا بد من الحذر من الطقوس في جدل صعب.
ويمكن تشبيه الموضوع بالعلاقة بين محرك السيارة وحزام الدوران والدينمو والبطارية، فهي كلها علائق وارتباطات.
ولله المثل الأعلى "فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لاتعلمون".
الحزام يدور ومعه شحن الدينامو، والدينامو مرتبط بالبطارية فيملأ البطارية بالكهرباء.
كذلك كانت الصلاة ولله المثل الأعلى؛ طقوس مرتبطة بالقلب للشحن الروحي، فإن أداها المرء خاشعا كان من المفلحين، ومن أداها حركات كانت مثل حزام مروحة منخلع مفكوك من الدينامو والبطارية، يدور حول نفسه في الفراغ الكئيب. وستقف السيارة ولو بعد حين. بعد أن تنفد منها الكهرباء.
الكهرباء في السيارة هي الروح في الجسم.
تأمل سيارة تنفد منها الكهرباء كيف تتباطأ في كل شيء ثم تقف ميتة. كذلك ك