اقتصادي يتساءل: هل تؤثر فاتورة البنزين في مستوى معيشة المواطن؟

أكد مختص في شؤون الطاقة أن أي برنامج لترشيد استهلاك المنتجات النفطية لن يحقق النجاج المأمول في ظل الأسعار المنخفضة للمنتجات.
وقال الدكتور عبد الوهاب السعدون المختص في شؤون الطاقة إن المملكة أكبر منتج للنفط واستهلاكها للمحروقات النفطية بهذه الصورة العشوائية سيجعلها قريبا دولة مستوردة لكميات أكبر من المشتقات النفطية.
ويؤكد السعدون في تقرير ضمن ملف (استهلاك المنتجات النفطية وآثاره الاقتصادية) أن المواطن أولى بالتمتع بما أنعم الله به على المملكة من نفط ولا أحد يريد أن يزيد من أعباء تكاليف الحياة عليه، لكن الموضوعية تقتضي طرح السؤال التالي: هل هي فاتورة البنزين التي تؤثر في مستوى معيشته؟ أجزم بأن فاتورة البنزين تمثل رقما صغيرا في موازنته الشهرية.

في مايلي مزيد من التفاصيل:

الأسعار الحالية تلجم برامج ترشيد الاستهلاك

في الحلقة السابعة اليوم من ملف الشهر حول استهلاك المنتجات النفطية، يطرح الدكتور عبد الوهاب السعدون (مختص في شؤون الطاقة)، تساؤلا عن مدى نجاح أي برنامج لترشيد استهلاك المحروقات في ظل الأسعار المنخفضة.

يأتي تقرير السعدون في إطار تفاعله مع الردود التي صاحبت الحلقتين الأولى والثانية في الملف والتي أعدها السعدون وطرح من خلالها رؤيته حول مستوى الاستهلاك الحالي للوقود في المملكة وعلاقتها بالأسعار الحالية.

نشير إلى أن تقرير اليوم يسلط الضوء على بعض التعليقات التي وردت على الحلقتين الأولى والثانية من الملف عبر الموقع الإلكتروني للجريدة، حيث كانت في معظمها تتناول القضية من جانب السعر ولم تول مسألة مستوى الاستهلاك ما يستحقه من البحث والمناقشة .. إلى التفاصيل:

أتفهم جيدا ردود الفعل الغاضبة على المطالبة برفع أسعار أي شيء يمس حياة الناس.
وأدرك جيدا ما تعانيه شريحة ذوي الدخل المحدود في المملكة.
لكن ما لا أفهمه هو تركيز العديد ممن عقب على مقالتي حول هذا الموضوع والمنشورة في "الاقتصادية" على جزءين مطلع الأسبوع الماضي على العناوين دون القراءة المتأنية والمتمعنة للموضوع.

القضية التي طرحتها قضية مهمة وحساسة وتمس مصالح البلد والناس حاضرا ومستقبلا، وبالتالي لابد من أن يكون الطرح بعيدا عن العواطف وخاليا من التشنج والتشكيك بنيات الآخرين وتصويرها على أنها محاولة من كاتب هذه السطور أو سواه للبحث عن الشهرة والمنصب أو التنظير من فوق برج عاجي بقدر ما هي رؤية مختص يعرض بلغة الأرقام ظاهرة لها مساس بمصالح البلد والمواطنين حاضرا ومستقبلا مثله في ذلك مثل الطبيب الذي يشخص مرضا يؤثر في حياة المريض ما لم يتم علاجه بسرعة.

وغالبا ما تكون الحقائق مرة لكن تقديمها والتنبيه إلى انعكاساتها والتفكير في حلول لها مسؤولية الباحث والذي بحكم ما تفرضه عليه أمانته المهنية يمارس دوره في التنبيه إلى ما يضر بمصالح البلد والناس وبالتالي فهو مسؤول أمام الله أولا عملا بمبدأ "أن الساكت عن الحق شيطان أخرس".

كما أعلم جيدا أن النفط نعمة من نعم الله على هذه البلاد وأهلها وأعرف مثلما يعرف الجميع حرص ولاة الأمر على مصالح الناس وخصوصا ذوي الدخل المحدود والمتوسط.

وأود أن أقول للإخوة الأفاضل الذي نصحوني بأن أقول خيرا أو أصمت إن ما قلته من وجهة نظري هو الخير للجميع حاضرا ومستقبلا .. فالاستهلاك العشوائي وغير المسؤول للبنزين من قبل الأغنياء قبل الفقراء وتهريب المشتقات النفطية إلى الدول المجاورة هو خسارة للبلد وللمواطن على حد سواء وهو ما دفعني للكتابة وليس طلب الشهرة أو المنصب على حساب المواطن الغلبان، كما ردد البعض.

ولكل من رمى التهم جزافا أقول إن بعض الظن إثم كبير وأطالبهم بقراءة مقالتي جيدا وسيجدون أن تشخيصي لأسباب ظاهرة الاستهلاك المفرط والتهريب يكمن في تسعيرة المحروقات المنخفضة ودعوتي لمعالجة هذا الوضع تؤكد ضرورة ألا يلحق ذلك ضررا بذوي الدخل المحدود أو بالقطاعات الاقتصادية لما لذلك من انعكاس على تكاليف المعيشة.

وهذه الفقرة مكررة في أكثر من موضع. ففي الجزء الثاني من مقالتي كتبت النص التالي "إن سياسات التسعير في المملكة منحت الجميع القادرين والمعوزين تسهيلات وإعفاءات كانت مبررة من قبل ولكنها تحولت فيما بعد إلى استنزاف لموارد الدولة المالية.

ونتيجة لذلك لا يوجد أمام المملكة في ظل تراجع العوائد النفطية وتبني خيار الإصلاح الاقتصادي سوى إعادة النظر في التزاماتها بشبكة الأمان الاجتماعي الحالية، بحيث لا يساء توظيف مواردها المالية في تقديم خدمات يساء استخدامها استخداما سيئا من قبل بعض المواطنين، وفي الوقت ذاته قصر تقديم الخدمات والمساعدات الاجتماعية على شريحة ذوي الدخول المحدودة".

ونغمة أن المملكة أكبر منتج للنفط وتستهلك المحروقات النفطية بهذه الصورة العشوائية ستجعلها قريبا دولة مستوردة لكميات أكبر من المشتقات النفطية وبالأسعار العالمية لبيعها في السوق المحلية للجميع (الأغنياء والفقراء) بأسعار بخسة.

وأتفق مع الجميع بأن المواطن أولى بالتمتع بما أنعم الله به على المملكة من نفط ولا أحد يريد أن يزيد من أعباء تكاليف الحياة عليه. لكن الموضوعية تقتضي طرح السؤال التالي: هل هي فاتورة البنزين التي تؤثر في مستوى معيشته ؟ أجزم بأن فاتورة البنزين تمثل رقما صغيرا في موازنته الشهرية.

وما أنادي به هو أن تساعد الدولة المواطنين وتحديدا ذوي الدخل المحدود في خفض فاتورة الغذاء والمسكن والرعاية الصحية وتعليم الأبناء.

لكن يجب أن يكون الدعم محصورا بهذه الفئة وفقا لضوابط وآليات تساعد على الترشيد. فالدعم الذي تقدمه الدولة بمليارات الدولارات للمواد الغذائية كالرز والحليب والمشتقات النفطية يستفيد منه الأغنياء قبل الفقراء لأن الشريحة الأولى تستهلك كميات أكبر من تلك السلع ذات الأسعار المدعومة.

لكن في المقابل ترشيد الاستهلاك من المحروقات والخدمات الأساسية يمر عبر تصحيح أسعارها بصورة لا تشكل عبئا على المواطن لكنها تقنن الطلب عليها.

ردود على تعقيبات القراء ..

عدد كبير من الإخوة طرح في مداخلاته على مقالتي من خلال موقع الاقتصادية الإلكتروني ملحوظات جديرة بالنقاش أود أن أتطرق لأهمها مبتعدا عن تلك التي تناولت جوانب شخصية لكون القضية أكبر من أن نشتتها في حوار حول هذه الجوانب:

1. الإشارة إلى الموضوعية وعدم الانتقائية عند مقارنة أسعار الوقود في المملكة مع أسعارها في دولة الإمارات الشقيقة وإغفالي لتباين مستوى دخل الفرد في البلدين.

ولهؤلاء الإخوة أقول بأنكم أصبتم في إشارتكم إلى أن مستوى دخل الفرد في الإمارات أعلى مقارنة بنظيره السعودي لكن السؤال الذي أطرحه عليهم في هذا الصدد ماذا عن تكاليف المعيشة في الإمارات من سكن أو رعاية صحية أو غذاء أو تعليم ؟ أليست تكلفة المعيشة في الإمارات أعلى بكثير من مستوياتها في المملكة ؟ ماذا عن الرسوم التي يدفعها الجميع في الإمارات نظير مرور سياراتهم بالشوارع الرئيسية أو ما يدفعونه من رسوم نظير إيقاف سياراتهم في مواقف تلك الشوارع أو ما يدفعونه من رسوم للخدمات البلدية أو لتعليم أبنائهم وغيرها ؟ قد لا يعلم الجميع بأن تكاليف إيجار السكن في الأمارات تعادل كمتوسط عشرة أضعاف تكاليفها في المملكة.

وقد يقول البعض إن الدولة هناك تقدم أراضي وقروض وإعانات للمواطنين لتملك سكنهم الخاص وهذا صحيح لكن عليهم ألا ينسوا أن نسبة السكان المواطنين قليلة جدا مما يساعد الدولة على تبني مثل تلك البرامج السخية.

ولعلي أذكر الإخوة القراء بأنني ذكرت بموضوعية في الجزء الأول من مقالتي أن سعر البنزين أعلى في كل دول الخليج من سعره في المملكة كما أشرت في الجزء الثاني إلى أن عددا من دول الخليج تقدم الكهرباء والماء أو بدلات نقدية لتغطية فواتيرها الشهرية للمواطنين دون المقيمين وقد يكون هذا نهج يستحق التفكير به لتطبيقه في المملكة على شرائح ذوي الدخل المحدود.

السؤال الذي أود بدوري طرحه على القراء هنا : لماذا تباع المحروقات في دول الخليج والإمارات تحديدا وهي دولة نفطية غنية تملك رابع أكبر احتياطي نفطي عالمي بأسعار تزيد على أسعارها في المملكة وبنسب تراوح بين 247-828 في المائة ؟ مجرد سؤال!

2. الإخوة الذين أشاروا إلى تسعيرة البنزين المنخفضة في فنزويلا لم يجانبوا الصواب وسبق لي أن ذكرت ذلك في مقالة سابقة منشورة في الاقتصادية بتاريخ 1/11/2008م.

وللمعلومية فإن فنزويلا ومثلها إيران والمكسيك وإندونيسيا دول منتجة للنفط تحول الجزء الأعظم من العوائد المالية المتحققة من تصديره إلى تغطية موازنات برامج الدعم الاجتماعي الحكومية بدلا من الاستثمار في تطوير صناعة النفط والغاز ناهيك عن مشاريع البنية التحتية المتهالكة فيها.

ووفقا لتلك السياسات يوظف جزء كبير من عائدات النفط لدعم أسعار المحروقات التي تباع في أسواقها بأسعار مخفضة لا تعكس تكاليف إنتاجها. ففي فنزويلا مثلا يباع لتر البنزين بـما نسبته 25 في المائة من سعر بيعه في المملكة.

وهذه الأسعار المتدنية رفعت معدلات الطلب المحلي في تلك البلدان على حساب قدرتها على توفير الإمدادات الكافية منه للتصدير. وتشير عدد من المراجع المتخصصة بصناعة النفط إلى أن البلدان الأربع المشار إليها والتي تنتج مجتمعة ما يعادل 25 في المائة من صادرات النفط العالمية لن تكون من بين الدول المصدرة للنفط في العالم خلال السنوات الخمس المقبلة. فهل هذا ما نتمناه للمملكة؟

3. الإخوة الذين اتهموني بأنني أكتب بالتنسيق مع بعض الجهات ذات العلاقة وأن هذا تكتيك المقصود منه التمهيد لرفع أسعار المحروقات، أقول لهم بكل أمانة إنهم مخطئين تماما فتلك الجهات لديها من هم أقدر مني على طرح رؤيتها أو سياساتها المستقبلية كما أنني لا أكتب إلا وفق قناعات شخصية قد تخطئ أو تصيب.

وللتدليل على صحة ذلك أشير إلى أن مقالتي بجزءيها الأول والثاني أرسلت إلى "الاقتصادية" للنشر يوم الجمعة الموافق 8/5/ 2009 وارتأى الإخوة في إدارة تحرير "الاقتصادية" تأجيل نشرها لحين اكتمال الإعداد لملف عن الموضوع، مما ينفي وجود أي تنسيق أو صلة لها بكلمة معالي وزير البترول في ندوة اقتصاديات الطاقة التي نظمت في المنطقة الشرقية يوم الأربعاء الموافق 13 أيار (مايو) 2009 والتي دعا فيها إلى برنامج وطني لترشيد استهلاك الطاقة.

4. الملاحظة المهمة التي طرحها البعض والخاصة بعدم توافر بدائل مناسبة كوسائل النقل العام الكفؤة والمريحة والاقتصادية صحيحة تماما وجديرة بالاهتمام عند بحث أي سياسات أو وضع أي ضوابط لترشيد استهلاك المحروقات في المملكة، فالمملكة بلد مترامي الأطراف وحتى المدن الكبرى تنمو أفقيا بصورة مخيفة، الأمر الذي يزيد في الطلب على المحروقات (البنزين والديزل) وبدون معالجة جادة وسريعة لتبني استراتيجية نقل عام داخل المدن الكبرى في المملكة سيواجه أي برنامج لترشيد استهلاك المحروقات صعوبات جمة في التطبيق.

وهنا من المهم الإشارة إلى أن المواطنين والمقيمين لن يجدوا حافزا لاستخدام تلك البدائل إذا بقيت أسعار المحروقات بمستوياتها الحالية، الأمر الذي سيجعل الإقبال على استخدام تلك البدائل ضعيفا وبالتالي ستصبح غير مجدية للاستثمار من قبل القطاع الخاص إذا كانت الدولة تفكر في إشراك القطاع الخاص في تطويرها.

5. عدد من الأطروحات اعتبرت ما ذكرته في مقالتي من أهمية ترشيد استهلاك المحروقات من خلال تحرير أسعارها جزء من مقررات قمة العشرين متوقعة أن يلي ذلك قيادة المرأة للسيارة .. ولا تحتاج مني هذه الآراء إلى تعليق لكن أذكرها فقط من باب الإشارة إلى مستوى وعي البعض وتجذر نظرية المؤامرة في عقولهم!

6. في المقابل كان هناك عدد لا بأس به من الأطروحات الموضوعية والهادئة التي ضاع صداها في موجة الصخب التي لعب أدوراها بعض القراء هداهم الله. ولهؤلاء أسجل شكري وسعادتي بأن هناك من شباب هذا الوطن من يمتلك النضج والموضوعية في الحوار بشأن هذه المواضيع.

عدد آخر كتب لي على بريدي الخاص ناصحا ولافتا نظري إلى ملاحظات مفيدة، ولجميع من تواصل معي وأبدى رأيا مخالفا أو موافقا أسجل تقديري مرة أخرى.

وحقيقة أثلجت صدري ردود عدد من القراء أذكر منهم وليد السماعيل وعبد الله الشريم وأحمد الضويان فالأول تأسف لمستوى ردود أفعال القراء وطالبني بالاستمرار والثاني قدم مقترحات جديرة بالدراسة لترشيد استهلاك الوقود والماء والكهرباء في القطاعات الصناعية والزراعية والتجارية والمؤسسات الحكومية تطرقت لبعضها في الجزء الثاني من مقالتي وأورد إحداها هنا والتي يقترح فيها وقف إعانة الوقود التي تقدمها الدولة لشركات النقل البحري والتي بلغ ما تلقته إحداها منها عام 2008 نحو 72.8 مليون ريال حسب القوائم المالية للشركة.

والثالث كتب مؤيدا تحرير أسعار البنزين وقدم تحليلا علميا وموضوعيا إضافة إلى مقترح جدير بالدراسة يدور حول نظام يمزج بين تحرير أسعار البنزين ومساهمة الدولة في دعم سعر بيعه محليا بنسبة ثابتة تمثل 30 في المائة من سعر بيعه للمستهلك.

بمعنى أنه لو كان سعر البنزين ريالا للتر تكون نسبة مساهمة الدعم الحكومي 30 هللة فيما يدفع المواطن 70 هللة للتر.

كلمة أخيرة ..

تجربة "الاقتصادية" في إصدار ملف شهري عن الموضوع تستحق الإشادة وأرجو أن تكون خطوة أولى على درب التوعية بموضوع مهم للاقتصاد الوطني والمواطنين. هذه التجربة كشفت في الوقت ذاته ومع الأسف أمرين في غاية الأهمية لابد من التوقف عندهما.

أولهما ضعف الثقافة النفطية على وجه الخصوص والاقتصادية على وجه العموم لدى شريحة واسعة من المواطنين وبالذات الشباب وهذا الأمر يستدعي وضع استراتيجية توعية للجمهور للتعريف بالنفط كسلعة ناضبة والتعريف باقتصاديات إنتاجه والجوانب البيئية والصحية المترتبة على التوسع في استهلاكه بما يجعل المواطن يعي أهمية ترشيد استهلاكه وتحقيق أعلى الفوائد الممكنة منه لاقتصاد البلد وأهله حاضرا ومستقبلا.

وثانيهما عدم التزام غالبية المشاركين في المداخلات بأدب الحوار وقيامهم برمي الاتهامات جزافا دون تفكير إضافة إلى حدة المداخلات والتعبير بشكل غير متحضر عن آرائهم مستعملين عبارات التجريح أو والإهانة أو دلالات لفظية غير لائقة وكلها مؤشرات تؤكد أن العاطفة والبعد عن الموضوعية تمثل مع الأسف الشديد أبرز سمات حواراتنا التي يتراجع فيها المنطق إلى مرتبة متدنية جدا.

ويؤسفني القول إن بعض المشاركين في تلك الحوارات لا يحسنون القراءة ويرددون كالببغاء ما يقوله الأعلى صوتا، ويصبح بالتالي الحوار معهم بمعناه البناء معدوم النتيجة سلفا. فالحوار في مثل هذه القضايا يجب أن يكون هدفه الاستفادة من طروحات متباينة ترى الموضوع من زواياه المختلفة وصولاً إلى تحديد أفضل الخيارات المتاحة لمعالجة هذا الوضع.

لكن مع الأسف لم يخل الحوار من تجييره من قبل البعض لخوض حرب ضد الكاتب مستخدمين فيها أسلحتهم البدائية مركزين في طروحاتهم على التعرض لشخص الكاتب بشكل غير متحضر من قبيل اتهامه بالجهل أو بالسعي إلى الشهرة أو الانتهازية أو الطمع في منصب ! بل لم يوفر البعض ما في قاموسه من شتائم وكلمات بذيئة تسلمها على بريدي الخاص وأترفع عن ذكرها.

وكل هذه التجاوزات اللفظية تعبر بوضوح عن عدم التزام البعض بأحد أهم أسس الحوار البناء وهو عدم تسفيه آراء الطرف المقابل أو التشكيك في نواياه، فالآراء والأفكار الجيدة ليست حكراً على أحد بعينه، ومن الخطأ أن يظن البعض أن الحق ومصالح الناس لا يغار عليها ولا يدافع عنها ولا يتبناها إلا هم.

وهؤلاء بحاجة إلى وقفة مراجعة سريعة مع النفس تتبنى استخدام لغة الحوار الحضاري الذي يحترم الرأي الآخر ويبتعد عن الانفعال والتعصب في الطرح ويتقبل الاختلاف في وجهات النظر.

وبعكسه يصبح من الحكمة عدم الدخول في حوار معهم والأجدى في مثل هذه الحالة الانضمام إلى قوافل الصامتين وهذا والله يشكل الخسارة الأكبر للبلد وللمجتمع ككل حيث يتم كبت الأصوات الواعية لمجرد أن طروحاتها المستندة إلى معطيات وبيانات علمية دقيقة لا تتفق مع مصالح وأهواء البعض.

آخر الكلام .. من أقوال الإمام الشافعي: "ما جادلت عالماً إلا غلبته .. وما جادلني جاهل إلا غلبني".

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي