9.6 مليار ريال تداولات سوق الدين السعودية خلال الربع الأول .. 42 % صفقات خاصة

9.6 مليار ريال تداولات سوق الدين السعودية خلال الربع الأول .. 42 % صفقات خاصة

أنهت سوق الدين السعودية شهر آذار (مارس) بإجمالي تداولات 1.36 مليار ريال، لتسجل أكبر انخفاض فصلي لأحجام التداولات اليومية منذ أكثر من عامين، في ظل ارتفاع عوائد الخزانة الأمريكية لمستويات قياسية، وذلك بعد وصول المتوسط اليومي إلى 150.6 مليون ريال.
ولا تستفيد سوق الدين كثيرا من ارتفاع أسعار النفط، مقارنة بسوق الأسهم، وذلك بسبب حساسية تحركات العائد للسندات الأمريكية.
وأظهر رصد وحدة التقارير في صحيفة "الاقتصادية"، أن إجمالي تداولات الربع الأول بلغ 9.63 مليار ريال، مسجلا تراجعات 65.6 في المائة على أساس سنوي، مقارنة بأحجام التداولات، التي تم تسجيلها في الربع الأول من العام الماضي البالغة 27.97 مليار دولار.
وارتفع العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشرة أعوام في أبريل، ليغلق فوق 2.93 في المائة، في ظل متابعة آخر مستجدات التدخل الروسي في أوكرانيا وتصريحات مسؤولي السياسة النقدية.
وأبدى مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي تأييدا لمزيد من قرارات زيادة الفائدة، فيما توقع الفيدرالي تنفيذ ست زيادات إضافية للفائدة العام الجاري.
وتتزامن عودة التذبذب في تداولات سوق الدين السعودية أكبر أسواق الشرق الأوسط الحاضنة لإدراجات السندات الإسلامية، مع ترقية السوق لمؤشرات السندات التابعة لـ"فوتسي" و"آي إتش إس" ماركت.
وكانت "آي إتش إس ماركت" IHS Markit المزود العالمي للمؤشرات، ضمت بنهاية يناير 2022 ما لا يقل عن 74.5 مليار دولار من السندات والصكوك لمؤشر آي بوكس للسندات الحكومية.
وأسهم الارتفاع القياسي لعوائد الخزانة الأمريكية في بعض فترات العام الماضي في مفاجأة المتداولين في سوق الدين المحلية وسط رؤية بعض الصكوك الحكومية المدرجة تتداول دون قيمتها الاسمية.
وتتأثر عوائد الإصدارات الحكومية للسعودية بما يجري مع عوائد سندات الخزانة الأمريكية، حيث توجد علاقة عكسية بين ارتفاع أسعار السندات وانخفاض العائد.
كما أسهم انخفاض أسعار أدوات الدين المحلية بجعل المستثمرين يتمسكون بأوراقهم المالية بدلا من بيعها دون قيمتها الاسمية والاستفادة من التوزيعات الدورية الثابتة ريثما تتحسن ظروف السوق.

المقارنة على أساس سنوي
على الرغم من أن ارتفاع عوائد الخزانة الأمريكية أسهم في التأثير في معنويات المتداولين في السوق المحلية خلال 2021، وكذلك العام الجاري، غير أن قيم إجمالي التداول لسوق أدوات الدخل الثابت المحلية سجلت أعلى انخفاض لها 65.5 في المائة على أساس سنوي بنهاية مارس.
وبلغت سوق الدين ذروتها من حيث إجمالي التداولات السنوية في 2020 لتصل إلى 75 مليار دولار، وأنهت 2021 بتداولات على السندات والصكوك المدرجة بقيمة إجمالية 60.57 مليار ريال.

جهود زيادة أحجام التداول
ومنذ أواخر النصف الأول من 2021 وسوق الدين تظهر مؤشرات بأن إجمالي تداولاتها سيكون بنهاية 2021 دون المستويات المسجلة في 2020.
وخلال الربع الثالث من 2021، قامت السعودية بضم واحدة من أنشط شركات الوساطة بسوق الأسهم وتكليفها من قبل المركز الوطني لإدارة الدين في أغسطس 2021 للعب دور رئيس في التداولات الثانوية، وكذلك استقبال طلبات المستثمرين مع إصدارات الصكوك الادخارية، التي تتم على أساس شهري.
وخلال منتصف أكتوبر 2021 طالب مجلس الشورى من المركز الوطني لإدارة الدين العام بدراسة أسباب عزوف بعض البنوك المحلية عن الانضمام لقائمة المتعاملين الأوليين والعمل على معالجة هذه الأسباب وزيادة عدد المتعاملين الأوليين في السوق المحلية.
وفي أواخر أكتوبر، وقعت وزارة المالية والمركز الوطني لإدارة الدين، مذكرات تفاهم مع كل من: "بي إن بي باريبا"، ومجموعة سيتي المصرفية، و"جولدمان ساكس"، و"جي بي مورجان"، وذلك لدراسة إمكانية انضمام تلك المؤسسات كمتعاملين أوليين بأدوات الدين الحكومية المحلية في برنامج المتعاملين الأوليين.
ويستهدف المركز بتوقيع هذه المذكرات تشجيع انضمام هذه المؤسسات المالية الدولية إلى المؤسسات المالية المحلية، التي انضمت سابقا إلى برنامج المتعاملين الأوليين.

السوق المحلية
وسجلت نسبة استحواذ الصفقات الخاصة في سوق الدين سادس هبوط فصلي على التوالي، وابتدأت سلسلة التراجع في سيطرة الصفقات الخاصة على تداولات سوق الدين منذ الفصل الرابع من 2020 واستمرت إلى الآن.
وأظهر رصد لـ"الاقتصادية" استمرارية اعتماد المستثمرين المؤسسيين على منهجية الصفقات الخاصة خلال الربع الأول، ولكن بوتيرة أقل نسبيا.
وتم تنفيذ 29 صفقة خاصة في سوق الدين بقيمة 4.05 مليار ريال خلال الربع الأول 2022، تشكل 42 في المائة من إجمالي التداولات عن الفترة ذاتها، ولتصبح هذه النسبة الأدنى على الإطلاق بعد توجه المستثمرين لتنفيذ الصفقات عبر منصات التداول الرقمية وتأثر المبيعات الثانوية للصكوك بارتفاع الفائدة الأمريكية.
وتم تنفيذ 29 صفقة خاصة في سوق الصكوك والسندات خلال الربع الأول من 2022 وذلك بانخفاض يلامس 35.5 في المائة على أساس سنوي.

أثر ارتفاع عوائد الخزانة الأمريكية
وأسهم الارتفاع القياسي لعوائد الخزانة الأمريكية خلال الفترة الماضية في جعل بعض الصكوك الحكومية المدرجة، بسوق الدين المحلية، تتداول دون قيمتها الاسمية.
وبحسب ما أظهرته منصة "ماكرو بوند" السويدية، تتأثر عوائد الإصدارات الحكومية للسعودية بما يجري مع عوائد سندات الخزانة الأمريكية، غير أن آثار ظهور انعكاسات ذلك بأدوات الدخل الثابت لا تزال متوسطة حتى الآن.

سيولة أجنبية مرتقبة
وكان المزود العالمي للمؤشرات "آي إتش سي" ماركت قد أعلن في أواخر ديسمبر 2021 انضمام معظم أدوات الدين المدرجة بسوق الدين لمؤشر آي بوكس للسندات الحكومية.
والانضمام سيتيح للسوق المالية السعودية أن تكون جزءا من مؤشرات أسواق الصكوك وأدوات الدين، التي يتبعها المستثمرون العالميون، ويقيس مؤشر آي بوكس السندات الحكومية المقومة بالعملة المحلية لأكثر من 30 دولة.
وتم ضم 27 أداة دين حكومية مدرجة في السوق المالية السعودية للمؤشر، التي ستشكل 0.19 في المائة من وزنه، كما ستشكل 2.20 في المائة من مؤشر آي بوكس للسندات الحكومية للدول الناشئة التابع له، وتم تفعيل الانضمام إلى المؤشر في 31 يناير 2022.
وكانت مجموعة "فوتسي راسل" ذكرت في أواخر سبتمبر 2021 أن أدوات الدين السعودية ستضاف إلى مؤشرها للسندات الحكومية للأسواق الناشئة بالعملة المحلية بدءا من أبريل (نيسان) 2022.
وأضافت المجموعة أنه من المتوقع تضمين 42 سندا بقيمة 306.1 مليار ريال "81.6 مليار دولار" في المؤشر، وستشكل 2.75 في المائة منه على أساس القيمة السوقية المرجحة.
وانضمام المملكة في مؤشر فوتسي للسندات الحكومية في الأسواق الناشئة، يعد أول انضمام لأدوات الدخل الثابت المقومة بالريال السعودي في مؤشر عالمي، كما يمثل علامة فارقة في مساعي تطوير السوق المالية السعودية.
ويعرف بأن مؤشر فوتسي للسندات الحكومية في الأسواق الناشئة يقيس أداء السندات الحكومية المقومة بالعملة المحلية لأكثر من 16 دولة، وذلك يتيح معيارا واسع النطاق، ما يساعد على تمكين مديري المحافظ العالمية، مقارنة بأداء الاستثمارات في أسواق الدين السيادية.
ومنذ منتصف يونيو من 2021، شرعت "كلير ستريم"، مزود خدمات ما بعد التداول لمجموعة السوق الألمانية، بربط السوق المالية السعودية بشبكتها من خلال الربط مع شركة مركز إيداع الأوراق المالية "إيداع"، المملوكة بالكامل من قبل مجموعة تداول السعودية والمسؤولة عن تشغيل وصيانة نظام الإيداع والتسوية.
وسيسهل هذا الربط دخول المستثمرين الدوليين للسوق المالية السعودية، من خلال توفير تسوية السندات الحكومية والخاصة غير القابلة للتحويل وصناديق الاستثمار المتداولة والمدرجة في السوق السعودية والمقومة بالريال السعودي.
ويمكن لعملاء "كلير ستريم" المؤهلين الاستثمار في سوق الصكوك والسندات وصناديق الاستثمار المتداولة والمدرجة في السوق المالية السعودية دون الحاجة إلى تقديم طلب التأهيل كمستثمر أجنبي مؤهل، إضافة إلى إمكانية استخدام حساباتهم الحالية المسجلة لدى "كلير ستريم".
ولأول مرة، يمكن للمستثمرين الدوليين تملك الأوراق المالية السعودية ذات الدخل الثابت وصناديق المؤشرات المتداولة من خلال حساب المرشح الأجنبي المشترك، ويمكنهم أيضا الاستفادة من خدمات مراكز الإيداع الدولية المعروفة، وذلك يتضمن خدمة التسوية الداخلية.
ونتيجة لذلك، من المتوقع زيادة الطلب على أدوات الدين الحكومية من المستثمرين الدوليين، وبالتالي تعزيز مستوى السيولة في السوق المحلية.

التداولات اليومية
وأظهر رصد "الاقتصادية" وصول المعدل المتوسط لإجمالي التداولات اليومية لتبلغ 150.6 مليون ريال خلال 2022، بنسبة انخفاض في أحجام التداولات اليومية 38.7 في المائة، مقارنة بإجمالي متوسط التداولات عن كامل 2021 البالغ 246 مليون ريال "وذلك بعد استثناء الإجازات الأسبوعية والعطل الرسمية".
واستندت الدراسة التحليلية إلى أحدث البيانات الرسمية الصادرة من "تداول"، التي كشفت عن إجمالي التداولات الخاصة بأدوات الدين السيادية، وكذلك الخاصة بالشركات.
وأظهرت مؤشرات ايبوكس تداول للصكوك الحكومية الرئيسة منها والفرعية تباينا في أدائها، وذلك وفقا لمنصة للتحليلات والبيانات المالية.

البنية التحتية للتداول
من ناحية أخرى، نجحت الجهات السعودية في تطوير البنية التحتية للتداول الإلكتروني "الخاصة بأسواق الدين"، الأمر الذي يتيح أتمتة الأسعار المدرجة على منصة "تداول" للمتعاملين الأوليين.
وأبرزت وثيقة الملامح العامة لخطة الاقتراض السنوية الصادرة من المركز الوطني لإدارة الدين في 2020 تلك الخطوة كإحدى مبادرات تطوير أسواق الدين المحلية.
وتطرقت الوثيقة الرسمية كذلك لمبادرة تعزيز تسوية السوق الأولية المحلية من خلال السماح بتسويات التسليم مقابل الدفع للمتعاملين الأوليين، التي من شأنها أن تحد من مخاطر التسوية على المتعاملين الأوليين.
وبالعودة إلى المبادرة الأولى، فإن السعودية بذلك تنجح في تعميق السوق الثانوية لأدوات الدين بحيث تكون مماثلة لسوق الأسهم بسهولة التداول.
وعن التفاصيل الفنية لهذه المبادرة، فإن نظام التداول يعمل على تمكين أتمتة تسعير صانع السوق لأدوات الدين المدرجة من خلال السماح بإرسال زوج من الأوامر "شراء وبيع" بشكل مستمر ومؤتمت، وذلك للحفاظ على التزامات الفارق السعري للورقة المالية.
وتم تطوير هذه الخدمة، والحديث لتلك المصادر، لحماية صناع السوق من الأخطاء البشرية، ولتفعيل محركات التسعير المسؤولة عن مراقبة سعر الورقة المالية.

أكبر سوق لأدوات الدين
من ناحية أخرى، أظهرت بيانات حصلت عليها "الاقتصادية"، بالتعاون مع منصة "ماكرو بوند" السويدية، أن السعودية بات لديها أضخم سوق في المنطقة العربية لأدوات الدين المقومة بالعملة المحلية، في خطوة تظهر مدى عمق أسواقها المالية.
وبذلك تجني السعودية ثمرة إصلاحاتها الاقتصادية والخاصة بأسواق الدين، التي ابتدأت منذ ستة أعوام، وذلك مع تأسيس المركز الوطني لإدارة الدين في 2015.
واستندت بيانات الرصد على التقرير الدوري لأدوات الدخل الثابت الصادر من "بنك التسويات الدولية"، وعلى منصة "ماكرو بوند" التي لديها برمجيات خاصة تمكنت على أثرها بتكوين أكبر قاعدة بيانات اقتصادية، مدعومة بأدوات تحليلية تساعد الباحثين بربط تلك البيانات مع بعضها بعضا وتكوين صورة شاملة عن الاقتصاد الكلي.

علاقة الفائدة مع أدوات الدين
ومعلوم أن القيمة السوقية للصكوك وغيرها من الأوراق المالية ذات العائد الثابت تتغير تبعا للتغيرات، التي تطرأ على أسعار الفائدة وغيرها من العوامل الأخرى، حيث ترتفع أسعار أدوات الدين ذات العائد الثابت كلما هبطت أسعار الفائدة، وتنخفض أسعار تلك الأوراق المالية كلما ارتفعت الفائدة.
والورقة المالية الصادرة عن الحكومة السعودية مضمون فقط سداد الفائدة المعلن لها والقيمة الاسمية لها عند الاستحقاق، وكما هو الحال تماما بالنسبة إلى الأوراق المالية الأخرى ذات العائد الثابت، فإن الأوراق المالية المضمونة من الحكومة ستتعرض قيمتها للتقلب عندما تتغير أسعار الفائدة.

السيولة الثانوية
وبعض الصكوك المدرجة في السوق السعودية، قد تصبح أقل سيولة من غيرها، ما يعني أنه لا يمكن بيعها بسرعة وسهولة، كما أن بعض الصكوك قد يصعب تسييلها إلى نقد لعدم وجود سوق ثانوية بسبب قيود نظامية أو قيود مترتبة على طبيعة الاستثمار أو عدم وجود مشترين مهتمين في هذا النوع من الأصول، وقد يؤثر ذلك سلبا في أداء صناديق شركات الأصول وسعر الوحدة.
ومثلا قد تمر سوق الصكوك بفترات سيولة منخفضة بشكل كبير، ما قد يؤدي إلى صعوبة في الحفاظ على أسعار مستقرة و/أو عادلة في معاملات الشراء والعكس في حالة ارتفاع السيولة في حالة الحاجة إلى البيع، وقد يؤدي ذلك لتسجيل خسائر معينة لصناديق شركات الأصول.

صناع السوق
وأجرت السعودية عدة مبادرات إصلاحية للنهوض بالتداولات الثانوية الخاصة بأدوات الدخل الثابت من سندات وصكوك، وقبل قرار إعادة هيكلة المقابل المادي لجهات الإصدار والمتداولين وما رافقه من خفض لرسوم التداول خلال نيسان (أبريل) من 2019، قامت السعودية بإدراج إصداراتها السيادية وتداولها، وذلك لأول مرة خلال تموز (يوليو) 2018.
وتبع ذلك القرار الاستعانة بصناع السوق الخمسة المفوضين بتنشيط التداولات الثانوية للإصدارات الحكومية في تموز (يوليو) 2018، إلا أنه وبعد اندماجات البنوك السعودية الأخيرة، تم تحديث برنامج المتعاملين الأوليين في أغسطس 2021 بإضافة أحد البنوك الإسلامية الكبرى لقائمة صناع السوق الخمسة.
وطلبات الاكتتاب في أدوات الدين الحكومية المحلية تقدم إلى المركز الوطني لإدارة الدين من خلال المتعاملين الأوليين، الذين جرى التعاقد معهم، وذلك بشكل شهري ومجدول بحسب خطة الاقتراض الحكومي السنوية المعلنة، ويتولى المتعاملون الأوليون تلقي الطلبات المقدمة من المستثمرين. أما فيما يخص أدوات الدين الحكومية المحلية في السوق الثانوية بالمملكة، فإن المتعاملين الأوليين يتولون دور صانعي السوق بالتعاون مع الأشخاص المرخصين التابعين لهم، وفقا للأنظمة المتبعة.

وحدة التقارير الاقتصادية

الأكثر قراءة