حلول مبتكرة لتعزيز الموارد العامة «2»
وافقت بليز على إنفاق نحو أربعة ملايين دولار سنويا على حفظ البيئة البحرية حتى عام 2041. وتعتزم مضاعفة المحميات البحرية ـ التي تأوي كثيرا من الشعاب المرجانية وأشجار المانغروف والأعشاب البحرية حيث تضع الأسماك بيضها ـ من 15.9 في المائة إلى 30 في المائة من مساحة محيطاتها بحلول عام 2026. وسيتم إنشاء وقف مالي بقيمة 23.5 مليون دولار لتمويل أنشطة حفظ الطبيعة بعد عام 2040.
وقال جيمي غواهاردو، رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلى بليز، إن هذه الصفقة ستعود بفائدة هائلة على البلد، كما ستسهم في تحقيق أهداف السلطات، بما في ذلك وضع الدين على مسار مستدام مجددا وتشجيع التنمية المستدامة وتعزيز الصلابة في مواجهة الكوارث الطبيعية.
ومبادلات الديون بالطبيعة ليست أداة جديدة. فقد استخدمت بشكل أو بآخر منذ أواخر الثمانينيات. لكن الاتفاقيات السابقة عادة ما تضمنت قيام الحكومات الدائنة بشطب الديون الثنائية بشرط ضخ الوفورات الناتجة عن ذلك في أنشطة صون البيئة، وكانت عبارة عن منح في الواقع. غير أن صفقة بليز تتميز عن غيرها بسمتين: أولا، سوق السندات نفسها هي مقدم "المنحة" في صورة سعر مخصوم. وثانيا، تضمنت الصفقة ديونا مستحقة لدائنين من القطاع الخاص، وتم تمويلها في نهاية المطاف من جانب فئة مختلفة من مستثمري القطاع الخاص. وأثبتت بذلك أنه من الممكن إجراء صفقات مع البلدان التي تواجه صعوبات اقتصادية وتزخر سجلاتها بالديون.
وأشار كيفن بندر، مدير استدامة الدين في منظمة حفظ الطبيعة، إلى أن الأمر تطلب القليل من الإقناع لحث بليز نفسها على المضي قدما في هذه الصفقة. لكن سرعان ما أدركت الحكومة حجم الوفورات والنقود الذي يمكنها توفيره لأغراض حفظ البيئة. غير أن مستثمري القطاع الخاص كانوا حذرين حيال استثمار أموالهم في السندات الزرقاء. فرغم كل شيء، يتسم هذا النوع من مبادلات الدين بالتعقيد ولم يسبق إجراؤه من قبل. كذلك تخوف المستثمرون من إقراض بلد سبق له التعثر في سداد ديونه أكثر من مرة، لكن الصفقة اكتسبت مزيدا من الزخم بفضل توقيع المؤسسة الأمريكية لتمويل التنمية الدولية وبنك كريدي سويس ومؤسسات كبيرة أخرى على الاتفاقية.
وشكلت مشاركة البنك الإنمائي الأمريكي أهمية حاسمة. فقد أدى التأمين الذي أتاحته المؤسسة الأمريكية لتمويل التنمية الدولية، إلى تصنيف السندات الزرقاء في مرتبة استثمارية متقدمة "حيث صنفتها مؤسسة موديز ضمن فئة Aa2"، ما جعل المستثمرين العازفين عن تحمل المخاطر، مثل صناديق معاشات التقاعد، على ثقة بسداد مستحقاتهم. وقال بندر "لولا هذا التأمين لما أقدم أي من الأطراف على إقراض بليز".
كذلك فإن اهتمام المستثمرين بالاعتبارات البيئية والاجتماعية والحوكمة كان له دور في تسويق هذا المنتج المعقد. وفي حالة بليز، فإن مشاركة منظمة حفظ الطبيعة بما لها من تاريخ في إدارة برامج صون البيئة على مدار ثلاثة عقود في البلاد أسهمت في طمأنة المستثمرين بصدق وعود حماية البيئة البحرية، وعدم اتهامهم بالتالي بادعاء مناصرة الممارسات الاجتماعية المسؤولة... يتبع.