"الجاثوم".. خرافات وحقائق

هل انتابتك أثناء نومك حالة من الفزع والرعب وكأنك مستيقظ وعجزت عن الحركة وتحاول بكل قواك طلب المساعدة أو الصراخ لكنك لا تستطيع؟ تشعر بأن ثقلا يضغط على صدرك وكأنه يريد خنقك وبعد أن تستسلم له يتركك وشعورك شعور الذي نجا من الموت،هذا هو "الجاثوم" أو ما يسميه أصحاب الاختصاص بشلل النوم، وهو لا يختص بشعوب دون غيرها، مثله مثل أي مرض آخر (مع تحفظي على تسميته مرضا)، كانت بعض الشعوب تعتقد أن الجاثوم نوع من أنواع الجن أو الشياطين يجثو على جسد الإنسان محاولا خنقه أو سرقة نفسه وشل حركته لخطأ ارتكبه الشخص أثناء نهار ذلك اليوم، وشعوب أخرى تعتبر حدوثه للشخص نذير شؤم وتوقع حدوث مكروه لذلك كان بعض الناس في نيجيريا يقومون بعمل طقوس دينية لطرد الأرواح الشريرة التي تسبب الجاثوم حسب اعتقادهم ويقولون أيضا إن الجاثوم له علاقة مباشرة بتعاطي القات وبالذات الشخص الذي يتوقف عن تعاطي القات بعد فترة طويلة من استخدامه له،أما في (مالطا) فيعتقدون أن أنثى الأرنب المتوحشة ذات الشق في شفتها العليا تبرك على النائم لذلك يقومون بوضع قطع من الفضة أو سكين تحت المخدة لطردها، كذلك كان شعب غينيا يرجعون أمر الجاثوم إلى شجرة مقدسة تأتي في الليل لتتغذى على روح أو جوهر الإنسان لتستمد منه حياة أطول، في المكسيك كانوا يعتقدون أن هذه الظاهرة عبارة عن روح شخص ميت تتلبس النائم لسبب ما. اكتشف العلماء أن دورة النوم الطبيعية تتكون من أربع مراحل، ويمر الشخص بعدة دورات في الليلة الواحدة (من 4 إلى 6 دورات) وكل دورة تتكون من أربع مراحل، الجاثوم يحدث في المرحلة الرابعة وتسمى مرحلة الأحلام أو مرحلة حركة العين السريعة rem ويدخلها النائم بعد 90 دقيقة من بداية نومه، في هذه المرحلة تكون العضلات في ارتخاء كامل يشبه الشلل التام، وإذا حدث واستيقظ الشخص في هذه الحالة فهو لا يستطيع تحريك شيء من أعضاء جسمه فلا يمكنه التخلص بسهولة من ارتخاء عضلاته الكامل، مما يؤدي إلى شعوره بالتوتر والرعب الشديدين نتيجة لرؤيته أطيافا وهلاوس مزعجة، تستمر هذه الحالة من عدة ثوان إلى دقائق محدودة جدا تنتهي بعودة القدرة على الحركة والكلام ومن ثم الاستيقاظ الكامل.
ولله سبحانه وتعالى، حكمة في ارتخاء العضلات أو شللها الكامل أثناء النوم العميق حتى تحمي الإنسان من التفاعل مع أحلامه، بحيث إن الشخص الذي يحلم بأنه يجري هاربا من خطر لو لم تكن عضلاته في هذا الارتخاء الشديد لقام وركض فعلا هاربا من هذا الخطر وكأنه على أرض الواقع. هناك أسباب عديدة للجاثوم منها الحرمان الطويل من النوم أو عدم انتظامه، التوتر والقلق، النوم مستلقيا على الظهر، التغير المفاجئ في نمط الحياة، الإصابة بمرض نفسي أو التوقف عن تناول دواء نفسي، كما أن الجاثوم قد يكون أحد أعراض مرض النوم القهري (النوم فجأة دون وعي) أو أحد أعراض الشقيقة (الصداع النصفي)، قبل كل هذا يجب أن يعرف الشخص الذي يدهمه الجاثوم (دون أن يكون معقوبا بنوم قهري) أنه غير مصاب بمرض عقلي أو عضوي خطير، كما أن الغالبية لا تحتاج إلى علاج طبي،كذلك يجب عليه كي يتخلص من الجاثوم أن يقوم بتنظيم أوقات النوم والاستيقاظ بشكل صحي، كما أن ممارسة الرياضة قبل النوم بوقت كاف تعتبر علاجا ناجحا وسريعا للتخلص من الجاثوم، والوضوء وقراءة القرآن والأذكار من أقوى المخلصات منه بإذن الله، وينصح عند دهم الجاثوم القيام بمحاولة تحريك العينين أو الوجه من جهة إلى أخرى للتسريع بانتهاء الأعراض، الجاثوم يحدث لـكل ثلاثة من عشرة أشخاص من البشر، و2 في المائة منهم يحدث له مرة واحدة في الشهر، هناك 12في المائة ممن يصابون بالجاثوم من الأطفال لذلك من المستحسن إخبار أطفالنا عنه وتطمينهم قبل أن يدهمهم وهم لا يعرفون عنه شيئا فتكون إثاره النفسية أكثر ضررا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي