العقار .. ونقل مدخرات المجتمع إلى الأسهم
الاقتصاد المحلي لا يزال يتطور، ومن المؤكد أن لكل مرحلة من التاريخ الاقتصادي لأي بلد مجموعة من التحديات، يشهد اقتصادنا حاليا سرعة في وتيرة التحولات وفي مقدمتها السكن والتنوع الاقتصادي وتحقيق التوازن بين القطاعات وتطوير قطاعات جديدة.
يكمن ملف السكن الجوهري في اتجاه الفوائض المالية من رواتب الأفراد وأرباح المستثمرين إلى القطاع العقاري وبشكل خاص الأراضي السكنية وفي الوقت نفسه هناك مزاحمة من الشركات والصناديق الخاصة والمصارف للاستحواذ على جزء من الأراضي لغايات الاستثمار والمضاربة أو حتى التحوط من التضخم، وفي الحين ذاته السوق تعاني تاريخا من حالتي احتكار وهشاشة المنافسة.
أسهمت الأموال الادخارية المتولدة من الإرث وفاقدي الأهلية للتصرف في أموالهم وبعض الجهات الرسمية ذات الاستقلالية المالية والاستثمارية في تعطيش نسب المعروض من الأراضي السكنية بطريقة غير مباشرة من خلال الاستثمار في الأراضي لغايات تنمية رأس المال والمضاربة، كما يظهر لنا من سلوك السوق، بالرغم من شح بيانات تلك الجهات.
شهدت سوقنا العقارية تطورات ضخمة مدعومة بتمويل مشترك من الحكومة والمصارف التجارية لتمويل شراء مساكن للمواطنين وبلغت القروض العقارية للأسر 385 مليار ريال للربع الثاني 2021، هذا الاتجاه صنع سوقا عقارية غير متوازنة وعلى أسس غير تنافسية، نتيجة شح المعروض من الأراضي وكثافة التمويل، وبالتالي قفزت أسعار الأراضي، وفي الوقت نفسه استجابت لإعلانات خطط الاقتصاد الحضري، على الرغم من أهمية هذه الاتجاهات الاستراتيجية إلا أننا لا نريد أن نرى تعارضا بين الاتجاهات الاقتصادية واحتياجات المجتمع ولا سيما أن أسعار الأراضي والعقارات ارتفعت بما في ذلك الشقق وفي الوقت نفسه لا يمكننا اقتصاديا إلقاء اللوم على أحد أو جهة بقدر أهمية إعادة هندسة التنظيمات والسياسات الاقتصادية، لمعالجة الأمر وتحقيق أعلى مردود للاقتصاد للمستهلك النهائي للسكن أي المواطن والمستثمر واقتصادنا الوطني وفق أسس صلبة ومتوازنة وصحية للنمو الديناميكي مستقبلا.
الحل يكمن في إعادة هندسة القطاع العقاري بمنظور اقتصادي من خلال فرض ضرائب على الأرباح الرسمالية للأراضي، أي: ضرائب على الفرق ما بين قيمتي البيع والشراء وتحرير الأراضي السكنية من قبضة الشركات المساهمة والمصارف وجميع الوحدات الاقتصادية العامة أو الخاصة التي تستخدم الأراضي لغايات لا تخدم المستهلك النهائي للسكن من زيادة القيود التنظيمية والضريبة على المضاربين والمحتكرين والوحدات الاقتصادية والصناديق وتقييد استخدام الأراضي على للشركات والمصارف وتحديد نسب ضمن النطاق التجاري إضافة إلى تقييد ملكية الأراضي للأفراد بحد أعلى ثلاثة صكوك وبإجمالي مساحات أربعة آلاف متر مجتمعة أو متفرقة في المدينة الواحدة، بهدف توجيه الفوائض المالية إلى الأسهم والاستثمارات الأخرى، وسنتحدث عن منافع ذلك في مقالة قادمة.