ضد العنصرية؟!

كان عاراً وإثماً كبيراً على منظمي مؤتمر العنصرية الذي عقد في جنيف؛ وعاراً أكبر وإثماً أشد على مَن يدّعون أنهم أهل الديمقراطية .. كيف يريدون من العالم أن يرفض العنصرية، وهم من يشاهدها ويدعمها ويدعي أنه لم يرها؟ أي رفض للعنصرية، وكل ما لليهود فوق الجميع، وأي عنصرية، وكل قرارات الأمم المتحدة الملزمة لإسرائيل لم تنفذ ولن تنفذ؟ أي عنصرية وأطفال فلسطين يشردون و يقتّلون وكبريات المحطات الإعلامية ترفض نداءات الاستغاثة، وحتى الإعلان عنها كما كان حال الـ " بي. بي. سي" وقريناتها في أوروبا وأمريكا؟
نحن ما زلنا نتعلم فأخبرونا بربكم عن معنى العنصرية، ودلونا على الكيفية التي نتخلص بها منها؟ لكن وفق المفهوم الصحيح، وليس وفق مفهوم الامتعاض والتغاضي والتنازل.
عنصرية الأمريكي والإسرائيلي نعلمها، ولدى الأوروبي والكندي والأسترالي اتضحت وبانت، لكن دون مجيب، ودون رقيب، إذ كان من الأولى أن يكون عنوان المؤتمر "ضد ما هو ضد إسرائيل".
عنصرية هؤلاء كانت هي الأكثر وضوحاً، بل كانت قائمة وماثلة ولا سبيل لردعها، عنصرية انتقائية، رفضت المؤتمر لأن هناك توبيخاً لا يتجاوز "الطبطبة" على كتف إسرائيل .. وعليه فهي ضد العنصرية، لكنها في الحقيقة ركن مهم فيها.
فهل توضح لنا دول الـ anti racism مفهومها للعنصرية؟ ولا سيما أن التصرف الأرعن من الدول المذكورة كشف الأقنعة، وأزال اللبس؛ فإسرائيل ستظل مفضلة ولا شيء سواها، هي كذلك ما دام أن أمريكا تريد ذلك وعلى البقية أن يخنعوا.. وعلينا ألا نحلم كثيراً بمساواة أو قدرة على بلوغ ما تبلغه عند من جعلت نفسها الوالدة الرؤوم للعالم.
ماذا ننتظر بعد مؤتمر العنصرية؟ هل ننتظر نصراً جديداًُ أم سلاما للشجعان .. فالكتاب يتضح من عنوانه، فما تضمنته المحاباة والمقاطعة دليل على أن على الفلسطينيين أن يحلموا كثيراً وعلى مدى أزمنة طويلة وأعمار مديدة كي يصلوا إلى مبتغاهم من دولة اليهود.. وما بعد الأرض الكاملة ومن ثم النصف، حتى بلغت 22 في المائة إلى القبول بتلقي الإعانات داخل مخيمات تسمى فلسطين.
أعود إلى المؤتمر وأدعو الله أن يغفر لنا زلاتنا، ويتوب علينا من شرور أعمالنا، فالقائد المنتصر أحمدي نجاد كان وكما كان، الظاهرة الصوتية التي لا تستكين، هو صاحب القول، لكن الفعل ليس بقريب، هو محق في وصف إسرائيل، لكن ماذا قدم للفلسطينيين؟ هو محق في تعريف العنصرية، لكن أين حقوق جيرانه؟ وأين أراضيهم المسلوبة؟ هو محق.. في طلب المساواة ونبذ كل أشكال العنصرية، لكن أليس هناك في إيران من هم مختلفون معه في المعتقد يتمنون ذلك؟
آخر ما نقول إن مؤتمر نبذ العنصرية قد جسّدها تماماً وأثبت أنه عنصري ضد كل ما هو إسلامي وعربي، وكل ما هو رافض لعنجهية إسرائيل واستبدادها.. لكنني رغم ذلك ما زلت أحلم بأن الزمن سيتغير وسيكون هناك في يوم من الأيام ما يسمى: معاداة السامية العربية، ومحاكم تنصب لأجل ذلك في كل العالم .. انطلاقا من قوة وهيمنة للعرب على العالم، وبلا شك أننا لن نحضر مؤتمر العنصرية، الذي سيقام في ذلك الزمن لأننا لا نريد أن ندين الفلسطينيين وهم يسومون اليهود العذاب!! سأتوقف هنا.. لأني لن أسمح لنفسي أن أحلم، والسبب أننا تعودنا أن نبجل ونحتفي بالمثل الشعبي الذي يقول "يا بخت من نام مظلوم ولا نام ظالم"!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي