مزيد من التباعد .. الفجوات تتسع بين مسارات التعافي «2 من 3»
إن هذا التقييم للنمو الاقتصادي العالمي يشوبه قدر كبير من عدم اليقين، نظرا للطابع غير المسبوق الذي يتسم به التعافي. وتمثل الاضطرابات الأكثر استمرارية في الإمدادات والتزايد الحاد في أسعار المساكن اثنين من هذه العوامل التي يمكن أن تقود إلى تضخم مرتفع على نحو مزمن. إضافة إلى ذلك، فمن المتوقع أن يظل التضخم مرتفعا حتى فترة ما من عام 2022 في بعض اقتصادات الأسواق الصاعدة والنامية، الأمر الذي يرتبط في جانب منه باستمرار ضغوط أسعار المواد الغذائية وانخفاض قيم العملات، ما يوجد هوة أخرى بين دول العالم.
وبينما يمكن أن يؤدي ازدياد فرص الحصول على اللقاح إلى تحسين الآفاق المتوقعة، فإن ميزان المخاطر الكلية يميل إلى الجانب السلبي. فظهور سلالات متحورة من الفيروس تتسم بسرعة العدوى قد يخرج التعافي عن مساره ويمحو ما يعادل 4,5 تريليون دولار من إجمالي الناتج المحلي العالمي على أساس تراكمي بحلول عام 2025. ويمكن أيضا أن يتم تشديد الأوضاع المالية بصورة مفاجئة في ظل تقييمات الأصول المفرطة إذا حدثت إعادة تقييم مفاجئة لآفاق السياسة النقدية، خاصة في الولايات المتحدة. ومن المحتمل أيضا أن يتبين ضعف الإنفاق التحفيزي في الولايات المتحدة مقارنة بالمستوى المتوقع. ومن شأن تفاقم الجائحة وتشديد الأوضاع المالية أن يوجها ضربة مزدوجة لاقتصادات الأسواق الصاعدة والنامية وأن يحدثا انتكاسة حادة في مسيرتها نحو التعافي.
وبشأن السياسات الكفيلة بوقف التباعد وتحسين آفاق المستقبل، فهناك ما يدعو إلى التحرك متعدد الأطراف لضمان سرعة الحصول على اللقاحات في مختلف أنحاء العالم، وتوافر وسائل تشخيص الفيروس وعلاجاته. فمن شأن هذا أن ينقذ أرواحا لا حصر لها، ويمنع ظهور سلالات متحورة جديدة، ويضيف تريليونات الدولارات إلى النمو الاقتصادي العالمي. وقد قدم خبراء الصندوق مقترحا أخيرا للقضاء على الجائحة، وأيدته منظمة الصحة العالمية والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية، يحددون فيه هدفا للتطعيم لا يقل عن 40 في المائة من سكان كل بلد بنهاية عام 2021، ولا يقل عن 60 في المائة منهم بحلول منتصف 2022، مع ضمان توافر ما يكفي من أدوات التشخيص والعلاج بتكلفة قدرها 50 مليار دولار.
ولتحقيق هذه الأهداف، ينبغي للدول التي تمتلك فوائض من اللقاحات أن تقدم مليار جرعة لقاح على الأقل عام 2021 للدول التي تحتاج إليها، كما ينبغي للشركات المصنعة أن تجعل أولويتها التسليم للدول منخفضة الدخل والدول في الشريحة الأدنى من الدخل المتوسط. ومن المهم إزالة القيود التجارية على مدخلات للقاح واللقاحات جاهزة التصنيع والقيام باستثمارات إضافية في طاقة تصنيع اللقاحات على المستوى الإقليمي لضمان كفاية الإنتاج. ومن الضروري أيضا تقديم التمويل مقدما في شكل منح قيمتها 25 مليار دولار تقريبا لتوفير أدوات التشخيص والعلاجات ومستلزمات التأهب لعمليات التطعيم في الدول النامية منخفضة الدخل... يتبع.