FINANCIAL TIMES

"ليس لدي ما أخسره بعد الآن" .. الإيرانيون يحتجون على نقص المياه

"ليس لدي ما أخسره بعد الآن" .. الإيرانيون يحتجون على نقص المياه

يعكس عمق الغضب من سوء الخدمات العامة جزئيا شعور الإيرانيين بالخيانة من الثورة.

خلال الأسبوع الماضي، خرج المتظاهرون إلى الشوارع في جنوب غرب إيران، مرددين شعارات مناهضة للنظام وهم يطالبون بمزيد من المياه للشرب ولأراضيهم الزراعية وماشيتهم.
وتأتي المظاهرات في أماكن مثل الأهواز وشاديجان وسوسنجر في محافظة خوزستان على خلفية الاحتجاجات الأخيرة في مدن من بينها العاصمة طهران وكردكوي، بشأن انقطاع التيار الكهربائي - وهو الأسوأ منذ الحرب مع العراق في الثمانينيات - حيث هتف الإيرانيون "يسقط الديكتاتور". وقتل شخص واحد على الأقل في احتجاجات المياه، وفاة تحمل الحكومة مسؤوليتها على مثيري الشغب وليس قوات الأمن.
ويعكس عمق الغضب من سوء الخدمات العامة جزئيا شعور الإيرانيين بالخيانة من قبل الثورة التي خلقت الدولة الدينية في عام 1979. ومن المعروف أن مؤسس الثورة، آية الله الخميني، قد وعد الإيرانيين المبتهجين بأننا "سنجعل الماء والكهرباء مجانيين للفقراء ".
ويرى عديد من الإيرانيين أن تكاليف المرافق الرخيصة حقهم الطبيعي. فقد قالت زهرة، ربة منزل تبلغ من العمر 36 عاما، "نحن أمة غنية ونمتلك أكبر ثروة. لكن هذه الثروة لا تفيد إلا أولئك المرتبطين بالنظام. يجب أن يستفيد الجميع بالتساوي من الموارد الطبيعية".
نتيجة لذلك يكره السياسيون قطع الإعانات التي لا تستطيع الدولة تحملها. وقال محللون إنه مع تضرر المياه والكهرباء من ارتفاع الاستهلاك وأسوأ موجة جفاف منذ نصف قرن، أصبحت المرافق منفذا طبيعيا للتوترات السياسية.
وقال أحدهم، "ينظر الناس إلى مجال غير سياسي مثل قطاع الكهرباء على أنه مجال يمكنهم من خلاله متابعة مطالبهم السياسية". ويضيف، "من المستحيل قطع الإعانات لأن الناس أفقر والناس لا يثقون في المسؤولين ويرفضون أي تحول في نظام الإعانات".
وعالجت حكومة حسن روحاني - الذي سيحل محله إبراهيم رئيسي في 4 آب (أغسطس) - انقطاع التيار الكهربائي عن طريق تقليل ساعات عمل الصناعات، وخفض صادرات الكهرباء إلى العراق، واتخاذ إجراءات صارمة ضد تعدين البيتكوين. في حين أن هذا قد احتوى الغضب العام من نقص الطاقة، مؤقتا على الأقل، فقد أصاب أيضا الاقتصاد الذي يعاني العقوبات الأمريكية الخانقة.
وقد سحب دونالد ترمب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع القوى العالمية في عام 2018، فارضا أشد العقوبات حتى الآن على الجمهورية. وتهدف المفاوضات بين إيران وباقي الموقعين على الاتفاق - المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين - للتوصل إلى اتفاق من شأنه أن يؤدي إلى عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاقية ورفع العقوبات.
مع العقوبات أو بدونها، لا يوجد حل سهل لبلد - حسب تقدير أراش نجفي، نائب رئيس لجنة الطاقة في غرفة التجارة الإيرانية، ومحللين آخرين - يقدم إعانات يبلغ مجموع قيمتها 100 مليار دولار سنويا.
بينما حاول روحاني خفض الاستهلاك، قفز طلب الإيرانيين على الكهرباء إلى مستوى قياسي بلغ نحو 66 ألف ميجاواط هذا العام بينما لم يتجاوز الإنتاج 55 ألف ميجاواط، بحسب الأرقام الرسمية، ويرجع ذلك جزئيا إلى حرارة الصيف الشديدة.
وقال علي رضا أسدي، نائب لرئيس الأبحاث في نقابة الصناعات الكهربائية الإيرانية، أكبر منظمة غير حكومية في صناعة الكهرباء، "قرر السيد روحاني، وهو على حق، إبطاء سياسة أسلافه في بناء محطات توليد الطاقة وبدلا من ذلك، كبح الاستهلاك المتزايد، " لكن الحكومة قد فشلت في إقناع الناس بتقليل استهلاكهم".
ومع نمو الاستهلاك بمعدل 5 في المائة، قال أسدي إن الإنتاج ينمو سنويا 3 في المائة فقط. كانت الإعانات كبيرة جدا لدرجة أن أسدي قدر أن المستهلكين المحليين والصناعات قد دفعوا فقط 15 في المائة، و30 في المائة على التوالي من التكلفة الحقيقية للكهرباء.
ونظرا لأن الجائحة قد دمرت الاقتصاد كذلك، تدعي إيران أنها أوفت بوعد الثورة ولم تفرض رسوما على ثلث السكان، أفقرهم، للحصول على المياه والكهرباء والغاز خلال العام الماضي.
ويضيف هذا إلى التحديات الاقتصادية التي يواجهها رئيسي، الذي يشك المحللون في أنه سيعالج موضوع الإعانات. وقال أسدي، "إن الحكومة المقبلة (برئاسة رئيسي) ستعود على الأرجح إلى سياسة بناء محطات الطاقة دون أن تجرؤ على التراجع عن الإعانات". "وإذا رفعت أي حكومة أسعار الكهرباء، فعليها أن تذهب وتختبئ في المنزل" بحسب ما أضاف.
ما لم يكن الأساس مهيأ لخفض الإعانات "كل ما نفعله سيكون له تكاليف اجتماعية كثيرة للغاية" كما قال بيجان نامدار زنغنه، وزير النفط الإيراني، هذا الشهر. وتتصدر أذهان المسؤولين ذكرى الاحتجاجات في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) 2019، التي أثارها قرار روحاني زيادة أسعار البنزين 50 في المائة. وقتل المئات في مظاهرات حاشدة مناهضة للنظام.
رئيسي، الذي شوهت فوزه في حزيران (يونيو) أدنى نسبة مشاركة على الإطلاق في اقتراعات رئاسية وقرار منع منافسيه الإصلاحيين الرئيسين من الترشح، ألقى في السابق باللوم في انقطاع التيار الكهربائي على قلة الاستثمار. ووعد بتعزيز الإنتاج المحلي.
وبالنسبة لعديد من الإيرانيين العاديين، فإن وعود السياسيين ليس لها أي تأثير. ومع بلوغ التضخم 47.6 في المائة في شهر حزيران (يونيو) مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، فإن انقطاع التيار الكهربائي يمثل ضربة أخرى.
وقالت امرأة تدير صالون تجميل في طهران لم ترغب في نشر اسمها، "بمجرد انقطاع التيار الكهربائي، أذهب إلى النافذة وأبد في ترديد الموت لجميع القادة الإيرانيين ذاكرة أسماءهم. وفي بعض الأحيان ينضم الجيران إلي".
وتضيف، "بعد عام مروع مع القليل من الأعمال وكثير من الديون، فإن آخر شيء أحتاج إليه في هذا الصالون هو انقطاع التيار الكهربائي ونصف شعر عملائي مسرح بالفرشاة وعدم وجود إضاءة كافية لإنهاء تجميل أظافرهم. أشعر أنه ليس لدي ما أخسره بعد الآن".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES