دائرتك المحيطة وقوة تأثيرها

النجاح مصطلح كل يتوق إلى تحقيقه. ويسعى الأشخاص الطموحون سعيا حثيثا في مسارات الحياة لتحقيق النجاح حسب رؤيتهم وتعريفهم لهذه المفردة، آخذين بالأسباب الموصلة والوسائل المحققة للنجاح. بيد أن هناك أسبابا أو سمها ظروفا محيطة قد توصلك لما ترنو إليه، أو تأخذك بعيدا عن قوافل الناجحين وركب المتفوقين. في حديث لي مع زميل عمل وصديق كان يعمل أستاذا جامعيا في جامعة كاليفورنيا، لوس أنجلوس، ثم انتقل بعدها لتأسيس شركته الخاصة في إحدى التقنيات المتقدمة في ولاية كاليفورنيا في الولايات المتحدة. كان يقول لي: إن هناك كثيرا من الأشخاص المبدعين والمتميزين حول العالم، لكن لم تتوافر لهم الظروف المناسبة لتحقيق تطلعاتهم أو لتتجاوز سقف توقعاتهم، أوعز ذلك لأسباب من أبرزها الدائرة المحيطة بالإنسان. والذي أثار هذا الحديث بيننا هو الصعود اللافت لشركات وادي السيليكون في الولايات المتحدة، والنجاحات التي حققها مؤسسو كثير من هذه الشركات سواء على الصعيد المالي أو الابتكاري والإبداعي. نعم توجد أسباب أخرى أسهمت في تحقيق هذا الصعود، لكن عدوى النجاح لها الحظ الأوفر في سبب انتشار ثقافة التفوق والريادة والإبداع في وادي السيليكون. فالإنسان بطبعه يتأثر بمن حوله سلبا أو إيجابا، ويستلهم التجارب والقصص ممن حوله من الناجحين أو ممن سبقوه في خوض مضمار الحياة. وبظني أن العبارة المشهورة "جاور السعيد تسعد" ما حادت عن الصواب لربطها سعادتك بسعادة من حولك وتأثرك بهم.
من المشاهد المثيرة للانتباه، نبوغ أفراد أسرة معينة في مجال دون غيره، كالتجارة، أو الصناعة أو مواصلة الدراسة الأكاديمية في تخصص دون غيره، وفي اعتقادي أن السبب الرئيس هو تأثر أفراد هذه الأسرة بعضهم بعضا. ومن مشاهد تأثير الدائرة المحيطة في الأشخاص بشكل مباشر أيضا، هو قدرة الناجحين على ربط الأشخاص بناجحين آخرين يشاطرونهم إما اهتمامات مماثلة أو أهدافا مشتركة والعمل على توسعة شبكة علاقاتهم أو ما يسمى الـ Networking. في استعراضنا لبعض النماذج السابقة الدالة على التأثير المباشر وغير المباشر للدائرة المحيطة في صنع علامة نجاح فارقة على المستويين الشخصي أو المهني، من الأهمية بمكان إعادة تموضع الشخص ليحيط نفسه بشخصيات ناجحة وإيجابية. قد تكون الخيارات محدودة في البداية خصوصا عندما لا تجد في محيطك القريب من يساعدك على النهوض. لكن الخطوة الأولى ستصنع الفرق وقد توصلك بشبكة أوسع من المتميزين أو الناجحين. كما يتعين على الشخص المعني بالأمر بذل الأسباب للارتقاء بنفسه وجذب الأشخاص الناجحين إليه. فالسلوك والعلم وحسن الخلق والاطلاع المنتقى بعناية كلها تزيد في رصيد الإنسان المعرفي والثقافي. فعلى سبيل المثال، من الوسائل الناجعة للارتباط بالشخصيات الناجحة المشاركة في عضوية بعض أندية النخبة أو الأندية العلمية أو الثقافية. أيضا لدى كثير من الجامعات المرموقة برامج وأندية مخصصة لطلابها خصوصا في برامج الدراسات العليا، فبالإمكان المشاركة في عضويتها وبناء علاقات بناءة مع أعضائها. ختاما، إن علاقاتك ستسهم بشكل أو بآخر في مستوى نجاحاتك المستقبلية، فأحسن الاستثمار فيها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي