هل الاكتئاب صديق النساء؟

لماذا تثبت الدراسات الواحدة تلو الأخرى أن النساء أكثر عرضة للاكتئاب من الرجال بنسبة الضعف؟ هل يرجع ذلك إلى أن النساء أكثر اهتماما بالسعي نحو العلاج, وبالتالي يظهرن في الإحصائيات أكثر من الرجال؟ أم لكون النساء أكثر استعدادا للتحدث عن مشكلاتهن بصراحة؟
أيرد ذلك إلى الهيمنة الذكورية في غالبية المجتمعات, التي تمنح المرأة فرصا محدودة من المشاركة واعترافا أقل من الرجال؟ أم عساه يكون نوعا من الفوارق البيولوجية وتأثير الهرمونات؟
يرد البعض ذلك إلى ضغوط تعدد الأدوار وصعوبة المسؤوليات التي تقع على عاتق المرأة في حياتنا العصرية، التي تولد مزيدا من التوتر والإحباط؟ مع أن هذا التفسير يتحطم على صخرة الإحصائيات التي تظهر أن النساء العاملات أقل إصابة بالاكتئاب من اللاتي لا يعملن.
تعتمد المجموعة الأخرى تفسير العجز المتعلم الذي يحيل ذلك إلى أسلوب تنشئة المرأة في مجتمعنا الذي يضطرها إلى احتراف العجز واكتساب خبرة عميقة فيه، حيث تبدأ حكايتها معه منذ طفولتها حين يلقى إخوتها الذكور مزيدا من الثناء والتشجيع في حين يتم تجاهل إنجازاتها أو اللامبالاة بها من قبل بعض الوالدين، كما يتم تدريب البنين على عديد من الأنشطة والخبرات التي تربي داخلهم الاعتماد على النفس والشجاعة، بينما تجد الفتاة نفسها أمام ممارسات تربوية تدعم السلبية والاعتمادية والانسحاب من المواجهة، وحين تكبر تواجه بوعي عام مجتمعي لا يحترم قدراتها بشكل كاف، وإذا اتجهت إلى دنيا العمل اكتشفت أن إنجازاتها تلقى عرفانا أقل مما تحظى به تلك المنسوبة للرجل وينظر إليها وكأنها دخيلة على المكان، وهكذا فإن ذلك العجز المتعلم يواجهها في غالبية مواقفها ويولد لديها تجارب أكبر مع الاكتئاب.
بقي تعليل أخير لازدياد نسبة الإصابة بالاكتئاب لدى النساء وهو الذي يتهم المرأة بخطأ تعاملها مع التحديات اليومية مقارنة بالرجل، وأنها تميل إلى اجترار الهموم والبحث عن أسباب المشكلة في حال مواجهتها لها وتستغرق في الحديث عنها لتعيش الموقف مجددا مرات ومرات، بينما يتخذ الرجل إجراء مباشرا أو يحول نفسه بطريقة ما عن التفكير في الأمر، فإذا كان الاكتئاب اضطرابا في التفكير فلا بد أن الاجترار يؤججه والميل إلى التحليل يغذيه، أما الفعل المباشر واتخاذ الإجراءات فإنه يسهم في كسر حدة الاكتئاب وتحجيم آثاره.
في النهاية كل تلك احتمالات وتفسيرات يمكنك الأخذ منها أو الرد عليها ولكن المهم لنا جميعا أن نتعلم كيف نواجه ما لا يمكننا تغييره, فهكذا نعيش الحياة بأسلوب إيجابي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي