رياح تغيير تهب على السعودية لمصلحة الوطن والمواطن

الأوامر الملكية الأخيرة التي صدرت يوم السبت الموافق 14 شباط (فبراير) 2009، بتعيين عدد من الوزراء الجدد في مناصب قيادية وإدارية مختلفة، والتي طالت مجالات معاشية متعددة لها علاقة ومساس مباشر بحياة المواطن، من بينها التربية والتعليم، الصحة، العدل الشورى، القضاء، وديوان المظالم، يتوقع لها أن تحدث نقلة نوعية في مستوى الخدمات التي تقدم للمواطن، ولاسيما أنها شملت قطاعات خدمية وكما أشرت لها مساس مباشر بحياة المواطن السعودي اليومية.
التغييرات الوزارية، سالفة الذكر، لم تقتصر فقط على إحداث تغيير في التعليم وفي الصحة وفي الشورى وفي القضاء وفي ديوان المظالم وحسب، حيث طالت أيضاً قطاعات وجهات أخرى حساسة لها علاقة وارتباط مباشر بالحياة اليومية للمواطن السعودي، التي من بينها - على سبيل المثال لا الحصر - إعادة تشكيل هيئة كبار العلماء، وإحداث تغيير في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بما في ذلك إنشاء ثماني محاكم إدارية جديدة.
التغييرات الوزارية التي حدثت، يتوقع لها أن تأتي بحلول جذرية شافية ووافية للعديد من القضايا والشؤون العالقة المتعلقة بالمواطن، كما أنه يتوقع لتلك التغييرات، أن تسرع من عملية الإصلاح الإداري، التي تشهدها المملكة العربية السعودية منذ وقت طويل، التي استهدفت بناء الإنسان السعودي فكرياً وجسدياً، بالشكل الذي يمكنه من الإسهام الفاعل في بناء الوطن ومن مواكبة مشوار التطور الكبير الذي تشهده المملكة بشكل خاص والذي يشهده العالم بشكل عام، ولاسيما أن السعودية أصبحت عضوا فاعلا في العديد من المنظمات والمؤسسات الدولية، التي من بينها - على سبيل المثال لا الحصر -على المستويين الاقتصادي والتجاري منظمة التجارة العالمية WTO، التي من بين متطلبات الانضمام إليها الاستمرار في تطوير البنية التحتية التجارية والاقتصادية للمملكة بالشكل الذي يحقق الارتقاء بأداء الاقتصاد والتجارة السعودية.
المواطن السعودي يتوقع من تلك التغييرات، كما أسلفت، أن تحدث نقلة نوعية في مستوى الخدمات التي تقدم له كماً ونوعاً، فعلي سبيل المثال في مجال التعليم العام، يتوقع المواطن أن يتم التسريع في برنامج إصلاح التعليم العام، الذي أقره خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، قبل عامين، والذي استهدف الارتقاء بالمنظومة والعملية التعليمية، وتحويل الطالب والطالبة إلى أشخاص مبدعين ومفكرين، من خلال الاعتماد على استخدام المدارس التي تعتمد فيها عملية التعليم على استخدام أحدث تقنيات العصر، مثال الحاسب الآلي والكتاب الإلكتروني، الأمر الذي سيتطلب إعادة النظر في تركيبة المناهج وهيكليتها، بما في ذلك أسلوب إعداد المعلم والمعلمة، كما أن تطوير العملية التعليمية يتطلب – برأيي - إحلال المدارس الحديثة والنموذجية مكان المتهالكة.
بالنسبة للجانب الصحي، فإن المواطن يتوقع أن يتمكن الوزير الجديد المعين الدكتور عبد الله الربيعة من التعامل مع العديد من المشكلات الصحية التي تعانيها بلادنا، التي من بينها - على سبيل المثال لا الحصر - تعثر إنجاز عدد من المشاريع الصحية، وكثرة الأخطاء الطبية، وشح الأسرّة في المستشفيات الحكومية بما في ذلك الإسراع في تطبيق نظام التأمين الطبي بشكل متكامل.
ومن بين المتطلبات الصحية كذلك، إيصال الخدمات الصحية للقرى والهجر والمناطق النائية، بالشكل الذي يرقى لطموحات المواطن وتطلعاته، هذا إضافة إلى ضرورة تطبيق معايير الجودة العالمية في مجال الصحة على جميع المستشفيات العامة والخاصة، وضبط أسعار الدواء والخدمة التي تقدم للمواطن. ومن بين التحديات كذلك المطلوب التعامل معها، إعداد الكوادر الطبية السعودية المؤهلة التأهيل الطبي الصحي والفني العالي، الذي يمكنها من تقديم أفضل مستويات العلاج العالمية للمواطن.
بالنسبة للجانب القضائي، المواطن يتطلع إلى التوسع في إنشاء المحاكم المتخصصة في قضايا الحياة المختلفة، بما في ذلك إعداد القضاة وتأهيلهم للعمل في المحاكم المتخصصة الجديدة مثل المحاكم التجارية، والإسراع في مباشرة قضايا الناس وعدم البطء في تنفيذ الأحكام، بما في ذلك زيادة عدد القضاة، ولاسيما أن المملكة العربية السعودية تعد من بين الدول الأقل من حيث عدد القضاة نسبة إلى عدد السكان، وذلك على مستوى العالمPer capita، ولاسيما أن الأمر سيزداد تعقيدا وصعوبة في ظل التوجه لإنشاء واستحداث ثماني محاكم إدارية جديدة.
بالنسبة للتطوير الذي طال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، المواطن يتوقع من ذلك التطوير أن يتم الارتقاء بأداء الجهاز من خلال تطوير آليات العمل، ووضع معايير وتحديد مسؤوليات وصلاحيات واضحة للعاملين في الجهاز، بهدف الحد من التجاوزات في الصلاحيات، الأمر الذي يتطلب الاختيار الدقيق لرجال الهيئة والمحاسبة الصارمة في حالة وقوع الأخطاء، بما في ذلك فتح باب الحوار بين جهاز الهيئة والمواطنين، بهدف تأصيل قيم ومفاهيم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لدى المواطن بالموعظة الحسنة، لا بالعنف والشدة واستخدام السلطة والنفوذ.
خلاصة القول، إن التغييرات الوزارية الجديدة التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز أخيرا، ستعمل – برأيي - على تنشيط العملية الإصلاحية التي انتهجتها الحكومة السعودية منذ وقت بعيد، ولاسيما أن التغييرات طالت قطاعات وأنشطة خدمية مهمة لها علاقة ومساس مباشر بحياة المواطن السعودي، كالصحة والتعليم والقضاء، الأمر الذي سيتحقق عنه - بإذن الله تعالى - الارتقاء بذلك النوع من الخدمات بالشكل الذي يحقق طموحات المواطن الكريم وتطلعاته في هذا البلد الكريم. وبالله التوفيق.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي