عن بعد .. وقرب

في العام 2017، قالت وزارة التعليم إنه مع حلول عام 2020 وهو عام التحول الوطني سيستغني الطلاب عن الورق ويتحولون إلى المناهج الرقمية، وكتبت حينها عن هذا الوعد القوي مقالا بعنوان "تحول التعليم".
ولأن عام 2020 كان استثنائيا على العالم كله فلا يمكننا اعتبار أي وعد قابلا للتطبيق بسبب الظروف القاهرة، رغم أن العامين السابقين 2018 و2019 لم يعطيا إيحاء أن الوزارة ستقابل الموعد.
جاء التعليم عن بعد، أي عبر الإنترنت إجباريا، وكان يبدو فرصة سانحة للتطبيق الجزئي لهذا الوعد، و"تحميل" بعض المقررات في صيغ إلكترونية تجريبية، لكننا فوجئنا أن المدرسة طلبت منا تسلم الكتب، وتسلمناها لنتابع شرحها مع أبنائنا على شاشة، و"نتبع" بأصابعنا على الورق، و"نتبع" هي نفسها كلمة نتابع في الفصحى، لكن معلمينا كانوا، ومعلمي أبنائنا ما زالوا يستخدمون هذا المصطلح.. ما علينا.
شخصيا سأسميه التعليم عن قرب، ففيه اقتراب - مفترض - أكثر بين أفراد الأسرة، حتى لو كان إجباريا لدى البعض، وفيه اقتراب من تطبيق قول الشاعر "الأم مدرسة" والأمهات - كما نعرف - هن من سيتحملن العبء الأكبر، والأهم أن فيه اقتراب أكثر من واقع إمكانات المعلمين والمعلمات الحقيقية التي "قد" تكون أفضل من انطباعاتنا، و"قد" تكون العكس.
أيضا في هذا التعليم "المستجد" مواصلة لاقتراب الصغار من الشاشات الذي زادته الظروف الاستثنائية لهذا العام، وسيجيب الطالب المتحذلق والدته عندما تسأله ماذا يشاهد على جهازه اللوحي بأنه "يذاكر"، وهذا "التمويه" مقارب لإجابة بعض أبناء جيلي عندما كانوا يخبئون روايات "عبير" بين دفتي كتاب المدرسة ويدعون أنهم يذاكرون.
أيضا في هذا النوع المستجد من التعليم اقتراب من واقع تغطية الإنترنت في جميع المناطق، ومن واقع قدرات الأسر ومستويات دخلها التي ستحدد مستويات التعليم المنزلي تبعا لقوة وسرعة أجهزتها وباقات اتصالها.
في عام 2017 تم توقيع مبادرة "التحول نحو التعلم الرقمي لدعم تقدم الطالب والمعلم. بوابة المستقبل" بقيمة إجمالية 1.6 مليار ريال حتى عام 2020 "427 مليون دولار"، التي تنفذها الوزارة بالتعاون مع شركة "تطوير" لتقنيات التعليم، وهذا مبلغ ضخم جدا، نتمنى أن نرى في المنصات التي يتندر الناس حول "بيروقراطية" الدخول إليها ما يثبت أنه استثمر وحقق المطلوب حتى نهاية 2019 على الأقل باعتبار أن العام الجاري هو عام الجائحة.
التعليم عن بعد أو من خلال منصة أو عن قرب في الفصول مجرد وسيلة، وإذا لم يتغير الهدف، تتساوى كل الوسائل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي