اختبار وفرصة
مثلما كشفت جائحة الفيروس المستجد بعض المنشآت الصحية الخاصة وقليل من العامة مبرزة مستويات أدائها وأحيانا أخلاقها المهنية، ها هي تكشف بعض المدارس الخاصة الكبيرة والصغيرة، وتساعد على اكتشاف كثير من حقائق المثلث غير متساوي الأضلاع: المنزل، المدرسة، ووزارة التعليم.
في الفصل الدراسي الماضي، انكشفت كثير من الحقائق السلبية حول جشع واستغلال بعض هذه المدارس من ناحية الرسوم، ورواتب السعوديات والسعوديين "شبه اليتامى" في هذه المدارس، كما أبرزت الجانب الإيجابي، فاكتشف البعض أن هناك مدارس تستحق ما يدفع لها، لم تنتظر منصات رسمية أو مبادرات حكومية، بل رتبت سريعا دروسها وفصولها الافتراضية، حتى إن بعضها فاق بعض الجامعات أداء والتزاما.
الحقيقة المهمة هي، وضع الأسر في خانة اختبار نفسها وقدراتها وعلاقاتها، بعضها نجح ليدرك أن كثيرا من المدارس ما هي إلا مكان احتواء فيزيائي للطلبة والطالبات لجزء من اليوم وأنها قادرة على التحكم في مسار التعلم وتنظيم اليوم، وبعضها مع الأسف، بان عجزها واتكالها المطلق على المدرسة، وهذا البعض "العاجز" هو من سيتحالف - الآباء والأمهات - لابتكار لقاح للفيروس، إن تأخرت نتائج السباق العالمي، كما تقول الطرفة الساخرة المتداولة. يفترض أن المجتمع سيعيد غربلة سوق التعليم الأهلي بناء على الأداء خلال الدراسة عن بعد للأسابيع السبعة المعلنة، التي قد تمتد تبعا للوضع والظروف.
سنشهد كثيرا من المواقف، وستقدم لوزارة التعليم فرصة على طبق صاغته الجائحة لمعرفة واقع التعليم الأهلي، وإن كان هناك من سيتعمق، فهي فرصة لقراءة مستقبله.
هذه الجائحة لها سلبيات كثيرة، وفي المقابل ستفرز إيجابيات جلها عن تقييم الناس لحياتهم، والحكومات والوزارات لأدائهم وقدراتهم، وإذا كانت وزارة الصحة الأولى في هذا الشأن، فوزارة التعليم ثانية دون أدنى شك.
في هذا الملف، استغربت رفع وزارة التعليم يدها عن قصة رسوم المدارس، لأنها المشرع والمنظم للقطاع "ريجليتور"، وجميع الوزارات والهيئات الحكومية المنظمة والمشرعة لكثير من القطاعات تقوم بهذا الدور! فهل يعني ذلك أن الرسوم والتسعير في هذه المدارس ليس له وال ولا رقيب؟ أم تراها ستتحول إلى وزارة التجارة مثلا؟ كلها أسئلة مشروعة، ينبغي الإفصاح للناس عن إجاباتها.
في الإجمال، هي فرصة لمن اتعظ وتعلم، وإذا فات على البعض في الوزارة والناس التعلم منها، فستكون خسارة كبيرة. لعلها خير، ولعل بعض الأسر تقترب من بعضها أكثر، بعد أن فرقتهم الشاشات الصغيرة التي ربما تجمعهم الآن للتعلم وصناعة المستقبل.