ما دور منظمات حقوق الإنسان العالمية والعربية؟ (2 من 2)
نواصل اليوم الحديث عن ما بدأناه في مقالنا السابق عن الحقوق الإنسانية على المستوى العربي والعالمي.
أعلم أننا نتحدث عن هذا كثيرا ولكن استعادته تؤكد أننا نحرث في الماء على الأقل ليس في جانب (ضرورة دعم المقاومة الفلسطينية صاحبة الحق في الدفاع عن أرضها من هذا الإجرام الصهيوني العالمي) ولكن في جانب أننا قد نثق بأي إعلان لحقوق الإنسان قد يحمي المظلومين أو يعيد حقوقهم.
إن ما نعيشه فيما يتعلق بحقوقنا بصفتنا شعوبا مسلمة, وعلى وجه الخصوص ما يعيشه الإنسان الفلسطيني سواء في الضفة الغربية أو في قطاع غزة, هو الظلم مجسدا في واقع, ومع الأسف تعود عليه العالم حتى أصبح كأنما هو الأصل وليس الصورة الوحشية والمظلمة, التي تعزز انتهاكات حقوق الإنسان والظلم العالمي للشعب الفلسطيني.
في هذه الاعتيادية الظرفية فقط يصبح الوهم لدى الكيان الصهيوني ومن يدعمه أنه لا مجال لتغييره إلى مستوى الأصل الحقيقي كي نعيد الأمور إلى نصابها, ويستعيد الشعب الفلسطيني حقه في حياة كريمة, ويحرر المسجد الأقصى الحق للمسلمين (جميعا) ولا حق لأي اتفاقيات أن تسقطه.
ونظرا لأن هناك اعتسافا للحقائق في هذه القضية المصيرية للشعب الفلسطيني, فإن عبد الهادي محمد القاسم لديه وجهة نظر حول ادعاءات الكيان الصهيوني وما يردده في أروقة ما يقال إنها ( أمم متحدة ) و(مجلس الأمن ) حول حقه في الدفاع عن شعبه, فيقول:
(إذا كانت إسرائيل تقول إن غزة كيان معاد وإنها دولة جارة - فكيف تصمت الأمم المتحدة عن اتخاذ قرار عاجل بوقف العدوان من قبل دولة واحتلالها دولة جارة مثلما دانت في مجلس الأمن غزو صدام حسين الكويت عام 1990, واجتياح جورجيا من قبل الروس في العام الماضي؟! وإذا كانت إسرائيل تقر بأن قطاع غزة جزء من الأراضي التي تحتلها وأنه قطاع غير مستقل فكيف تسمح (الأمم المتحدة) لحكومة هذا الكيان ممثلة في جيشها ودباباتها وطائراتها الإف 16 والأباتشي وبوارجها البحرية الحربية أن تقمع وتقتل الشعب بينما دانت الرئيس العراقي صدام حسين والقيادة العراقية لأنها ضربت الشعب الكردي بالكيماوي في حلبجة وأعدمته بحجة قتل 300 من أبناء الدجيل؟!).
أثق أنها أسئلة مشروعة طالما أننا نعيش في عالم كبير لا لغة فيه إلا للقوة العسكرية والكذب والنفاق, وإلا من الذي يقارن بين هذا الجحيم الذي تسقطه الآلة العسكرية الغاشمة للكيان الصهيوني المحتل والحرائق التي لا تتوقف ليلا ولا نهارا وبين صواريخ القسام؟ بل إن الأمين العام للأمم المتحدة نفسه يساوي بين الجلاد والضحية في كلمته في لبنان, حتى خلته سيقول: ارحموا أبرياء الكيان المحتل من صواريخ القسام, وكأنه كان ممثلا للكيان الصهيوني وليس أمينا لمنظمة يفترض أن تكون (محايدة) ولديها عينان تريان بهما الحقائق نفسها وليست عينا لا ترى سوى الغبش فوق أجساد الضحايا فتتخيلهم هم الجلادون! وكأنما أعداد الشهداء من الأطفال الذين استشهدوا في قطاع غزة على مدى الأسابيع الأربعة لا يمثلون أي رقم لدى منظمات حقوق الطفل التي صراخها لا يعلو إلا كي تمرر حقوق (رفع سن الزواج كي لا يتم تزويج الطفلة التي لم تتعد سن الـ 16 عاما! وكيف يتم حصول هذا الطفل الذي حددت عمره بـ 18 على ما يساعده علي الصحة الإنجابية من ضمنها توزيع حبوب منع الحمل للفتيات اللاتي يمنع زواجهن ولكن لا مانع أن يرتبطن بعلاقات غير شرعية ولكن الأهم ألا يحملن! وتوزيع الواقي من الحمل للشباب, هذه هي الأولويات في المطالبة بحقوق الطفل), أما من يموت هناك في قطاع غزة ومن يحترق بالقنابل الفسفورية ومن يفقد أعضاءه وبصره من تجارب الأسلحة الكيماوية والجرثومية هناك وفي العراق وأفغانستان سابقا فتلك قضايا لا أهمية لها في أجندة من يدافع عن حقوق الطفل العالمية, وبالمثل من يدافع عن حقوق النساء, أين هم الآن من هذه الأعداد من الأمهات الثكالى بخلاف من يستشهدن مع أبنائهن وأزواجهن ويتم إخراج أشلائهن أمام أنظار العالم؟ ولا يغيب عنا من هم في المعتقلات من الأطفال والنساء والشباب والرجال ومنهم من كانوا في حكومة حماس المنتخبة!
أين المنظمات التي تدافع عن حقوق الإنسان بشكل عام في المجتمع العالمي؟
وعن حقوق النساء, خصوصا في عالمنا العربي اللاتي لا يتحدثن إلا عن ظلم القوامة لدى الرجل, وتتركز مطالباتهن في تمكين النساء, أين أصواتهن الآن في ظل صمت المنظمات الحقوقية العالمية فيما يخص حقوق المرأة والطفل الفلسطيني؟ أليست هذه جريمة في حق المرأة الفلسطينية من قبل من يتسلمن رئاسة هذه المنظمات العربية للمرأة في مجتمعاتنا العربية وتمتلئ بصورهن المجلات والصحف في ما يقال إنه احتفال بيوم المرأة العالمي؟! ولن أطالب منظمات حقوق النساء الدولية المنبثقة من مكاتب الأمم المتحدة, فتلك قضاياها خاصة بتمرير بنود (اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة) بما في بعضها من تناقضات مع تشريعاتنا الإسلامية! ومع الأسف نجد هذه المنظمات العربية للمرأة تسير في ركابها مغمضة العينين لا تعتز بتشريعات ربانية لتدافع عنها من سوء التطبيق البشري وتعززها كي يتحقق لها العدل في الأرض كما قادم هو من السماء, ولكن تبحث عن الأضواء الفسفورية البراقة لتعيش أكذوبة أنها تدافع عن قضايا المرأة العربية .
بالطبع ما أعنيه هنا بالأضواء الفسفورية يختلف تماما عن القنابل الفسفورية التي تذيب اللحم وتفتت العظم ولا تبقي سوى خصلات الشعر شاهدا على جريمة الكيان الصهيوني على الشعب الفلسطيني, وشاهدا حيا على خذلان الإنسان للإنسان تحت مظلات عالمية قيل إنها تدافع عن حقوق الإنسان!
ولا ننسى أنهم ربما سيكتفون بعبارات الاعتذار التي يرددها مجرمو الكيان الصهيوني بين فترة وأخرى عما حدث في غزة من قتل وتدمير, ويحرضون الشعب الفلسطيني على حركة حماس بأنها المعنية بهذه الجرائم لهذا العدو المجبول على القتل والتدمير.