FINANCIAL TIMES

الاستثمار الأجنبي شريان الحياة للشركات المتفرعة من الجامعات البريطانية

الاستثمار الأجنبي شريان الحياة للشركات المتفرعة من الجامعات البريطانية

على الخط الأمامي للكفاح العالمي ضد انتشار فيروس كورونا جهاز حجمه لا يتجاوز كثيرا حجم الهاتف المحمول، تم تطويره في مجمع أوكسفوردشاير للأعمال، بدعم من نيل وودفورد؛ الذي كان حتى وقت قريب نجما في عالم إدارة الصناديق في المملكة المتحدة.
يتم استخدام MinION، الذي صنعته شركة أوكسفورد نانوبور للتكنولوجيا، لتحديد تسلسل الحمض النووي للفيروس، للمساعدة على التعرف عليه وتتبع انتشاره. يعد هذا الجهاز أحد الأسباب الرئيسية التي تجعل العلماء قادرين على تحديد جينات الفيروس في غضون ساعات، مقارنة بالأيام التي استغرقها تحديد جينات سارس في عام 2003.
منذ إطلاقها في عام 2005، تمكنت "أوكسفورد نانوبور" من تحقيق عديد من الاكتشافات العلمية من خلال تحديد تسلسل الحمض النووي لمجموعة من الكائنات الحية، بداية من أمراض السرطان النادرة إلى زهور الزنبق. وبذلك برزت بصفتها واحدة من الشركات الخاصة القليلة في المملكة المتحدة التي تتجاوز قيمتها مليار جنيه استرليني. في أحدث حملة لجمع الأموال في كانون الثاني (يناير) الماضي بلغت قيمتها 1.7 مليار جنيه استرليني. وهي الشركة الرائدة في مجال مكتظ بشكل متزايد بالشركات المتفرعة من الجامعات – شركات ناشئة في مجال التكنولوجيا تعمل على تسويق البحوث الأكاديمية.
لكن على الرغم من أن القطاع لا يعاني نقصا في الاكتشافات العلمية التي يمكن أن يقدمها إلى السوق، إلا أن الضغط على التمويل المحلي كان يعني أن على المديرين التنفيذيين لهذه الشركات التودد لشركات الاستثمار الكبرى من آسيا وأمريكا الشمالية وأستراليا - بما في ذلك "جوجل فينتشرز"، و"هواوي"، و"تيماسيك".
سيمون كينج؛ شريك في شركة أوكتوبوس فينتشرز، وهي واحدة من شركات الاستثمار البريطانية القليلة في هذه السوق، قال: "تتمتع الشركات أمثال ’هواوي‘ وغيرها من كبار شركات الاستثمار مثل ’سوفت بانك’ بحضور نشط في المملكة المتحدة - فهي تبحث باستمرار عن شركات التكنولوجيا الصغيرة".
ارتفاع عدد الجامعات البحثية في المملكة المتحدة يعني أن لديها تاريخا طويلا من الاكتشافات العلمية التي أصبحت نجاحات تجارية. ساعدت جامعة مانشستر على تطوير ذاكرة الكمبيوتر في منتصف القرن الـ20، في حين أن الأكاديميين في جامعتي نوتنجهام وهول ابتكروا، على التوالي، التكنولوجيا التي تستند إليها ماسحات التصوير بالرنين المغناطيسي، وشاشات العرض البلوري السائل LCD.
لكن الجامعات البريطانية تفتقر عموما إلى البنية التحتية والميل إلى تحقيق أرباح ضخمة من الاكتشافات، على عكس نظيراتها في الولايات المتحدة.
بدأ هذا يتغير في عام 2001 مع تشكيل "آي بي جروب"، شركة تسويق الملكية الفكرية التي سعت إلى جذب رؤوس الأموال من المستثمرين البريطانيين وضخها في الشركات المتفرعة من الجامعات التي تجري البحوث الجامعية. وقعت الشركة على صفقات مع كثير من الجامعات، بحيث يكون لديها حق الاختيار الأول لتسويق اكتشافاتها، وطرحت أسهمها للاكتتاب عام 2003، وهي الآن مدرجة في مؤشر فاينانشيال تايمز 250.
في وقت قريب بدأت الجامعات نفسها في إنشاء شركات متفرعة منها خاصة بها، بما في ذلك جامعات مانشستر وكامبريدج وإمبيريال كوليدج لندن. في عام 2015 تم إطلاق شركة "أوكسفورد ساينسز إنوفيشن" التي لها علاقات مع جامعة أكسفورد. ما يقارب نصف جميع الشركات الفرعية التي نشأت خلال تاريخ جامعة أوكسفورد العريق تم إطلاقها في الأعوام الخمسة التي انقضت منذ إطلاق "أو إس آي".
في البداية كان التمويل يأتي في الأساس من مجموعة صغيرة من المستثمرين في المملكة المتحدة، مع ثلاث شركات لإدارة الأصول تدعم بشكل خاص كثيرا من الصفقات: "إنفيسكو" من خلال صناديق كان يديرها وودفورد سابقا، وشركة انتقاء الأسهم الجديدة "وودفورد إنفيستمنت مانيجمنت"، وصندوق التحوط "لانسدوان بارتنرز".
لكن أصبح من الصعب على هذه المجموعة الصغيرة دعم العدد المتزايد من الشركات الناشئة واحتياجاتها التمويلية. ومنذ أواخر عام 2017 بدأ المستثمرون أيضا في سحب أموالهم من صناديق "إنفيسكو" و"وودفورد"؛ ما جعل من الصعب عليهم تخصيص رأس المال. في عام 2017 قدمت "آي بي جروب" عرضا عدائيا لشركة توتش ستون المتفرعة من جامعة إمبيريال كوليدج لندن، في محاولة للسيطرة بشكل أكبر على السوق المجزأة وجذب المستثمرين الأجانب.
كانت عملية الاستحواذ أمرا لا مفر منه. هذه العملية كان يدعمها كل من "إنفيسكو" و"وودفورد" و "لانسداون"، التي كانت من بينهم تملك نصف "آي بي جروب" و 74 في المائة من "توتش ستون". سمحت الصفقة لـ"آي بي جروب" بتوقيع اتفاقيات مع جامعات في أستراليا وجذب الاستثمار من صناديق الثروة السيادية الآسيوية ونظم المعاشات التقاعدية الأسترالية.
كذلك بدأت شركات مثل "أوكسفورد نانوبور" و"أو إس آي" - كلتاهما مدعومتان من قبل "آي بي جروب" ومساهميها - في البحث عن مستثمرين جدد في الخارج. انهيار أعمال "وودفورد" العام الماضي والتدفقات الضخمة الخارجة من شركة "إنفيسكو" يعنيان أن البحث عن التمويل الخارجي أصبح أكثر إلحاحا.
في كل عام تعقد "آي بي جروب" مؤتمرا في الصين لعرض الشركات الناشئة التي تملكها، كما أنها قدمت بنك التعمير الصيني الدولي و"هوست بلس"؛ صندوق المعاشات التقاعدية للعاملين في مجالي الرياضة والضيافة في أستراليا، إلى "أوكسفورد نانوبور". شاركت كلتاهما في جولة تمويل 2018، جنبا إلى جنب مع "جي آي سي"؛ صندوق الثروة السيادية في سنغافورة.
قال جوردون سانجيرا؛ الرئيس التنفيذي لـ"أكسفورد نانوبور": "كان من المهم أن تكون هناك شراكة محلية (في الصين) لمساعدتنا على فهم السوق وثقافة الأعمال"، والعلاقة مع بنك التعمير الصيني الدولي سهلت العمل مع الحكومة فيما يتعلق بمواجهة تفشي فيروس كورونا.
في غضون ذلك، جذبت "أو إس آي" التمويل من بعض كبر يات شركات الاستثمار في مجال التكنولوجيا في العالم، بما في ذلك "جوجل فينتشرز" و"تيماسيك" و"تينسينت" و"هواوي". وهي الآن أكبر الشركات المستقلة المتفرعة من الجامعات في العالم.
قال جيم ويلكنسون؛ الرئيس التنفيذي المؤقت: "نعمل الآن على إنشاء 20 شركة متفرعة من الجامعات سنويا، بدلا من أربع شركات. حجم الأموال التي نعتقد أننا سنستثمرها في هذه الشركات كبير". أضاف: "عندما بدأنا الأمر توقعنا أن معظم الأموال ستأتي من المملكة المتحدة. لكن جميعها تقريبا تأتي من الخارج في الوقت الحالي".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES