ما نسو وقـُنعة ُ جدتي
غريب مجتمعنا الرياضي في كل شيء، غريب في مفاوضاته، غريب في لاعبيه، غريب في مجالس إداراته، غريب في أعضاء شرفه، غريب في إعلامه الرياضي، غريب في جماهيره وغريب في منتدياته فهو مجتمع قادر في لحظات أن يدخلك في حرب بسوسيّة رياضية. وكان آخر تلك الحروب حربان في أسبوع واحد حرب استقالة عبد الرحمن الزيد وحرب مانسو الـ 13، والأخيرة أكثرها ضراوة في أسبوعنا المُنيّل بستين نيلة هل مانسو اتحادي؟ هل مانسو أهلاوي؟، صراع الديّكَة والتصريحات النارية الكل يصرح ويردد مانسو أهلاوي لا مانسو اتحادي لا والله أهلاوي ثم يبدأ تماسك الأيدي بعد أن تأخذ تلك الملاسنات مجرى التهديد والوعيد على وزن ما كانت تردده جدتي الله يرحمها (والله لا آخذ قـُنعتي وأروح لأبوك) (القنعة معناها العباءة أو الحجاب بلغة أهل جدة القديمة) ولكن طورناها شوية في مجتمعنا الرياضي فأصبحت (والله لآخذ أوراقي وأطلع لرعاية الشباب) ويستمر مسلسل التراشقات الكلامية ( والله أنا فاوضت قبلك) ( لا والله والنعمة الشريفة أنا إللي فاوضت قبلك ) (والله أنت مخرِّب) ( لا والله أنت اللى مخرِّب ) ( روح وأشرب من البحر ). وفي آخرتها تتطور القضية إلى مضاربة ومزمار وكل واحد يقول للثاني (إذا في رأسك مانسو أوحبة سودة طـٌب الزقاق)، (الله يخرب بيتك يا منسو زي ما خربت بيتنا).
دعونا نسأل الطرفين المتنازعين ونقول لو أن فريق برشلونة فاوض على مفاوضات قطبي داحس والغبراء الأهلي والاتحاد ذلك اللاعب طيب الذكر هل سنأخذ أوراقنا ونطلع لرعاية الشباب أو نطلع للفيفا أو سيتم عرض الموضوع على حلف الناتو. ياسادة ياسكر زيادة احترفوا ولا تنحرفوا، سوق بيع وشراء اللاعبين في العالم سوق مفتوحة تتم فيها صفقات بملايين الدولارات يفوز بالصفقة الأقوى عرضا والأكثر جاذبية وما فيها والله أنا قبلك أو أنت قبلي كأننا نقف على زير مويه أيام مدارس الأربعينيات. يا سادة في تلك الصفقات لا توجد اجتماعات أساطين الأندية وجهابذتها لحل مشكلة القرن بلاعب زي البطيخة يا أحمر يا أقرع أو بالتمام والكمال لا أصفر و لا أخضر. ودعونا نخرج من هذه المواقف المضحكة وغيرها مثل القول (النادي الفلاني بيفاوض لاعب من كوكب المريخ بغاية السرية حتى لا يدخل أحد يخرّب الصفقة)، فإذا كانت السياسة السائدة في شراء وبيع اللاعبين سياسة لتخريب الصفقات فالأفضل ألا تكون في منظومتنا الرياضية ولكنها دعونا نمارسها في سوق الحراج أو النخاسه أو سوق السمك كما يعيّرُنا به المعيّرون ولنتوقف عن هذه المعايب حتى لا نصبح مضحكة رياضية. والله يذكرك بالخير يا حسن جمجوم عندما أسررت لي يوما أن أحد أعضاء الشرف البارزين في أحد الأندية دخل في عراك مالي على أحد اللاعبين مع ناد آخر وحلف بالله أنه لن يترك هذا اللاعب يذهب إلى النادي المنافس حتى وإن أجلسه على دكة الاحتياط فوا مصيبتاه .
إن ما يجري على الساحة - التي نسميها رياضية - من تراشقات يؤكد لنا غياب الاحترافية في منظومتنا الرياضية فأصبحت الأمور تغـُم إللي ما ينـْغم. وسامحونا على الكلام بالبلدي فالوضع يجعلنا نخرج من طورنا والله يرحمك يا جدتي كنت عندما تضعين قنعتك وتهددين فإن تهديدك يتم عن بينة وعن حق وعن نظام واحترافية ومرجعية فأين أنت لتعلمينا مبادئ الاحتراف؟!