مجازر الكيان الصهيوني .. إلى متى؟

المجازر الصهيونية في غزة بأسلحة أمريكية ومباركة منها وبغطائها السياسي وبتمويلها وبمبادراتها السياسية, وسبقت هذه المجازر إعلانات مسبقة تعلنها حكومة الكيان الصهيوني عدة مرات في أيام قلائل وترددها امرأة تكره الإسلام والعرب لا تحمل إلا الشؤم والخراب لأهلنا الفلسطينيين والأبرياء في غزة ومنهم الأطفال الذين كانوا قد أنهوا يومهم الدراسي وفي طريق عودتهم إلى منازلهم الخالية من كل شيء بفضل الحصار الظالم الذي استمر ما يزيد على أربعة أشهر وأمام العالم وصمته.
أما المجتمع الدولي فلقد رضي، ومن خلال معاييره المزدوجة أن يقوم بدور شاهد الزور، الذي يُغْمِضُ العين عن جرائم الاحتلال، بل ويكافئه على حصاره وعقوباته الجماعية، كما فعل الاتحاد الأوروبي أخيرا بتوثيق علاقاته مع الدولة الصهيونية بعد أعوام من حصارها غزة، وفرضها العقوبات الجماعية على سُكَّانها.
هذه هي المحرقة الثانية التي تقوم بها قوات الاحتلال الصهيوني وتشعل بها سماء غزة، التي جاءت بعد المحرقة الأولى في 28 شباط (فبراير) الماضي 2008 التي قتل فيها 132 فلسطينيا من بينهم 26 طفلا, ووصفها نائب وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك حاييم رامون بـ"المحرقة"، تأتي هذه المرة بعنف أكبر فاق ضحاياها في ساعاتها الأولى ضعف ضحايا المحرقة الأولى بعد 24 ساعة من تبشير وزيرة الخارجية الصهيونية ليفني بها من قلب القاهرة. جاءتْ هذه المجزرة مع كل المخالفات والتجاوزات الصهيونية من استيطان وبناء جدار الفصل، وتصريحات ليفني حول فلسطينِيي 48، ومع جرائم الحصار والاغتيالات الإسرائيلية.
ولا ننسي تجاهل شيمون بيريز أن الاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية هو سبب الصراع في المنطقة وليس التطرف الديني, وغياب الحداثة فيها, كما قال في حديث له في إحدى الصحف.
وذكره أن الوضع في الشرق الأوسط سيرى بشكل مختلف خلال ثلاث سنوات، حيث إن الأمور نضجت للتوجه نحو السلام!!
ولا يمكن معرفة أي سلام سيتم علي أشلاء الجسد الفلسطيني واغتيال الضمير المسلم ؟ من خلال هذه المجازر والغارات بالطائرات الحربية (إف 16) التي أحدثت في ثوان دمارا شاملا كما قيل لم تشهده المدينة من قبل.. القنابل انهمرت على جميع المقرات الأمنية من شمال غزة إلى جنوبها، وعلى المساجد والمنازل الآمنة, وبدت غزة ككتلة من السواد نتيجة الحرائق التي اندلعت من المقار والمنازل التي تم قصفها. وأسفرت وأدت هذه المجازر إلى استشهاد 275 فلسطينيا وإصابة أكثر من 800 آخرين بجروح في يوم ونصف فقط!! وبثت لقطات تلفزيونية لعشرات الشهداء والجرحى ممزقين وممدين في الشوارع، وتحت أنقاض المباني التي تم قصفها. حيث كان توقيت العمليات في وقت الذروة وقت خروج الطلاب من مدارسهم، وتم قصف أكثر من 30 هدفاً, وكانت المناظر مروعة لمن في قلبه ذرة من الإيمان ومن يسري في جسده دم مسلم ومن يعرف معنى الإنسانية التي تتحرك من أجلها الحشود من أجل (حقوق الحيوان أو حماية تماثيل بوذا من الهدم)!
إن مشاهد جثث الشهداء وهي مقطعة, والدماء تغطي الأرض, يفترض أن تحرك الجماد وليس الإنسان. منذ السبت بدأت المجازر التي لا يزال الكيان الصهيوني مستمرا فيها رغم النداءات بالإدانة والشجب والاستنكار التي لا تسمن ولا تغني من جوع, خصوصا مع كيان لا يفهم إلا لغة القوة والعدوان. يوم السبت كدت أتيقن أن هناك خللا في منظومتنا التربوية وأن مخرجاتها لم تعد تلك المخرجات التي تميز بين العدو والصديق, مما أوجد نماذج منها تبكي لاعتقال شاليط الجندي الصهيوني وتفرد المقالات المتعددة مطالبة بإطلاق سراح هذا الأرنب الوديع!! والآن وهذه المجازر تفتت الأجساد المسلمة, ومخلفات هذه الغارات لا تفرق بين جسد طفل أو رجل أو شجرة زيتون, فدخان الحقد والجبروت والتدمير لدى هذا الكيان الصهيوني أفقدها البصر والبصيرة والصمت العربي أسهم في ذلك, خصوصا في شهور الحصار المرعبة. ولن تتوقف هذه المجازر إذا فشلت هذه الغارات في كسر شوكة حماس، أو فشل التقدم على الأرض فإن ذلك, كما يرى المحللون العسكريون, سيؤدي إلى مزيد من المواجهات العنيفة وإلى مزيد من القتل والتدمير طالما أن هناك مهادنة عالمية تتناقض مع أبجديات مبادئ الأمم المتحدة ودفاعها عن حقوق الإنسان إذا كان الموضوع يتعلق بإنسان غير مسلم!!
رغم هذا الكوارث التي تصيبنا وتمزق كياننا كانت ردة الفعل عند معظم القنوات العربية مزيدا من الإلهاء وبث برامجها الهابطة والأغاني المثيرة للغرائز, والأفلام الغرائزية!! وكأن ما يرتكب من مجازر في حق أهلنا في غزة لا يعنينا ولا يتعلق بمصيرنا بصفتنا مسلمين, كنا نتعلم أن المسلم للمسلم كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى, فأين تطبيق هذا المضمون من حياتنا وإعلامنا؟
إذا كنا لا نمتلك القوة العسكرية التي نواجه بها هذا العدوان على أرض غزة وتهدد الأقصى وتوغل في الاستهانة بردود أفعالنا فعلى الأقل أن نتمسك بإعلام هادف بعيد عن السفاسف في زمن انهيار القيم وفقد المعايير الأخلاقية من سلم ممارساتنا السلوكية.
مجزرة غزة هي الرد الصهيوني العملي على أي محاولات عربية للمبادرات السلمية، وهي نموذجٍ عمليٍّ للشرق الأوسط الجديد، الذي يُرَادُ للكيان الصهيوني الذي يمتلك السلاح النووي، ويقَابِلُ أيّ إزعاج أو إيذاء له ببراكين من النيران والمجازر، كما يجري الآن في غزة, أن يكون هو فقط (المنطقة الآمنة) ولو تم هذا على أشلاء المسلمين في فلسطين وما جاورها من دول!
إذا سقطت غزة وانهارت مقاومتها، فسيدفع العرب ثمنًا باهظًا من كرامتهم ومستقبلهم ولن يتحقق أي سلام في المنطقة.
رحم الله الشهداء وأشلاء أطفالهم الذين غسلت دماؤهم أرض غزة, ونواح الثكالى سيبقى الصوت الذي سيؤرقنا إلى أن نستعيد كرامتنا وحقوقنا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي