هيئة الصحفيين السعوديين في دورتها الجديدة
ظهرت نتائج الانتخابات لأعضاء مجلس إدارة هيئة الصحفيين السعوديين في دورته الثانية بعد عملية اقتراع قيل إنها ناجحة اختار فيها نحو 326 صحافيا أعضاء مجلس إدارة الهيئة الجديد. وكما نعرف أن هذه الهيئة مستقلة لها اعتبارات قانونية، وكما ذكر عند تأسيسها أنها تعنى في الدرجة الأولى بمهنة العمل الصحافي، وليست معنية برؤساء التحرير أو المسؤولين عن الصحافة السعودية أو وزارة الإعلام. وأن عضوية الهيئة تشمل كل من يمتهن العمل في الصحافة السعودية وتشمل الإطار العام لجميع العاملين في المؤسسة الصحافية.
ومن أهدافها تنمية وصقل مهارات وإمكانات الإنسان السعودي العامل في المؤسسة الصحافية وحفظ حقوقه المهنية والإدارية. وسبق أن ذكر وكيل الوزارة عند تأسيسها قبل خمسة أعوام تقريبا أن هناك هيئة داخلية محددة في هذه الهيئة تبين من هو الشخص الذي يمكنه تولي رئاستها (وليس شرطاً أن يكون رئيس تحرير)، إضافة إلى أن لها جمعية عمومية تختار مجلس الإدارة وبالتالي تحدد الأمين العام ومساعده وغير ذلك، وكل دورة عمل تستغرق أربع سنوات. وبالعودة إلى تاريخ الهيئة فقد بدأت مسيرة الهيئة تحديدا في 25 كانون الثاني (يناير) 2003، حينما أعلن وزير الإعلام السعودي آنذاك الدكتور فؤاد الفارسي تشكيل هيئة الصحفيين السعوديين، وتعيين الأستاذ تركي السديري رئيسا لها.
ووضع من ضمن أهم بنودها العناية بشؤون الصحافيين وخدمة مصالحهم المشتركة، وتوثيق العلاقات بينهم بما يكفل الارتقاء بمستوى المهنة، وتنمية قدرات منسوبيها. ولكن هذا البند حسب بعض الصحافيين السعوديين أنه معطل ولم يفعّل من قبل الهيئة.
ومن قراءاتي حول فعاليات هذه الهيئة أو خدماتها للصحافيين لم أجد إجماعا على حسن هذا الأداء، خصوصا من العاملين في الصحافة أو الكتاب، وقد سبق أن كتب الأستاذ مندل عبد الله القباع عن هذا موضحا أهمية إنشائها، ووضح أنه: (كان لكاتب هذا المقال شرف الانضمام إليها وسداد الاشتراك السنوي واستخراج بطاقة العضوية دون تقديم أي خدمة، وما مصير قيمة هذا الاشتراك على مدى ثلاث سنوات، وحبذا لو أن الاشتراك وتسديد الرسوم بعد جاهزية تقديم الخدمات، إلا أننا ما زلنا نترقب حدوث شيء باعتبارها هيئة تضم ذوي المصلحة الواحدة والمهنة الواحدة وتقديم أوجه الرعاية لهم (اجتماعياً وصحياً ومهنياً... إلخ) والمساعدة في الحصول على شروط أفضل لاستمرارية التقدم في ميدان العمل.. مع العمل على رفع الكفاية المهنية للصحافي والقيام بخدمات اجتماعية بشروط أفضل (في الإسكان والمواصلات وإعانة الزواج والمرض أو معاش الوفاة، أو العلاج في الداخل أو الخارج بتحقيق الرفاهية لجموع الصحافيين وعقد الاجتماعات الدورية في مواعيدها والاشتراك في المؤتمرات والندوات في الداخل والخارج). والأمل يحدونا في تحقيق ما نصبو إليه ونرجوه).
ومن جولة سريعة على ما يكتب في الإنترنت وهي البديل الآن لنشر ما تمتنع الصحف عن نشره خصوصا إذا كان لا يمتدح هذه الهيئة أو يشيد بها سنجد أن هناك شبه إجماع عن عدم الرضا عن حصاد هذه الهيئة على مدى السنوات الماضية، فكما يرى الكاتب الدكتور محمد الهرفي أنه ليس لدينا هيئة صحافيين حقيقية، الهيئة لدينا لموظفي الصحف؛ لكن ليست للصحافيين، واصفاً أنه عيب كبير في هيئتنا.
وأضاف أن الوضع الحالي للصحافيين المنتمين للهيئة لم يضف أي شيء لمن ينتمي إليها والانضمام إليها ليس فيه أي فائدة. كما شرح صحافيون سعوديون أسباب عدم اشتراكهم في عضوية هيئة الصحفيين بالقول إنهم غير مؤمنين بدور الهيئة أو بإمكانية حمايتهم من أي حادث. وعبروا عن استيائهم من عدم الوقوف مع زملائهم الذين تعرضوا للفصل أو للإيقاف, وطالبوا الهيئة بعدم صناعة الحجج بالقول إن الذين تعرضوا لحوادث لم يكونوا أعضاء في الهيئة ولهذا لم يحظوا بالتضامن وتساءلوا: هل المذيعة اللبنانية مي شدياق عضوة في الهيئة؟.
ويرون أن هناك غموضا في أدائها ولا يعرفون ما دور الهيئة ولا يعرفون شيئاً عنها سوى مواعيد الجمعية العمومية ومواعيد الانتخابات. وهناك من يرى أن الهيئة ذهبت إلى غير ما أسست له فتركت الصحافيين وهمومهم وذهبت إلى استقبال النقابات الصحافية فقط، ويعتقدون أن هذا سببا كافيا يجعلهم لا يرشحون ولا يتقدمون بطلب العضوية التي لا تسمن ولا تغني من جوع.
وسابقا تم انضمام عضوتين لمجلس إدارة الجمعية، وكان هناك تذمر من قبل الإعلاميات اللاتي رشحن أنفسهن للدورة السابقة واستغرابهن كيف لا تفوز بالأصوات إلا اثنتان تنتميان لصحيفة "الرياض" فقط! في الانتخابات الأخيرة ذكر أنه من أصل 28 إعلامية يحق لهن التصويت والاقتراع في الهيئة حضرت 13 إعلامية متفرغة، فيما حضرت الاجتماع إعلاميات أخريات غير متفرغات أو لا يحق لهن التصويت. وفازت نورة الحويتي بـ 64 صوتا، وهي من العاملات في صحيفة "الرياض" أيضا.
والسؤال: ما الذي استطاعت العضوان السابقتان أن تقدماه لزميلاتهن الإعلاميات في ظل عدم رضا الإعلاميين الرجال عن أداء الهيئة؟ حسب علمي أن إحداهما انتقدت هذا الدور ونشرت انتقادها ذلك.
وفي دفاعه عما قيل حول الهيئة وأنها لا تقف مع الصحافيين الذين يتعرضون لأزمات أثناء عملهم ذكر الدكتور عبد الله الجحلان الأمين العام للهيئة في دورتها السابقة كما نشر منذ عامين تقريبا قوله: إذا كان الصحافي له موقف مع المؤسسة الصحافية فينظر إلى الجانب القانوني، وإذا كانت المؤسسة التي يعمل بها الصحافي تجاوزت نظام العمل والعمال الذي يحكم المؤسسات الصحافية، فتتدخل الهيئة من خلال تقديم الاستشارات القانونية أو الاتصال بأطراف الموضوع وحل الإشكالات ودياً. في حين اعترف الجحلان أن هناك بعض المعوقات التي واجهت عمل الهيئة. لكنه نفى أن يكون هناك تقصير من قبل الهيئة تجاه الصحافيين المنتسبين لها بقوله إن الهيئة أسهمت في مساعدة بعض الصحافيين الذين واجهوا مشكلات مع مؤسساتهم، ولم تستطع حل الإشكالية لعدم الاختصاص من خلال إتاحة الفرصة بالتوجه إلى مكاتب العمل للقيام بالإجراء اللازم. وأضاف أن الهيئة تدخلت في بعض مشكلات الصحافيين بناء على طلبهم، ولكن لم يتم الإعلان عن ذلك تلبية لرغبة عدد منهم. ولكن هذه الآراء لم تحظ بأي قبول لدى عدد من هؤلاء المتذمرين من أداء الهيئة من الصحافيين الذين لا يمكن أن نتغافل عن آرائهم فهم جزء من منظومة الصحافة ومن أجلهم أسست هذه الهيئة.
أيضا كتبت الدكتورة فوزية أبو خالد منذ عام تقريبا مقالا عن الهيئة ودورها، حيث ذكرت نقاطا مهمة منها قولها: (لم يصلني من هيئة الصحفيين منذ تأسيسها وبعد تلك الدعوة اليتيمة بدفع رسوم العضوية أي دعوة ولو مجرد ورقة لحضور جمعيتها العمومية ناهيك من مسألة المشاركة في وضع لائحتها التنظيمية أو التعرف إلى قوانينها أو آليات عملها أو المشاركة في أي من لجانها العاملة إذا كان يوجد فيها أصلاً مثل هذه اللجان مثل لجان نقابية وأخرى تدريبية أو دفاعية أو أي صورة توضيحية من صور كيفية تمثيل الهيئة للصحافيين والكتاب. بل إنني لا أزال ومثلي الكثير من الصحافيين والكتاب لا نجد تفسيراً لسؤال محير (وأستدرك تحسباً لأقول إنه سؤال استفساري وليس لا سمح الله سؤال إدانة كما أنه ليس حتى سؤال احتجاج أو استنكار) وهو سؤال كيف تكون رئاسة هيئة الصحفيين ونيابتها لصحافيين يقومون برئاسة كبريات الصحف "الرياض" و"الجزيرة" إذا كان المفترض نظرياً على الأقل أن هيئة الصحافيين تمثل القطاع العريض من الصحافيين والكتاب الذين يعمل عدد كبير منهم في هذه الصحف نفسها وتريد تنظيم واجباتهم وحقوقهم والدفاع عنها لدى الصحف؟. وهل لا يعني ذلك أننا نتوقع من البشر فوق طاقتهم ليكونوا الخصم والحكم في أي إشكالية قد تواجه أياً من الصحافيين والكتاب في تلك الصحف أو مع رئاساتها أمام تلك الهيئة المحتكمة لرئاسة الصحف نفسها؟ قد يقول قائل وهو على حق (إنها الديمقراطية وأصوات الصحافيين والكتاب هي التي أوصلت نفس رؤساء الصحف ليترأسوا هيئة الصحفيين). إلا أن المنطق والأعراف الديمقراطية تقول إن الديمقراطية ليست إلا مجرد أداة لتمكين الأغلبية من حقوقها، وليست قيداً ولتلك الأداة شروطها التي كان أبسطها في هذا السياق أن يكون هناك شروط للترشيح أو الترشح فلا يكون مرشحو رئاسة هيئة الصحفيين هم الرؤساء في الصحف. وفي هذه الحالة لهم الخيار إما أن يبقوا في مراكزهم الرئاسية في الصحف وينتموا إلى هيئة الصحفيين كأعضاء عاديين وإما أن يتخلوا إن أرادوا الترشيح عن مواقعهم الرئاسية في الصحف ليخوضوا انتخابات هيئة الصحفيين بخبرتهم ومهنتهم الصحافية ليس إلا. وأخشى ما أخشاه أنه جرى التغاضي عن هذا الشرط البسيط طمعاً فيما قد تدره (وجاهات رئاسة الصحف) برئاستها للهيئة أيضاً من مال تبرعات وأعطيات بدونه لن يكون بالإمكان بناء المواقع (الفخمة) لمقر هيئة الصحافيين أو ما إليه من متطلبات (الفخامة) التي بطبيعة الحال لن تكفي لها اشتراكات العضوية السنوية) .
ـ أنا أتساءل مثلها لماذا يكون الأعضاء من رؤساء التحرير وهم على رأس العمل؟ مع أن النظام لا يشترط ذلك وكيف ستتحقق الحيادية في أداء هذه الهيئة؟ مع حسن ظني بنشر مقالتي رغم أن رئيس التحرير الأستاذ عبد الوهاب الفايز قد انضم إلى مجلس الإدارة الجديد.