دَرْدَبُوهَا دَرْدَبَه
(أسطوانة مشروخة) مثل قديم يصف الأسطوانة الموسيقية التي تصاب بشرخ يؤدي عند تشغيلها إلى ترديد مقطع أو كلمة إلى مالا نهاية ، أوردته هنا كمثل ينطبق بطريقة أو بأخرى على ما تعانيه عديد من الأندية مما يسمى نفسية اللاعبين فأصبح ترديد تلك الجملة أسطوانة مشروخة تتردد على مسامعنا من قبل اللاعبين والإدارة والجمهور وشماعة تلقى عليها هزائم الفرق وخسارة البطولات.
لقد دار نقاش حاد بيني وبين عدد من أعضاء مجلس إدارة أحد الأندية الممتازة حول حقيقة العامل النفسي للاعبين وتضخيمه واعتباره شماعة أو كما وصفه بعض الحاضرين بالإرهاب الفكري الذي يمارسه بعض اللاعبين على إداراتهم لتنفيذ رغباتهم وإخفاء فشلهم مع كونها أكذوبة استمرأتها فئة من اللاعبين الوطنيين والأجانب لتغطية فشلهم ورددها خلفهم الإداريون حتى صدقتها أنفسهم.
إنه، ومن واقع الممارسة الفعلية أكاد لا أختلف كثيرا مع تلك الآراء مع عدم إغفال أهمية العامل النفسي وانعكاساته على أداء اللاعبين إلا أنني أميل إلى الرأي حول سوء النية في استخدام ذلك العامل من قبل بعض اللاعبين وغيرهم وأكاد أجزم أنها من أكثر شماعات أسباب الفشل تداولا في أنديتنا وإداراتها المغلوبة على أمرها لأسباب كثيرة من أهمها سوء التخطيط وضيق ذات اليد وغياب الحس الاحترافي لدي اللاعبين والإداريين ، لقد كان ولا يزال من المحرمات أن تتحدث أمام اللاعبين عن أي مشكلات تظهر بين أعضاء مجلس الإدارة أو حتى اختلاف الرأي المحمود بينهم خوفا على نفسية اللاعبين ومن المحظورات إظهار أي خلاف بين مجلس الإدارة وأعضاء الشرف حتى وإن كان يسيرا خوفا على نفسية اللاعبين رغم أن كثير من اللاعبين لا يعرف من أعضاء الشرف إلا من يدفع من جيبه الخاص ومن المحرمات أن تتحدث أمام اللاعبين عن إمكانية أو عدم إمكانية تجديد عقد لاعب بعينه خوفا على نفسية اللاعبين ومن غير المرغوب توجيه اللوم إلى أي لاعب غير منضبط خوفا على نفسية اللاعبين ومن الجرم أن تتعثر في تسليم اللاعبين مكافأتهم فور انتهاء المباراة خوفا على نفسية اللاعبين ومن الباطل أن يعرف اللاعبون أن عددا من أعضاء مجلس الإدارة قد احترفوا الشحاذة وإراقة ماء الوجه لتدبير مكافآت الفوز لهم من باب الخوف على نفسية اللاعبين ومن عظائم الأمور أن تفصح عن عقد اللاعب الأجنبي رغم تفوقه واحترافيته خوفاً على نفسية اللاعبين ومن قلة الأدب أن تجزر لاعباً أجنبياً حتى وإن رمى في وجه الإدارة أو زملائه علب المشروبات خوفا على نفسية اللاعبين. لقد أسقط بعض اللاعبين إدارات ومدربين بهزيمة يعزونها إلى تردي نفسية اللاعبين حتى وإن كان اللاعب محمولا على كفوف الراحة خلال الـ 48 ساعة التي كان يقضيها في المعسكر رغم أن تلك الفئة من اللاعبين يئن في الأصل تحت ضغوط ليس للنادي فيها حظ كضغوط أسرية أو عاطفية ومشكلات مالية وأمور أخرى لا يتسع لها المجال وليس من الأدب ذكرها والتي في النهاية سينقلب سببها إلى عدم احترام الإدارة المسكينة لنفسية اللاعبين ، لذا يجب أن تظل صامتا ولا تتكلم ولا تتنفس ولا تنتقد بل تعامله كطفل بغاية الهدوء حتى لا يصرخ ويأتي الجمهور والصحافة فيتهموك بناء على اتهامهم بقتل نفسيتهم وحماستهم وخسارة المباراة وبطولة الموسم وإن دلعتهم وطبطبت على ظهورهم ودحرجتهم وهدهدتهم (وليس هددتهم حتى لا أخرج عن النص) وغنيت لهم الأغنية القديمة التي تغنيها الأمهات عند تنويم أطفالها لترتاح منهم ومن مشكلاتهم (دَرْدَبُوهَا دَرْدَبَه حسّبوها حَبْحَبه).
خلاصة القول يا سادة إن كل ما نراه ونسمع به من شماعات نلقي عليها فشلنا لا يخرج عن كونه غياب المؤسساتية من منظومتنا الرياضية والتي تتطلب أن تكون هناك إدارة محترفة ولاعب محترف ونظام يحمي كلا الطرفين ودعونا نخرج قليلا من هذه الخزعبلات.
والله المستعان.