جمعية الحاسبات السعودية .. جمعية عمومية "خاصة جدا"
دعت "القواعد المنظمة للجمعيات العلمية في الجامعات السعودية"، في مادتها الثامنة، حول اجتماعات الجمعية العمومية، إلى أن "تعقد (الجمعية) اجتماعا عاديا مرة كل عام بدعوة من رئيس مجلس الإدارة، ولا يكون الاجتماع صحيحا إلا بحضور أغلبية الأعضاء". ونصت التعليمات الواردة في خطاب وزير التعليم رقم 2754 وتاريخ 13/4/1425هـ، المشار إليه في التعميم الموجه من وكيل جامعة الملك سعود للدراسات العليا والبحث العلمي بتاريخ 24/10/1425هـ، لجميع الجمعيات العلمية التابعة لجامعة الملك سعود، حيث نصت تلك التعليمات على أنه "يتعين عند تحديد اجتماع الجمعية العمومية لترشيح أعضاء مجلس إدارة الجمعية أو أي من اجتماعات الجمعية العمومية وفقاً لما تقضي به القواعد المنظمة للجمعيات العلمية، دعوة جميع الأعضاء العاملين الذين تتكون منهم الجمعية العمومية للحضور قبل الموعد المحدد بوقت كاف، وبالوسيلة التي تضمن وصولها إليهم".
في الخامس والعشرين من شهر ذي القعدة من عام 1429 هـ، يكون قد مر على انتخاب مجلس الإدارة الثامن لجمعية الحاسبات السعودية، التابعة لجامعة الملك سعود، عام واحد بالتمام والكمال. وعليه يكون أعضاء الجمعية قد استحقوا عقد جمعيتهم العمومية الأولى في هذا المجلس. وعليه يفترض أن تكون الدعوة لعقد الجمعية العمومية قد وصلت لمعظم أعضاء تلك الجمعية.
أنا لست عضوا في الجمعية، فقد حرمت من عضويتها بقرار رئاسي، ولكن من خلال معرفتي بعدد كبير من أعضاء الجمعية يبدو أن تلك الفرضية لا تستند إلى واقع عملي، فكل من اتصلت به من أعضاء الجمعية العاملين لم يتلقوا بعد مثل تلك الدعوة، ويبدو أن تلك الدعوة لن تجد طريقها لهم، فالدعوة لعقد الجمعية العمومية هو آخر أمر يمكن أن يشغل بال مجلس إدارة الجمعية، عدا أن يخطو خطوة واحدة تجاه تحقيقه. هذا التشاؤم منبعه تجربة شخصية سابقة مع إدارة الجمعية في المجلس السابع.
التجربة الشخصية التي عاينتها وعشت بعضا من فصولها وعرفت معظم أبطال أحداثها، ملخصها أنه في أحد اجتماعات مجلس إدارة الجمعية السابع القليلة الانعقاد، طالب أحد أعضاء المجلس المحترمين وبإلحاح، ضرورة عقد الجمعية العمومية الأولى في ذلك المجلس. بعد هذا الإلحاح من العضو الكريم، وافق رئيس المجلس على عقد تلك الجمعية العمومية. وتم عقد تلك الجمعية العمومية في الربع الأول من عام 1428 هـ في ليلة ظلماء وفي سكون مطبق وبدون جلبة لافتة للنظر.
المحزن في الأمر ليس كون الجمعية العمومية تم عقدها بعد أكثر من عام من استحقاقها، أي بعد أكثر من سنتين من استلام المجلس السابع لمهامه، ولا لأنه تم عقدها في صمت مطبق وتعتيم كامل، ولا لأنه تم فيها إبراء ذمة الرئيس وأمين ماله (الوحيدان اللذان حضرا تلك الجمعية من مجلس الإدارة) وإقرار مصروفاتهما والموافقة على الآلية التي تتم بها صرف مداخيل الجمعية. المحزن في الأمر أن تلك الجمعية العمومية الوحيدة في ذلك المجلس لم يعلم بعقدها أحد، والحضور لم يتعد أصابع اليد الواحدة، وبعضهم كان حضوره مصادفة. ومن باب العلم بالشيء، فقد كان عدد أعضاء الجمعية عند استلام المجلس السابع لإدارتها يفوق الـ 800 عضو عامل.
لنغض الطرف قليلا عن الغالبية العظمى من أعضاء الجمعية ممن كان يحق لهم حضور الجمعية العمومية، والذي قد تكون أحدهم، ولنركز على النخبة منهم. لنركز على أعضاء مجلس الإدارة الذين كافحوا للوصول لهذا المنصب.
معظم هؤلاء، أي أعضاء مجلس الإدارة، كانوا هم آخر من يعلم عما كان يجري في الجمعية أصلاً، فضلاً عن آلية تنظيم الجمعية العمومية المشار إليها، وموعد ومكان انعقادها.
نائب الرئيس في المجلس، لم يكن على علم بأن هناك جمعية عمومية تم عقدها أصلا، ولم يعرف عنها إلا بعد مرور أربعة أشهر من انعقادها. أمين سر الجمعية، الذي يفترض أن يكون على علم بجميع أسرار الجمعية وما يدور خلف أبوابها المغلقة دائما، لم يعرف إلا بعد أشهر أن هناك جمعية عمومية تم عقدها. أمين السر هذا علم بذلك الاجتماع عن طريق المصادفة ومن مصادر خارج جدران الجمعية العتيدة. أمين المال كان حاضرا لأن له دورا مهما يجب أن يمارسه في ذلك الاجتماع. عضو مجلس الإدارة الذي ألح على عقد الجمعية العمومية، وبغرض إضفاء الشرعية على ذلك الاجتماع، أبلغ هاتفيا قبل دقائق من انعقادها، وعند حضوره كان الاجتماع قد أنهي وأقر ما أريد له أن يقر فيه. البعض الآخر من أعضاء مجلس الإدارة علم بطريقة أو أخرى أن هناك اجتماعا سيعقد، ولكنهم لم يعرفوا أين ومتى وكيف. الكادر الإداري في الجمعية، إن كان قد علم، فقد كان ملزما باتباع سياسة "لا أسمع لا أرى لا أتكلم". أحد أعضاء الجمعية ممن كان يشغل في السابق منصبا إداريا فيها، كان مارا مصادفة بمبنى إدارة الجمعية، وأشعر بصوت خافت أن هناك اجتماعا للجمعية العمومية سيعقد بعد دقائق، وأن له أن يحضر إن أراد.
إذا كان هذا هو حال نائب الرئيس وأمين سر الجمعية مع أمر في أهمية انعقاد الجمعية العمومية، فلماذا الشكوى من باقي أعضاء المجلس، ومن باب أولى لماذا يشتكي أعضاء الجمعية إن تم عقد جمعية عمومية ولم يدعوا لها؟ أو إن لم تعقد أساسا جمعية عمومية. إن الجمعية العمومية، إن عقدت، فهي تناقش أمورا تكون معرفة رئيس الجمعية بها أكثر ورؤيته فيها أحكم وقراراته فيها أصوب، ولا داعي لإشغال أعضاء الجمعية ولا أعضاء مجلس الإدارة بحضور اجتماع تتم فيه مناقشة أمور قد حسمت فيها القرارات واتخذت فيها التوصيات.
إن كنت عضوا في جمعية الحاسبات السعودية، فلا تشغل بالك بالجمعية العمومية ولا تترقب موعد انعقادها لأنها ليست لك. لكي تصلك الدعوة لحضور الجمعية العمومية، ولكي يسمح لك بحضورها، يجب عليك أن تكون عضوا مميزاً في مجلس الإدارة عندها ستكون بالتأكيد مدعوا لحضور "جمعية عمومية خاصة جدا"، ولك الحق في قبول تلك الدعوة أو رفضها.